الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف يتم علاج القلب القاسي والمنكوس؟

السؤال

السلام عليكم

أذكر الله كثيراً، وأحافظ على صلواتي، ومجاهداً في تجنب الذنوب، ولكن لا أشعر بأي إيمان أو يقين في قلبي!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

أهلاً بك أخي الحبيب في موقعك إسلام ويب، وإنه ليسرنا تواصلك معنا، وإنا لنسأل الله أن يرزقك قلباً تقياً نقياً خالصاً لله عز وجل.

بخصوص ما سألت عنه -أخي الحبيب- فاعلم -علمك الله ما يصلحك-أن القلب محط أنظار السالكين إلى الله عز وجل، وأنه متى ما صلح انعكس هذا على البدن طاعة وعبادة، لكن هناك كما يقول أهل العلم درجات للقلب آخرها تذوق العبادة، ووجود لذتها حسياً، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم "ذاق طعم الإيمان" وقد تحدث أهل العلم على أن هذا التذوق يحتاج إلى أمرين:
1- طريق مستقيم على منهاح السنة.
2- وصبر على طول الطريق، فقد قال سفيان الثوري رحمه الله:"جاهدت نفسي على قيام الليل أربعين سنة حتى وجدت لذتها" فالأمر إذن يحتاج إلى صبر وعمل، وأنت في هذا الطريق مأجور على كل ما تفعل إذا كنت تسير على الطريق الصحيح يقول ابن القيم: (إذا غرست شجرة المحبة في القلب وسقيت بماء الإخلاص ومتابعة سيد الناس أثمرت كل أنواع الثمار، وأتت أكلها كل حين بإذن ربها، فهي شجرة أصلها ثابت في قرار قلب المؤمن وفرعها متصل بسدرة المنتهى) وحتى تتحقق فيك هذه المعاني لابد من مراجعة الطريق الصحيح إلى الله جيدا، ونلخصه لك في النقاط التالية:

أولا: التعرف الحق على الله عز وجل:
إن أول ما ينبغي عليك تعلمه في الطريق إلى الله: تعرفك على الله عز وجل بأسماء جلاله وصفات كماله، ليمتلئ قلبك بالحب والخشية معا، يقول ابن القيم: (جميع ما يبدو للقلوب من صفات الرب سبحانه وتعالى يستغني العبد بها، بقدر حظه من معرفتها، وقيامه بعبوديتها) فإذا تعرفت على الله حقا: شعرت بدفء القرب منه، وتفجرت ينابيع الخير في قلبك لتجد حلاوة طاعتك شاهد حق بين يديك.

ثانيا: التعرف على رسول الله صلى الله عليه وسلم: بدراسة سيرته ومعرفة أخلاقه ومعجزاته ليتولد في داخلك حبه والاقتداء به.

ثالثا: تدبر القرآن: من أهم أسباب زيادة الإيمان: تدبر كلام الله عز وجل، وقد ذكر القرآن أن التدبر من صفات المؤمنين الصادقين: {وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً}، ولأهمية التدبر في حياة المسلم أمر الله عز وجل به فقال: {كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ}.

طريقة التدبر لخصها وسبر أغوارها الإمام ابن القيم فقال: (إذا أردت الانتفاع بالقرآن فأحضر قلبك عند تلاوته وسماعه، وألق سمعك وأحضر حضور من يخاطبه به، فإنه خطاب الله لك على لسان نبيه المصطفى قال تعالى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ}.

رابعاً: كثرة النوافل :من أهم طرق النجاة والوصول إلى محبة الله بعد القيام بالفرائض على وقتها: الإكثار من النوافل وخاصة قيام الليل، وصوم الاثنين والخميس، والصدقة، وكل أعمال البر تزيد الإيمان في القلب،(لا يزال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها، ولئن دعاني لأجيبنه، ولئن سألني لأعطينه). صحيح البخاري.

خامساً: كثرة ذكر الله تعالى: فقد قال صلى الله عليه وسلم: (مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكره مثل الحي والميت) وقال صلى الله عليه وسلم: (أفضل الكلام بعد القرآن أربع، وهن من القرآن: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر.

افعل هذا -أخي الحبيب- واجتهد أن تكون النوافل بينك وبين الله، وبخاصة في قيام الليل وسل ربك وأنت بين يديه أن يحيي قلبك بطاعته، واستمر على ذلك وستجد العقبى إن شاء الله خيرا.

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً