الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أتخلص من الاكتئاب المكاني الذي يحرمني النوم؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

مشكلتي التي كنت أعاني منها منذ الصغر هي مشكلة بداية النوم, حيث إني من الممكن أن أستلقي على الفراش لمدة أكثر من ساعة حتى أدخل في النوم, ولكنني تعودت على ذلك.

وقبل سنة من الآن وفقني الله لأكمل نصف ديني وأتزوج, وبعد زواجي بشهرين وفقني الله لأكون موظفا في القطاع التعليمي, ولكن الوظيفة تبعد 3 ساعات عن مكان إقامتي, فاضطررت إلى أن أنتقل إلى مكان وظيفتي لبعد المسافة, ولكن زوجتي لم تنتقل معي لكونها موظفة في نفس مكان إقامتنا الأصلي.

في بداية الأمر كان الموضوع طبيعيا, ولكن نومي تغير إلى الأسوأ تدريجيا, فقلت من الممكن أنها حالة طبيعية لتغير المكان, وأصبح نومي يزداد سوء, حيث أصبحت أستلقي على الفراش أكثر من 4 ساعات, ولا أستطيع النوم في الليل.

علما أنني لا أنام ظهرا, فاستخدمت بعض مضادات الهستامين لكنها دون جدوى, نصحني صديق لي بدواء اسمه (ريمي رون) واستخدمت نصف حبة في اليوم قبل النوم, مدة يومين متتاليين, وكانت نتيجته رائعة جدا, ولكن بعد استشارتي للصيدلاني والطبيب العام أوضحا لي أنه من أخطر الأدوية لما فيه من إدمان وآثار جانبية لا تحصى.

فعاهدت الله أولا ثم نفسي أن لا أستخدم مثل هذه الأدوية, واعتدت المكان تدريجيا, ولكن بعد شهر أصبحت لا أطيق المكان, لدرجة أنني إذا استلقيت في الفراش لا أستطيع التنفس من الاختناق, وتأتيني وخزات قوية في قلبي, ويأتيني شد قوي جدا خلف رأسي إلى أسفل رقبتي, فأخرج من غرفتي ولا أستطيع حتى الجلوس من شدة التوتر والقلق.

هذا الأسبوع حاولت جاهدا أن أواصل ولا أنام إلا في النهار, ولكن ازداد الأمر سوء, حيث إنني أعاني حتى إذا نمت نهارا, وإذا نمت لا يزيد نومي عن ساعتين, وإذا أويت إلى فراشي ليلا لا أستطيع النوم لشدة وخزات القلب والاختناق في الصدر, وأضطر إلى الذهاب للعمل دون نوم ليلا.

علما أنني أنزل لمدينتي في آخر الأسبوع، ولكن أيام الأسبوع كلها قلق واكتئاب وضيقة في الصدر, أصبحت كثير الغياب في عملي دون جدوى لحالتي, حالتي النفسية تدهورت جدا, أصبحت أذهب إلى مدينتي بعض الأيام لأنام براحة ثم أرجع إلى عملي؛ دون الحاجة لذكر مخاطر هذا الطريق.

أرجو منكم المساعدة, كيف أقضي هذين الشهرين وأنا مرتاح البال والنفس؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فالذي حدث لك هو عدم القدرة على التكيف، وكما ذكرت وتفضلت كان من المفترض أن يحدث لك تواؤم مع الوضع الجديد بعد أسبوع أو أسبوعين (مثلاً) لكن الأمر استمر معك، وظهر هذا الاضطراب البيولوجي في دورة النوم لديك.

أنا لا زلت أعتبر حالتك هذه هي نوع من عدم التوافق أو التواؤم الذي نتج عنه ما يمكن أن نسميه بالقلق الاكتئابي البسيط، وهذا جعلك تكون غير مرتاح مع وجود ضيقة في الصدر وقلق واضطراب في النوم.

المطلوب حقيقة هو أن تنظر للأمور بعمق أكثر، أنت رجل أتيت لهذا المكان من أجل العمل، والعمل قيمة عظيمة جدا للرجل، وفي نهاية الأسبوع تستطيع أن تذهب إلى أهلك وبيتك، وهنالك الكثير الذي يمكن أن تقوم به خلال أيام الأسبوع.

تغيبك عن العمل في بعض الأحيان خطأ كبير، لأنك حين تغيب عن العمل هذا يعني أنك تتفرغ للقلق والتوتر والشعور والتفكير السلبي، فعلى العكس تمامًا العمل سوف يشغلك، أقدم على عملك بجدية، خالط زملائك، واجعل لنفسك خارطة ذهنية تُدير من خلالها وقتك، وأنا أرى أن الرياضة مهمة ومهمة جدا بالنسبة لك، فالرياضة تؤدي إلى راحة البال وتحسن النوم، وذلك بجانب الفائدة العظيمة على الصحة الجسدية التي تنتج منها.

حاول أيضًا أن تقرأ، الاطلاع جيد، واكتساب المعرفة جميل، ويصرف انتباه الإنسان عن التوتر والقلق.

أنصحك أيضًا أن تمارس تمارين الاسترخاء، ولدينا في موقعنا استشارة تحت رقم (2136015) يمكنك الرجوع إليها والاطلاع عليها والاستفادة من الاسترشاد والتوجيهات في تطبيق هذه التمارين.

بالنسبة للعلاج الدوائي: بالرغم من أن حالتك ظرفية لكن قطعًا الأدوية تفيد في هذه الحالات، عقار (ريمارون) والذي يعرف علميًا باسم (ميرتازبين) هو من الأدوية الممتازة جدا، وهو مضاد للاكتئاب في الأصل ومحسن للنوم، وما ذكر لك من أنه دواء خطير وله آثار جانبية ويسبب الإدمان، هذا الكلام ليس صحيحًا مع احترامي الشديد لمن قاله.

هذا الدواء ليس إدمانيًا، ليس تعوديًا، وهو من أفضل أنواع الأدوية، فقط عيبه أنه ربما يؤدي إلى زيادة في الوزن في بعض الأحيان، كما أن المرضى الذين لديهم ارتفاع في نسبة الدهنيات خاصة الكولسترول عقار ريمارون قد يمنع اخفاض الكولسترول.

هذه هي عيوبه المعروفة، وهي بسيطة جدا.

أرى أن موقفك من الريمارون أصبح واضحًا، وأنك قد عاهدت الله أو أقسمت ألا تستخدم مثل هذه الأدوية، وعلى ضوء ذلك أنا أقول لك اذهب وقابل طبيبا نفسيا حتى ولو لمرة واحدة ليوجه لك النصح اللازم, ويصف لك دواء يساعدك في النوم, وفي تحسين المزاج وإزالة القلق، ومن حقك أن تسأل تفصيلاً عن الدواء، هذا من حقك تمامًا، والمعلومات متاحة، ومن واجب الأطباء أن يوضحوا للناس كل ما هو مطلوب، حتى إن القرارات الطبية السليمة الآن تُتخذ بالاشتراك ما بين الطبيب والمريض.

هذا هو الذي أراه، أما إذا كنت لا تستطيع أن تذهب لمقابلة الطبيب فهنالك عقار قديم نسبيًا يسمى (تربتزول) واسمه العلمي (إيمتربتالين) هو دواء يحسن النوم ويحسن المزاج، وغير إدماني وغير تعودي، فقط عيبه أنه قد يسبب جفافًا في الفم أو الثقل في العينين، أو إمساكا بسيطا في الأيام الأولى للعلاج، فإن أردت أن تجربه فلا بأس في ذلك, أنا أثق تمامًا في هذا الدواء خاصة في مثل عمرك، أعتقد أن آثاره الجانبية سوف تكون قليلة جدا أو معدومة.

الجرعة المطلوبة هي خمسة وعشرون مليجرامًا، يتم تناولها ليلاً، لكن لا تتناول الدواء في وقت متأخر إذا قررت أن تتناوله، حيث إن تناوله في وقت متأخر يُشعر الإنسان بشيء من الكسل في الصباح، أما لو تناولته في التاسعة مساء أعتقد أنه معقول ومقبول جدا.

أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد، وأشكرك على التواصل مع إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً