الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل أقبل خطيبي الذي لا يعاب اجتماعياً، لكني لا أشعر بشيء يشدني نحوه؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا متدينة ومحجبة وجامعية، والدي متوفي، ونحن من بلاد الحرمين -والحمد لله-. منذ أن بلغت تعلمت أن أدعو الله أن يرزقني بالزوج الصالح التقي الذي يعفني عن الحرام، وكنت أرى رؤى مبشرة –والحمد لله-، ومنها رؤيا عبرها الشيخ لي بالزواج، ونصحني بأن الرسول عليه السلام لم يشترط كمال الدين وكمال الخلق، وهذا قبل أربع سنوات تقريباً.

تقدم لخطبتي شاب مطلق وله بنت عمرها 3 أعوام، وهو أكبر مني بسنتين، وغير متدين، وتعليمه ابتدائي لكنه يعمل في أعمال حرة، وبما أنه اختلط مع الكثير أعجب به أخي، وأهلي يريدون فقط تزويج بناتهم، ونظراً لتأخر زواجنا لم يعطوني وقت طويلاً للتفكير، فقط بضعة أيام.

فكنت أعتمد على ربي، واستخرت كثيراً وتوكلت عليه، لم أشعر بشي معين، وبعد النظرة لم أشعر لا بارتياح ولا بعدمه، كنت أسألهم عن مستواه التعليمي وجنسيته ولا يجيبونني! وهذا ما سبب لي عدم الارتياح، وها أنا قد تم العقد ولا زلت لا أشعر نحوه بأي عاطفة، وأتضايق من مستواه التعليمي، ومستوى أهله الاجتماعي واختلاف جنسيتهم عنا! وهو -وإن أغرقني بالكلام الحلو كما يقولون- لا أشعر بأي شيء نحوه. أتضايق من كثرة اتصالاته، وهو معظم وقته متفرغ ويسهر مع أصدقائه، وأنا لا أريد شريك حياتي هكذا، باختصار لا أجد ما يشدني إليه، وفي المقابل لا يعاب اجتماعياً؛ فهو غني ولا يدخن.

أرشدوني فأنا في حيرة من أمري!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Yoso حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحابته ومن والاه.

نرحب بكِ –ابنتنا الفاضلة-، ونسأل الله أن يُلهمك السداد والرشاد، وأن يعينك على الخير، ونسأل الله أن يرحم والدك برحمته الواسعة، ونحن لكِ في مقام الآباء، ونسأل الله أن يهيئ لكِ من أمرك رشدًا، ونشكر لك حقيقة هذه الثقة في الموقع وهذا التواصل، ونسأل الله أن ينفع بكِ وبأمثالك البلاد والعباد.

هذا الرجل الذي ارتضته الأسرة، وأشرت إلى أنه ناجح اجتماعيًا –وهذا هو المهم– بعد أن يكون الدين موجودًا والأخلاق الحسنة موجودة، والحمد لله هو بعيد عن المنكرات، نحن نرى أن تُكملي معه هذا المشوار الذي اختاره لك أهلك، ومثلك -إن شاء الله تعالى– تؤثر في زوجها بتقواها وبطاعتها لله تبارك وتعالى.

وأرجو أن تعلمي أن مسألة الشهادات ومسألة المستوى التعليمي من مكملات النجاح، وليست عناصر أساسية، لأن العبرة في الرجل ليست بشهادته، ولا العبرة إلى أي مرحلة وصل، ولكن العبرة بنضجه وتواصله الاجتماعي، فهناك أُناس تعلموا لكن هذا العلم ما أفادهم، وإنما نجد الواحد منهم معزولاً عن الناس، لا يُقدم ولا يؤخر، ولا يُشارك ولا يُعرف، وليس له مواقف اجتماعية مشهودة، مثل هذا معاق اجتماعيًا. والمرأة ينبغي أن تنتبه لهذا الجانب، فإنها تريد في الرجل حضوره الفاعل في المجتمع، تأثيره على الآخرين، علاقاته الجيدة، اهتمامه بعمله، أن يكون عنده مسؤولية، يوهتم بأهله، وهذه هي الجوانب التي ينبغي أن نهتم بها.

قطعًا مسألة الشهادة ومسألة التعليم هي من العوامل التي قد تزيد في التوافق، لكن ليست مسألة أساسية، وهناك كثير من الأخوات شهاداتها عُليا وتزوجت من أناس عاديين ونجحت الزيجة نجاحًا كبيرًا، بل هناك زملاء في جامعة واحدة وبشهادات واحدة ولم ينجح الزواج بينهم، لأن هذه لها إيجابيات ولها كذلك أيضًا سلبيات.

فينبغي ألا يكون التركيز على هذا الجانب، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يعينك على الخير، وإذا كان الرجل يتواصل معك فنتمنى أن تُقبلي عليه، خاصة وأنت تقولين بأنك لا تشعرين تجاهه بكره، ولا تشعرين تجاهه كذلك بإقبال، ونحن نرى أن هذه مسألة أيضًا ينبغي أن ننظر فيها، فأنت لا تشعرين بالإقبال لأنك وضعت أمامك بعض النقاط، ولأنه صادف هذا بعض الغموض، ونحن نركز على جانب الدين والأخلاق ورضا الأسرة والعائلة، إذا كان من حولك يرتضيه رجلاً، وأنت تشهدين أنه ليس من أهل الدخان وليس من أهل المعاصي، فنتمنى أن تسعدي معه، ونتمنى أيضًا أن تعلميه الطريق للصول إلينا حتى يسمع النصيحة من رجال أمثاله، حتى نبين له أن الإنسان بعد الزواج ينبغي أن تتغير اهتماماته الاجتماعية، فيعطي الزوجة حقها من الاهتمام وحظها، وإذا أراد أن يصادق يُصادق متزوجين حتى يعودوا جميعًا إلى بيوتهم في وقت مبكر، مع أن الرجل بخروجه ودخوله يُجدد مشاعره وعواطفه، والمرأة قد لا تسعد وتستفيد برجل يظل ليلاً ونهارًا في داخل البيت.

نسأل الله تبارك وتعالى أن يوفق الجميع لما يحبه ويرضاه، وأن يُقدّر لكِ الخير حيث كان ثم يرضيك به، وسوف نكون سعداء إذا تواصلت معنا لمعرفة المزيد ومتابعة الوضع معك، ونسأل الله أن يوفقك لكل خير، وأن يهيئ لكم من أمركم رشدًا.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً