الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تقدم لي شاب ذو خلق لكنه مدخن فرفضته.. فما توجيهكم؟

السؤال

بعثت لكم قبل هذه المرة استشارة، وقد طلبتم مني توضيحات أكثر، أنا فتاة أبلغ من العمر 27 سنة، وقد خطبني شاب لا أنكر أنه ذو أخلاق، ولكنه ليس متدينا، بمعنى أنه يقوم بالفرائض فقط لا أكثر، ويدخن، كما أن مستواه التعليمي أقل مني إلى درجة أني أحسست بالفرق، وهذا قد أزعجني كثيرا.

علما أني فتاة -والحمد لله- ملتزمة أصلي الفرائض والنوافل، وأقوم الليل، ومتعلمة، وكل ما أتمناه هو زوج صالح يعينني على أمور ديني ودنياي.

تحدثت إلى هذا الشاب في المرة الأولى، وقد أخبرني أنه سيقلع عن التدخين قبل الزواج، وعندما تحدثت إليه للمرة الثانية، وسألت إن كان بدأ في الإقلاع عنه أخبرني في إجابة مختصرة: أنه يحاول الإقلاع عنه، ثم قال لي سيقلع عنه حقيقة عندما أوافق عن الخطبة، كما أنه بدأ يقدم لي الأعذار، وأن مشاكل الشغل هي التي تحثه على التدخين، شعرت في تلك اللحظة أنه ليس صادقا، كما أني استخرت العديد من المرات، واستشرت شخصين أثق بهما كثيرا، وهما يعرفانه جيدا، فأخبراني بأنه من عائلة طيبة، وأنه على أخلاق إلا أنهما لم يشجعا على الارتباط به؛ لأن مستواه التعليمي أقل مني بكثير.

كما أنه لم يكن ناجحا في دراسته، وأنه حاول تعلم مهنة صناعة الرصاص، ولكن لم يفهمها ولم ينجح فيها، فكرت كثيرا وأحسست أنه بإمكانه أن يخطبني من هو أفضل منه في الدين، وفي المستوى التعليمي، فرفضته، فهل أنا آثمة؟ لأني شعرت بالخوف بعد رفضه، أرجوكم أفيدوني؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمة الله حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحابته ومن والاه.

نرحب بك في الموقع، ونشكر لك هذا الحرص على التواصل المستمر، ونشكرك كذلك على هذا التوضيح المفيد في المسألة، ونحب أن نقول: الفتاة مُخيّرة في أن تقبل أو أن ترفض، كما أن الشاب مُخيّر في أن يقبل، أو يرفض، وليس عيبًا في الفتى أن ترفضه الفتاة، كما أنه ليس عيبًا في الفتاة أن يرفضها الفتى، والشريعة ما شرعت الخطبة، وما شرعت التعارف بهذه الطريقة إلا من أجل أن يسأل كل طرف عن الطرف الثاني، ولا نريد المجاملة في هذه المسألة؛ لأن رحلة الحياة الزوجية طويلة، ولها نتائج، ولها ثمار، وفيها أطفال، وفيها علاقات اجتماعية، وفيها مشوار طويل، قد يمتد بأهل الصلاح إلى الآخرة، {والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم}.

لذلك الإسلام يريد أن يقيم هذه العلاقة على أسس متينة، لا تصلح فيها المجاملات، ولا يصلح للإنسان أن يدخل هذه الحياة، وهو غير مرتاح، وهو متضايق في جانب، وهو يشك في جانب، نحن لا ننصح بهذا، وعلى الإنسان أن يُحسن الاعتذار، يعني إذا رفضت، فإن ذلك يجوز لك شرعًا كما يجوز له أيضًا أن يرفض أو ينسحب، ولكن المهم هو رعاية مشاعر الآخرين، أن نحسن الاعتذار، ونقول (أنت فيك خير، نسأل الله أن يسهل لك من هي أفضل، ولعل الأمر ليس فيه نصيب) بهذه الكلمات الجميلة الراقية نُحسن الاعتذار، دون أن نقول: (لأنك غير متعلم؛ لأنك كذا؛ ولأنك فشلت؛ لأنك تدخن؛ لأنك كذا) هو يعرف هذه الأمور.

فلا إثم عليك من هذه الناحية، خاصة بعد أن شاورت من تثقين فيه، ومدحوا لك الرجل، وأنه صاحب أخلاق إلا أنهم لم ينصحوك بالارتباط به، وعندما يقول من نستشيره وهو ثقة – أكرر إذا كان ثقة – وقال (أنا غير مرتاح، أرى أن تبحثوا عن غيره) فإن هذا يجب أن نستجيب لكلامه؛ لأن في ذلك مصلحة.

وأنت لم تقصري في حق الشاب، ومن حقه أن يرفض، ومن حقك أن ترفضيه، وكما قلنا هذا حق للجميع، الشريعة جعلت هذا الحق للجميع رجالاً ونساءً، فنسأل الله أن يسهل له، وأن يقدر له الخير، وأن يقدر لك الخير، وأن يرزقه زوجة أفضل منك، ويرزقك زوجًا أفضل منه، وأن يعين الجميع على التوبة والرجوع إلى الله.

نكرر: لا إثم عليك إذا رفضت أي خاطب أو بغير أسباب، ولكننا لا ننصح أن ترفضي الكفء الذي فيه خير، الذي فيه دين، الذي فيه صلاح، الذي ترتاحين له، نريد أن يكون الرفض والقبول مراعيًا للناحية الشرعية، وكذلك الناحية النفسية بالنسبة لك، ونسأل الله لك التوفيق والسداد.

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً