الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أشعر برعشة بالرأس واليد، وأصابتني كآبة، فهل تفيد قراءة سورة البقرة؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

لدي مشكلتان، المشكلة الأولى: وهي أني أرسلت لكم من قبل، وقلت بأنني أشعر برعشة عند لقاء الناس، وفي المدرسة وكل مكان صراحة، وقلتوا لي: أنه يمكن يكون توهم، لكن والله أقسم بالله أني أشعر فيها وأحس بها، وأصاب بتسارع ضربات القلب ورجفة بالأرجل، وأكثر شيء بالرأس، والله هذا يسبب لي إحراجا كبيرا.

أصبحت لا أخرج من البيت -والله العظيم- وأصبحت أتغيب كثيراً عن المدرسة، أقسم بالله أني غبت أسبوعين عن المدرسة ورسبت في عدة مواد.

أشعر برعشة في المدرسة، ولا أرتاح أحس بخوف كبير، ذهبت لطبيب، والآن أخذ 250 فيفارين و40 اندرال، ولا أرى أي تحسن، لا أعرف ماذا أفعل؟ لقد تعبت، وأصبحت والله دائماً أبكي، أصابتني كآبة من حياتي، أهلي يجتمعون مع خالاتي وأنا أجلس بالبيت أبكي والله تعبت.

المشكلة الثانية:
أني أصبحت أيضاً أتهاون عن الصلاة، أحيانا أجلس أياما لا أصلي، أصبحت ثقيلة علي، والله أنا أغلب يومي أكون ملقاة على الأرض لا آكل ولا أتغذى، دائماً أبكي والصلاة أصبحت أتركها - استغفر الله العظيم- لأن مشكلتي بالرهاب أثرت علي كثيرا في حياتي فأحببت أن أسال:
هل يجوز لي أن أجمع الصلوات، لأني أعتبر مريضة -أسال الله أن يتقبل مني- هل يجوز أن أجمع صلاة العصر مع الظهر، والعشاء مع المغرب؟

لأني والله تعبانة، أصبحت لا أعتني بنفسي مثل السابق، شعري يكون غير ممشط، ولا أحب أن أتحرك، أصبحت كئيبة، لا أرى لي مستقبلا، ولن أتزوج، وكيف أيضاً سأذهب لزفاف أخي سوف يتزوج قريباً، والله لا أعرف؟ ماذا أفعل؟

أنا سابقاً أعشق شيئا اسمه تسوق، أما الآن والله أمي تأتيني تقول لي: هل تريدين أن تذهبي سوف أذهب معك للسوق، أرد عليها لا أريد.
كرهت كل شيء، حياتي تغيرت كثيراً، انقلبت رأسا على عقب، لا أعرف ماذا أفعل؟

وسؤال ثالث: هل أقرأ سورة البقرة مع العلاجات؟ هل أقرأها كاملة في اليوم أم أجزئها وأخلصها بعد أيام؟ وكم شهر أستمر عليها؟

وأيضا أنا مريضة، بالرهاب، وأثر علي كثيرأ في حياتي، وأصبحت لا أصلي ولا أفعل شيئا أبدا، دائماً ملقاة، ولا أذهب إلى المدرسة، ولا أخرج من البيت والله العظيم، أنا أعتبر نفسي مريضة الآن.

فهل يجوز لي أن أجمع الصلوات؟ وكيف هي صلاة المريض؟ يعني مثلا الظهر والعصر يجوز أصلي فرضين يعني يكون الفرض الواحد أربع ركعات؟ والفرض الثاني أربع ركعات هكذا؟

جزاكم الله كل خير، ردوا علي الله يوفقكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نور حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فبالنسبة للرعشة التي تحدث لك عند المواجهة مع تسارع في ضربات القلب ورجفة في الأرجل وشعور غريب في الرأس، وكذلك الشعور بالحرج، هذا لا يمكن أن يكون توهمًا، ولا أعتقد أننا ذكرنا لك هذا توهمًا، هذه أعراض جادة، أعراض معروفة، أنها تحدث للذين يعانون من الخوف الاجتماعي أو الرهاب الاجتماعي، ويعرف أن الرهاب له مكونات نفسية ومكونات اجتماعية، وكذلك أعراض جسدية، الأعراض الجسدية هي ما ذكرته أنت، والأعراض النفسية هو عملية الخوف والرهبة التي أصبحت تمنعك من المواجهة.

أيتها الفاضلة الكريمة: أولاً يجب ألا تعطلي حياتك أبدًا، هذا الموضوع موضوع بسيط جدًّا، والخوف يواجه بالتحقير والإصرار على المواجهة، وأنا أؤكد لك أن الأعراض التي تشعرين بها ليست بالشدة التي تتصورينها، هي موجودة، لكن تظهر في شكل مبالغ فيه، وهذا لا يعني أنك متوهمة.

الأمر الثاني: أن الطرف الآخر لا يشعر ولا يلاحظ هذه الأعراض، هي تجربة خاصة بك أنت وليس لأحد غيرك، ودائمًا انظري إلى الناس بأنهم ليسوا بأفضل منك أبدًا، المهم هو أن نُقدر الناس ونحترمهم، وهكذا تقوم العلاقات الإنسانية على هذا الأساس.

ثالثًا: عرضي نفسك لبعض المواجهات الاجتماعية، كوني نشطة في مدرستك، حاولي أن تتواصلي اجتماعيًا، انضمي إلى الجمعيات الجيدة والجادة، كوني أيضًا ذات حيوية في داخل المنزل، هذا يساعدك كثيرًا.

وعليك أيضًا أن تطبقي تمارين الاسترخاء، فهي مفيدة جدًّا، وموقعنا لديه استشارة تحت رقم (2136015) فيها الكثير من الإرشادات والتوجيهات الجيدة جدًّا، والتي أسأل الله تعالى أن تفيدك كثيرًا.

بالنسبة لموضوع الصلاة والتكاسل وما ذكرته: هذا لا علاقة له أبدًا بحالتك هذه، لا تجدي لنفسك أي نوع من العذر، لا تتركي للشيطان ثغرة ليدخل بها إلى نفسك. أنت -الحمد لله- مستبصرة وفي كامل عقلك وفي كامل وعيك، لديك طاقات نفسية وجسدية شبابية كثيرة، يجب أن تستفيدي منها، وأن تفكري إيجابيًا، وأن تديري وقتك بصورة طيبة وصالحة، وأن تكون لك أهداف في الحياة، هذا هو المنهج الذي يجب أن تنتهجيه، واسعي دائمًا لبر والديك، هذا فيه خير كثير لك، وعليك بالصحبة والرفقة الطيبة، كوني مع الصالحات من البنات، لأن الإنسان حين يتكاسل في بعض الأحيان عن بعض الأمور يحتاج من يأخذ بيده، والصديق الصالح دائمًا يفيد في هذه المواقف.

بالنسبة للعلاج الدوائي: عقار فافرين جيد، لكنه ليس الأفضل في علاج الرهاب الاجتماعي، وعليه أرجو أن تقابلي الطبيب مرة أخرى، ويمكن أن يُستبدل لك عقار الفافرين بعقار آخر مثل (سيرترالين) مثلاً، دواء جيد، وسوف يبدأ الطبيب - إن شاء الله تعالى – في سحب الفافرين ويستبدله لك بالسيرترالين أو دواء مشابه.

الإندرال بجرعة أربعين مليجرامًا لا داعي له، أعتقد تناوله بجرعة عشرة مليجرام صباحًا وعشر مليجرامًا مساء أفضل، الجرعة الواحدة في الإندرال لا تفيد كثيرًا لأن هذا الدواء لا يبقى أكثر من خمسة عشر ساعة في دم الإنسان، فدائمًا أن تكون الجرعة مقسمة، هذا هو الأفضل.

أسأل الله لك التوفيق والسداد، وأشكرك على التواصل مع إسلام ويب؟
———————————————————————————
انتهت إجابة الدكتور محمد عبد العليم استشاري الأمراض النفسية.

تليها إجابة الشيخ أحمد الفودعي المستشار الأسري
———————————————————————————
مرحبًا بك ابنتنا العزيزة في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله تعالى أن يمنّ عليك بالشفاء العاجل، وأن يُذهب عنك كل مكروه.

نحن نصيحتنا لك - أيتها الفاضلة الكريمة – أن تستمري في الأخذ بالأسباب، فإن الله عز وجل ما أنزل داءً إلا وأنزل له دواء، والنبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: (تداووا عباد الله)، والدواء منه ما هو دواء حسّي كالأدوية التي تتناولينها بأمر الطبيب - وينبغي أن تتابعي حالتك بجد، وتحرصي على ما ينفعك بقدر الاستطاعة – ومن الدواء أيضًا الدواء المعنوي، وهو التداوي بكتاب الله تعالى، فإنه شفاء كما قال الله تعالى في كتابه.

فاحرصي على التحصن بالأذكار وقراءة القرآن في كل ساعة تقدرين على ذلك، ولا سيما سورة البقرة، فحاولي أن تقرئيها كل يوم إن استطعتِ، وإن لم تستطيعي فلا بأس أن تقرئي منه ما قدرت عليه، فإن ذلك ينفع - بإذن الله تعالى – مما نزل بك ومما لم ينزل، وداومي وتحصني بأذكار الصباح والمساء وأذكار النوم والاستيقاظ، وأكثري من قراءة الرقية الشرعية، فقولي: (بسم اللهِ، بسم الله، بسم اللهِ، أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر) سبع مرات، وقولي: (اللهم رب الناس أذهب البأس، واشفي أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاء إلا شفاؤك، شفاء لا يغادر سقمًا) انفثي في يديك هذا الدعاء، وامسحي جسدك، وداومي على ذلك، وتيقني أن الله تعالى سيُقدر لك الخير، فأحسني ظنك بالله، وأكثر من دعائه بالعافية، وسيعافيك الله.

وأما عن الصلاة فإن الصلاة هي جزء من دوائك وعلاجك، فإن الصلاة يُذهب الله تعالى بها مكر الشيطان وكيده، ويُحيي القلب بها وبذكر الله تعالى، فجاهدي نفسك على أدائها وإتقانها بقدر الاستطاعة في أوقاتها، لكن إذا شق عليك في بعض الأحيان أن تصلي كل صلاة في وقتها فلا حرج عليك في أن تجمعي الظهر مع العصر في وقت إحداهما – إما في وقت الظهر وإما في وقت العصر – فتصلي الظهر أربع ركعات، وبعد أن تُسلّمي تصلين العصر أربع ركعات، وتجمعين المغرب والعشاء أيضًا في وقت إحداهما – إما في وقت المغرب وإما في وقت العشاء – تصلين المغرب أولاً ثلاث ركعات، وبعد السلام تصلين العشاء أربع ركعات، وهذا عُذر عند كثير من الفقهاء، أي المشقة التي يجدها الإنسان من أداء الصلاة في وقتها بسبب المرض، إذا كنت تجدين بذلك مشقة غير معتادة، ولا ننصحك بالدوام على هذا، ولا الأخذ به ابتداء ما دمت تقدرين على أن تُجاهدي نفسك فتصلين الصلاة في وقتها، فهذا خير لك وأنفع، ولكن كما قلنا لك: قد صلّى النبي - صلى الله عليه وسلم – في المدينة جمعًا من غير عذر – من غير خوف ولا مطر كما في الرواية – ولما سُئل عبد الله بن عباس – راوي الحديث – عن هذا قال: (أراد ألا يُحرِّج على أمته)، يعني أراد ألا يُدخل عليهم الحرج والضيق، فرخّص لهم عند الحاجة أن يجمعوا بين الصلاتين.

نسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يعجل لك بالشفاء، وأن يُذهب عنك كل مكروه.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • العراق مريم

    شفاء ان شاء اللة

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً