الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ارتكبت فاحشة فهل سيتوب الله عليَّ؟

السؤال

السلام عليكم..

أنا شاب عمري 25 سنة، ارتكبت خطيئة الزنا، وأنا نادم ندمًا شديدًا، وأخاف من الله، ومن غضبة.

أبحث عن شيء ينجيني من غضب الله، وأنا دائمًا أوبخ نفسي، ودائمًا تدمع عيناي ندمًا على ما فعلت.

أريد التوبة، وأخشى من الله، أريد المغفرة، لا أعلم كيف! ماذا أفعل؟ فأنا لم أكمل تعليمي، ولا أعلم كثيرًا في الدين، وأنا شاب لا أترك صلاتي، وأعرف أن الزنا حرام، ومع ذلك قمت بفعل هذه الكبيرة.

أرجوكم أفيدوني، فأنا تبت، ولكني ما زلت خائفًا، وأيضًا كنت أدخل إلى المواقع الإباحية، وقد نذرت على نفسي ألا أدخل مرة أخرى، أريد التوبة النصوح والصادقة من كل الطرق التي تؤدي إلى الزنا.

أرجوكم أفيدوني.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ yahya حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك - ابننا الكريم - ونشكر لك هذه الروح التي دفعتك للسؤال، وأيضًا نبشرك بأن الندم توبة، وأن التائب من الذنب كمن لا ذنب له، وأن شدة الذنب وحرارة الذنب التي تدفع الإنسان إلى الطاعة، وتدفع الإنسان إلى التوبة النصوح مطلب مهم وجانب هام، ومن هنا قال عمر: (جالس التوابين فإنهم أرق الناس قلوبًا)، فترى هذا الذي تجده في نفسك توبة لله نصوحًا، تمحو بها ذنوب صحيفة الأمس، ونبشرك بأن الله ما سمى نفسه توابًا إلا ليتوب علينا، ولا سمى نفسه غفورًا إلا ليغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا، ولا سمى نفسه رحيمًا إلا ليرحمنا، فرحمته وسعت كل شيء، ومغفرته إلى أن تطلع الشمس من مغربها، وحتى يغرغر الإنسان، فهو القائل: {إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب فأولئك يتوب الله عليهم وكان الله عليمًا حكيمًا * وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن ولا الذين يموتون وهم كفار}.

فإذا أقبلت على الله قبلك العظيم الرحيم، ولكن إذا تماديت فإن الله شديد العقاب، وهو سبحانه يُمهل ولا يُهمل، يستر على العاصي ويستر عليه، فإذا لبس للمعصية لبوسها وبارز الله بالعصيان هتكه وفضحه وخذله وحال بينه وبين التوبة.

فأنت - ولله الحمد - على خير طالما أنت نادم وتائب وراجع ومنيب إلى الله تعالى، والذي نريد أن تهتم به وتحرص عليه هو الثبات على هذه التوبة، والصدق في هذه التوبة، والتخلص من آثار المعصية وذكرياتها وأرقامها والبعد عن مكانها؛ لأن هذا كله يجر الإنسان مرة ثانية إلى هاوية المعصية.

كما أرجو أن تتوقف عن مشاهدة المواقع السيئة، فإنها تدفعك إلى الفاحشة، وتدفعك إلى المنكر، وتحول بينك وبين كل خير.

إذن: نتمنى أن تكون التوبة شاملة من الفاحشة المذكورة، ومن مشاهدة هذه المواقع التي تجر إلى الفواحش، وتجر إلى الغفلة والبعد عن الله تعالى، والإنسان مسؤول عن سمعه وبصره وفؤاده، قال تعالى: {ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولاً}.

فاحرص على أن تتوب الآن، وعجل بالتوبة والرجوع إلى الله، واستر على نفسك، واكتم ما حصل، وإذا ذكرك الشيطان بالخطأ الذي وقعت فيه فجدد التوبة، وعامل هذا العدو بنقيض قصده.

نسأل الله تعالى لك الهداية والتوفيق والسداد والثبات، وأن يُلهمك رشدك، وندعوك إلى طلب العلم الشرعي وشغل النفس بالمفيد، والبعد عن أصدقاء السوء، والحرص على مراقبة من لا يغفل ولا ينام، والإكثار من الاستغفار، والصلاة والسلام على رسولنا المختار، ونسأل الله لك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • المغرب كوثر موحى

    بارك الله فيك يا شيخ على هده النصائح

  • المغرب حمزة من سلا

    شكرا جزيلا على النصائح

  • المغرب رشيد

    شكرا الله يبارك فيك يا شيج جزاك الله خيرا

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً