الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أصبح مديرًا ناحجًا؟

السؤال

السلام عليكم..

أنا أعمل في شركة يترأسها حاليًا الأجانب الفرنسيين، ومنذ فترة بدأت سياسة الشركة في تسليم مراكز الإدارة للموظفين المحليين، ولكن ظهرت هناك مشكلة لدى الرؤساء المحليين والمرؤوسين المحليين أيضًا، حيث إن الرؤساء الجدد يشتكون من أن موظفيهم لا يستجيبون لهم، ولا يؤدون العمل كما كان المسؤول الفرنسي على رأس الوظيفة، والموظفون يشتكون من سوء المعاملة من قبل الرؤساء المحليين، ويترحمون على المدير الفرنسي رغم عيوبه.

وأنا الآن مرشح لمنصب إداري، وبصراحة أصبحت أخشى من هذا العمل، وأشعر أني سأفشل، وربما سأفقد أو أترك وظيفتي, فالمشكلة: في استجابة الموظفين المحليين للأجنبي بطريقة أسرع، حتى لو كان هذا الموظف الأجنبي موظفًا صغيرًا، فإن طلباته أوامر, أما المدير المحلي فتجد كل التلكؤ والمماطلة، وعدم الاستجابة.

فكيف هو الحل الأمثل لهذه المشكلة؟ وهل أقبل هذه الترقية أم لا؟ وما هي الدورات المناسبة من أجل تولي الإدارة؟ وكيف يمكن أن أجعل من تحتي يحترموني ويهابوني؟ وفي نفس الوقت يحبونني! بالنسبة لي معادلة صعبة جدًا.

كما أني لا أعرف متى عليَّ أن أعاقب ومتى عليَّ أن أتغاضى؟ وكيف أتصرف بالمشاكل التي تحوَّل إليَّ من الموظفين الذين يعملون تحتي؟

كيف يكون للمدير النفسية الهادئة المتقبلة لمشاكل العمل المختلفة؟
الرجاء مساعدتي وإبداء النصح لي.

ولكم جزيل الشكر والتقدير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل: قاسم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

إذا لم تكن مؤهلاً لمنصب إداري لم تُرشح له – هذا أؤكده لك – الآن الناس وفي جميع الدول نستطيع أن نقول أنها أصبحت على وعي وإدراك، والتنافس الوظيفي أصبح عاليًا. هذا من ناحية.

من ناحية أخرى: الإدارة هي علاقة إنسانية في المقام الأول – هكذا أراها –.
ثانيًا: هي علاقة رئيس بمرؤوس.
ثالثًا: هي علاقة تُحتم أن يكون الإنسان مُلمًّا بقوانين العمل، مستبصرًا بها، وألا يكون مديرًا يهتم بالصغائر، وأن تكون له بعض القدرة أن يُوكل بعض المهام لمن هم معه.

فيا أخي الكريم: هذه هي المبادئ، ليست القضية قضية أن أحضر (كورسات) وشيء من هذا القبيل.

هنالك الآن كورسات كثيرة جدًّا، حتى هنالك كورس متميز الآن يسمى (كورس قيادة إدارة الأعمال) فيه الكثير من الفوائد، وأحد أفراد أسرتي أدى هذا الكورس واستفاد منه كثيرًا، وتوجد كورسات طويلة وأخرى قصيرة.

لكن أنا لا أرى (حقيقة) أن الاكتساب الأكاديمي للمعلومات فقط يفيد، الأمر يتطلب منك الآتي:

أولاً: لا تخاف من الفشل، فأنت لست فاشلاً، لماذا تتهم نفسك بهذه الصيغة وأنت إنسان مقتدر؟

ثانيًا: موضوع أن الموظفين يستكينون ويستهبون للأجنبي ويكونون أقل رضوخًا وطاعة للمواطن، هذه المقولة انتشرت جدًّا في بلادنا، لكنها غير صحيحة.

الذي يتولى منصبًا إداريًا يجب أن يعطيه حقه، وإعطاء حقه أن يكون المدير قدوة في حضوره وانصرافه، وتحديد أسبقياته، هذا يفيدك كثيرًا، ولا بد أن تتدرب وتتعلم على إدارة وقتك، هذا مهم جدًّا.

أخِي الكريم: تعلم كيف تدير وقتك حسب متطلبات الوظيفة، لا تكن الأمور فوضة، تكون الأمور مرتبة ومحسوبة، هذا كله أمر جيد.

لا بد أن تكون هنالك لقاءات مع الموظفين والعاملين، مثلاً: مرة كل أسبوع، ليس من الضروري أن تكون لقاءات رسمية، لكن فيها شيء من الاحتفالية، أن يتناول الموظفين كوبًا من الشاي مع بعضهم البعض مع مديرهم، أن تكون هنالك كلمات طيبة بعد صلاة الظهر (مثلاً) في مكان العمل، حتى ولو مرة أو مرتين في الأسبوع، هذه هي الطريقة الصحيحة التي تفيد وتثبت الإنسان في أداء وظيفته.

إلمامك بالقوانين الإدارية مهم جدًّا، ليس من الضروري أن تطبقها بحذافيرها، لكن حاول أن تطبق القانون بروحه، ويجب أن تكون هنالك نوعًا من المرونة، وإعطاء كل صاحب حق حقه.

نظام الترقيات بالنسبة لموظفيك: يفضل أن يكون من خلال لجنة تثق في أفرادها، وفي ذات الوقت تكون هنالك ضوابط ومعايير واضحة.

أخِي الكريم: لا بد أيضًا أن تُقدر ظروف الضعيف من الموظفين، حاول أن تنصحه، حاول أن ترشده، حاول أن توجهه، هذا مهم جدًّا.

لا تنقل هموم بيتك إلى العمل، ولا تنقل هموم العمل إلى بيتك، هذا لا يعني أن الإنسان يستطيع أن يفصل تفصيلا كاملاً، أو ينقطع انقطاعًا تامًا، لا، لكن يجب أن يكون هنالك نوع من التدبير.

نصحتك بتنظيم الوقت، وتنظيم الوقت يعني: بعد أن تخرج من مكان العمل، لا بد أن تأخذ قسطًا معقولاً من الراحة، أن تمارس الرياضة، أن تتواصل اجتماعيًا، أن تتطلع، أن تهتم بشؤون أسرتك، بمعنى أن العمل نفسه يجب أن يكون وسيلة مهاراتية؛ لتدبير شؤون الحياة الأخرى، وشؤون الحياة الأخرى حين نكتسب فيها المهارات ينعكس هذا إيجابًا على عملنا وموظفينا وزملائنا.

هذه مساهمة بسيطة من جانبي، وأنا لا أعتقد أنها توجد قوانين صارمة يستطيع الإنسان من خلالها أن يُدير عمل ما، هنالك عشرات بل مئات الكتب التي تحدثت عن المدير الناجح والمدير الفاشل، لكن الأمر فيه جانب معرفي وفيه جانب الكياسة وفيه جانب الموهبة، وسؤال الله تعالى التوفيق.

هذا - يا أخِي - مهم جدًّا، وما دمت حسن القصد والنية فإن شاء الله - تعالى - سيكون أدائك جيدًا ومنضبطًا.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك التوفيق والسداد والصحة.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • فلسطين مايا

    الحقيقة ان الموضوع غاية في الروعة...كما حصل معي تماما..وقد استفدت من التجربة.

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً