الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني أعراض قلق عند النوم خوفاُ من ألا أستطيع النوم

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أولاً أرسلت لك لأنك السبب بعد الله في تخفيف معاناتي، فلك مني دعاء بظهر الغيب.

باختصار أنا لي نظرة تشاؤمية، دائماً أفترض الأسوأ ولكن من فضل الله ورحمته لا يحصل لي إلا الأفضل، وأعشق النوم لكن بعد إنجابي للمرة الثانية حصلت لي ضغوطات بسيطة، لكن بسبب شخصيتي ضاعفت هذه الضغوط، بعد فترة استيقظت من النوم وأنا أشعر بأعراض صداع وغثيان وفقدان شهية ورغبه بالبكاء وشد بأطرافي وبرودة، استمرت تقريباً لنصف ساعة وزالت، بعدها بفترة عادت واستمرت لساعتين، ثم زالت وبعدها بفترة عادت واستمرت لأربع ساعات، ولا تأتي إلا وأنا نائمة لكني لم أعطها اهتماماً، آخر مرة عادت بدأ القلق بأن لا أستطيع النوم وبالتالي كيف أنجز عملي وأربي أطفالي؟ أخاف أن أصبح مثل حالة أمي وخالي بعد إصابتهم باكتئاب شديد، مازالت أمي ولمدة ثلاث سنوات لا تنام إلا بالسيريكويل، لكن زال الاكتئاب ولم أستطع النوم، وذهبت للمستشفى وأخذت مهدئاً ونمت.

بعدها اعترفت ولأشهر أني أعاني من هذه الأعراض بسببي أنا وخوفي من عدم النوم، وصف لي الطبيب لسترال ولم ينفعني، قرأت لك سيبرلكس –والحمد لله- خفت الحالة بنسبة كبيرة ثم تركته، إلا أني إلى الآن أخاف أن أنام، وتأتيني أعراض القلق كالخفقان والتعرق والضيقة وقت النوم فقط، وأعرف أنها بسبب خوفي الذي لا مبرر له، وأصبحت أنتظر النوم وكيف سأدخل فيه؟ وتأتي أعراض القلق إلا أني لا أعيرها اهتماماً لأني موقنة أني سببها، لكني لم أستطع إلى الآن أن أتخلص من هذا الخوف وانتظار النوم، وبدأت أخاف أن يستمر معي طوال عمري، ولولا تمسكي بكلام الله لفقدت عقلي.

ملاحظه الله سبحانه منّ عليّ بكل ما تتمناه امرأة بهذه الدنيا، ولكن هذا لم يمنعني من الخوف من أن يأتي يوم ولا أنام، وآسفة على الإطالة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم معن حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أشكركِ كثيرًا على كلماتكِ الطيبة، وأقول لك جزاك الله خيرًا، كلامك –حقيقة- محفز لنا، والتحفيز هو مكافئة ومردود إيجابي عظيم لأي إنسان، فلك التقدير والشكر مرة أخرى.

أرى أنك -والحمد لله تعالى- لا تعانين من مشكلة نفسية حقيقية، هذا لا يعني أنني نظرت للأمور بتهاونٍ أو أني أريد أن أطمئنك دون أي أسس علمية، لديك ظاهرة نفسية تستحق فعلاً الاعتبار وتستحق أن تُعالج، لكن هذا لا يعني أنها مرض.

كل ما ذكرته من أعراض يظهر لي أنه مرتبط بشخصيتك، فشخصيتك تحمل نواة قلقية إيجابية، وأقصد بإيجابية أنها دافعة نحو النجاح والإنجاز، لكن هنالك الجوانب الوسواسية المدققة والمنضبطة جدًّا والتي جعلت نفسك تميل نحو اللوم أكثر من الطمأنينة، لكن قطعًا نفس المسلم اللوامة تنقله نحو الطمأنينة -بإذن الله تعالى– وذلك من خلال أن تصبح نفسًا مطمئنة، حوارك مع النوم وحول النوم والخوف منه هو حوار وسواسي ناتج من القلق، وهذا يسمى بـ (قلق المخاوف الوسواسي) من الدرجة البسيطة، وهذا بالطبع ينتج عنه شيء من عدم الارتياح وعسر المزاج البسيط، وأنا لا أعتقد أنك تعانين من اكتئاب نفسي حقيقي.

بالنسبة لموضوع والدتك، لا تنزعجي أبدًا، فالقابلية للاكتئاب موجودة لدى بعض الناس، -والحمد لله تعالى- هذه الأدوية الحديثة الممتازة السليمة وغير الإدمانية – مثل عقار سوركويل – سهلت على الناس كثيرًا حياتهم، الآن النظرة العلمية الصحيحة والرصينة هو أن بعض حالات الأمراض النفسية –أو الظواهر النفسية– يجب أن يُنظر إليها مثل الظواهر الطبية الأخرى، مثل مرض الضغط والسكر وخلافه، هي ليست أكثر من ذلك بل هي أبسط.

أنت تدفعين نفسك الدفع الإيجابي -الحمد لله تعالى- وهذا جيد، وتوكلك على الله تعالى مطلق، وهذا أمر عظيم، فقط أود أن أنبه أن عدم الارتياح والظواهر النفسية والمرضية الأخرى تصيب البر والفاجر –لا شك في ذلك–، لكن نفس المؤمن دائمًا تكون أكثر طمأنينة، قال تعالى: {ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأ ولا مخمصة في سبيل الله ولا يطأون موطئًا يغيظ الكفار ولا ينالون من عدوٍّ نيلاً إلا كتب لهم به عمل صالح إن الله لا يضيع أجر المحسنين*ولا ينفقون نفقة صغيرة ولا كبيرة ولا يقطعون واديًا إلا كتب لهم ليجزيهم الله أحسن ما كانوا يعملون}، بمعنى أن ما أصاب الإنسان من نصب أو وصب أو تعب أو شوكة يُشاكها إلا كفّر الله بها عنه من خطاياه، فأبشري واستمتعي بهذه النعم العظيمة التي أنعم الله بها عليك.

لا بد أن تكوني إيجابية دائمًا في تفكيرك، هذا أمر مفروغ منه ومهم جدًّا، تنظيم الوقت دائمًا ننصح به، تأكدي أن النوم هو حاجة بيولوجية طبيعية، ولتحسني نومك حاولي أن تكون حياتك صحية، بمعنى أن تنامي مبكرًا، ألا تنامي في أثناء النهار إلا من استيقظ مبكراً من الفجر وباشر عملاً أو دراسة إلى الظهيرة فله أن ينام نومة القيلولة من نصف ساعة إلى خمسة وأربعين دقيقة، مارسي تمارين رياضية تناسبك، وتجنب الشاي والقهوة وكل المنبهات والمثيرات بعد الساعة السادسة مساء أمر جيد، تطبيق تمارين الاسترخاء حسب ما ورد في استشارة تحت رقم (2136015) فيها -إن شاء الله تعالى– فائدة وخير كثير جدًّا لك، التواصل الاجتماعي المفيد أيضًا وفيه دفع نفسي إيجابي جدًّا.

بالنسبة للعلاجات الدوائية، هناك دواء قديم يعرف تجاريًا باسم (أنفرانيل) واسمه العلمي (كلوإمبرامين)، أراه الآن هو أنسب دواء بالنسبة لحالتك، حيث أن لديك قلق ومخاوف وسواسية بسيطة، وفي ذات الوقت الأنفرانيل يحسن المزاج. الجرعة التي سوف نصفها لك هي جرعة بسيطة وصغيرة جدًّا، وهي خمسة وعشرين مليجرامًا ليلاً فقط، جرعته يمكن أن تكون حتى مائتي وخمسين مليجرامًا في اليوم، لكن لا أعتقد أنك في حاجة لمثل هذه الجرعة، أعتقد أن خمسة وعشرين مليجرامًا ليلاً سوف تكون كافية، تناوليها ساعة قبل النوم، ولا مانع أن تستمري على هذه الجرعة لمدة ستة أشهر –مثلاً-.

الأنفرانيل له آثار جانبية بسيطة مثل أنه قد يسبب جفاف بسيط في الفم، والشعور بثقل في العينين في الأيام الأولى للعلاج، وقد يسبب إمساكًا أيضًا، هذه الأعراض غالبًا نشاهدها لدى كبار السن، لكن ذكرتها فقط من أجل التحوط، وأؤكد لك أنها إذا ظهرت فسوف تختفي تمامًا بعد فترة وجيزة -إن شاء الله تعالى-.

إذن ليس عندك -إن شاء الله تعالى– مشكلة، هذه مجرد ظاهرة، وإيجابياتك الكثيرة -إن شاء الله تعالى– سوف تكون أكبر دافع ومحفز لك لتعيشي في خير وصحة طيبة.

نسأل الله لك التوفيق والسداد، والشفاء والعافية.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً