الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يمكن أن يستغني المريض عن الأدوية في المستقبل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله.

أنا مصاب بأعراض الفصام، وأستخدم الأدوية التالية:

- DOGMATIL 200 MG بجرعة 400 ملج في اليوم.
- DEPAKINE CHRONO 500 MG بجرعة 1000 ملج لليوم.

شعرت بتحسن قليل، ولكن أصبت بنوبات اكتئاب حادة، فعندما جئت لطبيبي خفف جرعة الديباكين إلى 500 ملج في اليوم، وأضاف لي بروزاك 20 ملج حبة واحدة لليوم، ثم رفع جرعة الدوجماتيل إلى 600 ملج في اليوم، ولكنني تخوفت من هذه الجرعة؛ لأنني سمعت في موقعكم الطيب أن هذه الجرعة ربما تسبب ارتفاع هرمون الحليب، أردت أن أستشيركم وأسألكم الأسئلة التالية:

1- هل ديباكين كرونو بجرعة كبيرة يسبب الاكتئاب؟

2- ما هي المدة الزمنية التي يجب أن أبقى عليها من الدوجماتيل بجرعة600 ملج لعلاج الأعراض الفصامية؟

3- هل أستطيع ممارسة رياضة كمال الأجسام (بناء العضلات) وأستخدم كل هذه الأدوية؟

4- إذا كنت سأعمل تحليلا دوريا عن نسبة البرولاكتين، فما هي المدة المناسبة لعمله؟ وهل يكون عمل التحليل كل شهرين مثلا أو كل ثلاثة أشهر؟

5- هل إذا التزم الإنسان بالأدوية ومارس الرياضة يستطيع أن يستغني عنها بعد انقضاء فترة علاجه ويشفى من أعراض الفصام والاكتئاب؟

وفي الأخير جزاكم الله ألف ألف خير عما تقدمونه لنا من خدمات.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فنشكرك على ثقتك في إسلام ويب، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

أرجو ألا تحس بأي نوع من القهر أو الصدمة أو الوصمة النفسية حول ما تعاني منه من أعراض الفصام، فالفصام أصبح في أغلب الأحيان يمكن احتوائه وعلاجه والتحكم فيه بصورة صحيحة جدًّا، وهذا بفضل الله أولاً ثم بفضل الأدوية الحديثة التي أصبحت الآن بين أيدينا، هذه نقط بداية مهمة جدًّا، وهي أن تكون مفعمًا بالأمل والرجاء، وأن تكون حريصًا على علاجك.

النقطة الثانية التي أود أن أنبهك إليها: ضرورة الاهتمام بتغيير نمط الحياة، وأن تكون فعّالاً، ولا تعتبر نفسك معاقًا، أنت لست معاقًا، هذا الجانب العلاجي مكمّل للعلاج الدوائي.

أما بالنسبة لأسئلتك، فأنا أقول لك: عقار دباكين كرونو لا يسبب الاكتئاب، ولا يزيد من الاكتئاب، لكن ربما يكون الأخ الطبيب حين خفض هذا الدواء رأى أنه ليس هو الأجود لحالتك، فالدباكين كرونو في المقام الأول هو مثبت للمزاج أكثر من أي شيء آخر، وجرعة الخمسمائة مليجرام يوميًا كافية لأن تؤدي إلى توازن مزاجي، أو أن يُستعمل هذا الدواء كمحفز للأدوية الأخرى المعالجة للاكتئاب، فلا تنزعج حول هذه النقطة.

بالنسبة لعقار دوجماتيل: حقيقة أنا لديَّ اقتراح، لكن أرجو ألا تأخذه كأمر ملزم ليس لك وليس لطبيبك، وهو أن يُستعمل الدوجماتيل بعقار (سوركويل/كواتبين) هذا دواء رائع جدًّا لعلاج الأعراض الفصامية، كما أنه يحسن المزاج، وفي ذات الوقت لا يؤدي إلى ارتفاع البرولاكتين، عيبه الوحيد أنه ربما يكون مكلفًا بعض الشيء، لكن من وجهة نظري وحسب المعلومات البحثية الحديثة المتاحة أن السوركويل دواء متميز جدًّا، خاصة إذا كان هنالك مزاج اكتئابي مصاحب للأعراض الفصامية، وفي ذات الوقت قطعًا السوركويل لا يؤدي أبدًا إلى ارتفاع في هرمون البرولاكتين.

هذا لا يعني أن الدوجماتيل عقار سيء، وعمومًا ارتفاع البرولاكتين بالنسبة للرجال لا يسبب إشكالية كبيرة، إلا إذا أدى إلى ما يعرف بالتثدي، وهو تضخم الثدي لدى الرجل، أو إذا كان هنالك ضعف جنسي واضح؛ لأن هذا الأثر أيضًا يحدث من ارتفاع البرولاكتين الشديد.

بالنسبة لتحليل البرولاكتين: أرى أنه يمكن أن يكون مرة كل ثلاثة أشهر في السنة الأولى، وإذا تناولت دواء مضادًا لارتفاع البرولاكتين مثل عقار (كابريجولين) فهنا يكون الفحص حسب مستوى البرولاكتين، وغالبًا يكون مرة واحدة كل ستة أشهر.

ليس هنالك ما يمنع بالطبع من ممارسة الرياضة، وأنا لا أمنعك من ممارسة رياضة كمال الأجسام، لكن قطعًا يفضل أن تكون ممارسة الرياضة -أيًّا كانت- متدرجة، وأن تكون وسطية، وألا تُجهد نفسك كثيرًا.

بالنسبة لسؤالك الخامس فهو سؤال مهم جدًّا، وهو: هل إذا التزم الإنسان بالأدوية ومارس الرياضة يستطيع أن يستغني عنها بعد انقضاء فترة علاجه ويشفى تمامًا من أعراض الفصام؟ .. حقيقةً مرض الفصام يمكن الشفاء منه، وهذا نشاهده لدى ثلاثين إلى أربعين بالمائة من الناس، وثلاثين إلى أربعين بالمائة تعيش حياة طيبة وممتازة جدًّا وبفعالية، لكن مع ضرورة تناول الأدوية، وهنالك عشرة إلى عشرين بالمائة ربما يكون المرض مطبقًا عليهم.

أنا شخصيًا أرى أن يستمر الإنسان على علاجه لمدة لا تقل عن ثلاث سنوات، بعد ذلك إذا اختفت الأعراض تمامًا ولم تساوره أي أعراض، ولم يكن له تاريخ مرضي، بمعنى أنه ليست هنالك عوامل وراثية، وأن حياته طيبة ومستقرة، وأهَّل نفسه تأهيلاً اجتماعيًا ممتازًا، وكان فعّالاً، هنا لا مانع –وتحت المراقبة والإرشاد الطبي– أن يتوقف الإنسان عن الدواء، بشرط أن يراقب نفسه مراقبة دقيقة، وإذا قُدِّر وشُفي فالحمد لله تعالى، وإن كان الأمر خلاف ذلك –أي أن الأعراض عاودته مرة أخرى– فيبدأ مباشرة في تناول علاجه دون أي أسى أو حسرة أبدًا، حيث إن الأمر متوقع في بعض الحالات، كما أن هذه الأدوية -الحمد لله- سليمة ومفيدة في ذات الوقت.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وأسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد، وأشكرك على التواصل مع إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً