الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أتعامل مع أمي وأختي ومشاكلهم؟

السؤال

كانت حياتي مستقرة حتى تزوجت، من بعدها بدأت المشاكل، أمي تحاول التدخل في حياتي كثيرا، وأنا أرفض ذلك بشدة، لم يقتصر الأمر على ذلك، فأصبحت تختلق المشاكل بيني وبينها، وتطور الأمر حتى طردتني من بيتها، فقد كنت أسكن عندها أنا وزوجي، وقامت بمنعي من أخذ أغراضي.

مرت شهور ثم عادت واتصلت بي، وطلبت مني الحضور، وعلى حسب قولها أنها سامحتني، وبعد فترة عادت من جديد إلى المشاكل، وتقول إنها سامحتني، المشكلة أنها تسمع كلام أختي التي هي أكبر مني، وهي من تحركها كيفما شاءت، وأختي أشعر منها بغيرة غير طبيعية، فأنا -ولله الحمد- متزوجة وخريجة جامعية، وهي مطلقة قبل الدخول، ولا تحمل إلا الشهادة الثانوية.

أنا الآن عدت للسكن عندهم بسبب عمل زوجي، لكن أمي وأختي يحاولون صنع المشاكل بأي طريقة، هذا غير غمزاتهم لي بالكلام، وأنا بقدر الإمكان أحاول أن أمسك نفسي، ولكن أشعر أني قاربت على المرض بسببهم، وحتى الآن لم أستطع نسيان إساءتهم، رغم محاولاتي الكثيرة، ولم أبين لهم شيئا، احتسابا لذلك عند الله، ولكن أشعر تجاههم بمشاعر عكس ما أبدي لهم، فأنا أشعر أني بدأت أكرههم لدرجة تمني الموت لي أو لهم، حتى أرتاح من شرهم، فما نصيحتكم لي؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم رتان حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحابته ومن والاه.

نرحب بك -ابنتنا الفاضلة- ونسأل الله لك التوفيق والسداد، ونسأل الله أن يهيئ لك من أمرك رشدًا، وأن يعينك على الخير، وأن يتولانا وإياك برحمته، وأن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم.

يهمُّنا -أيتها الابنة الفاضلة- أن يتفهم زوجك هذا الذي يحدث، وأن هذا الذي يحدث ليس أمرًا شاذًا، فكثير من البيوت لا تخلو من مشكلات، وهذه المشكلات بين الأخوات وبين الأم، إلى غير ذلك، لكن المهم ليس مجرد حصول المشاكل، ولكن المهم هو كيفية التعامل معها، والتفاعل معها، وكيفية حصر مثل هذه المشكلات في إطارها الزماني والمكاني، وإعطائها حجمها المناسب، فليس من المقبول أن تظلي تتذكري أخطاء قديمة اعتذروا منها، ومواقف قديمة رجعوا عنها، خاصة إذا كان الراجع هو الأم، التي ينبغي أن تُطاع، وتحتمل، وتُحب، ونصبر عليها، لأن الشريعة تأمرنا بذلك، ونحن نؤجر على صبرنا على الوالدة، مهما حصل منها فهي تظل والدة.

ونحن نشكر لها أيضًا هذا الرجوع والاعتذار، والرغبة في أن تعودي إلى بيتها، وقد أحسنتِ بهذه العودة، لكن لا تعطي الموضوع أكبر من حجمه. هذه الشقيقة أيضًا: الغيّرة واردة، لكن نتمنى أن تقابلي إساءتها بالإحسان وبالصبر، وباللطف عليها، وتقدير موقفها، و الظرف الذي تمر به، ومد يد المساعدة لها، إذا كان ذلك ممكنًا بالنسبة لك، واعلمي أن هذه الدنيا لا تخلو من المشاكل.

طبعت على كدرٍ وأنت تريدها **** صفوًا من الأقدار والأكدارِ
ومكلف الأيام فوق طــبــاعها **** متطلب في الماء جذوة نارِ

فالإنسان لا يمكن أن يرتاح، والمشاكل لا يمكن أن تنتهي، فاجتهدي في أن تُحسني التعامل مع كل مشكلة ومع كل أزمة، واعلمي أن سخرية الوالدة أو الأخت لا تضر الإنسان، لأنك في منزلتهم، لأنك عندهم غالية، ولأنهم لا يستطيعون أن يسيئوا إليك، وإلا كانوا مسيئين لأنفسهم أولاً، فأنت منهم، وأنت إليهم، وأنت فيهم، فأرجو أن تأخذي الأمور بهذا المعنى.

وإذا كان المسلم مطالبا أن يصبر على الآخرين فكيف لا تصبرين على الوالدة وعلى الأخت؟ وهل هناك أغلى من الوالدة والأخت؟ قد نتفق معك أن فيهم قسوة وفيهم إساءة، لكن مع ذلك ينبغي أن نتذكر أنها والدة، وأن هذه أخت، وأن هذه الأخت إذا أرادت الخير فإنها تؤجر، والخير للجميع، وإن أرادت غير ذلك فإنها لا تُدخل الأذى إلا على نفسها، ولكن ما قدره الله يمضي، قدر الله وما شاء فعل، كذلك ما قدره الله لك ولهم من رزق وحياة سوف يأخذ الإنسان ما كُتب له، فلماذا إذن الانزعاج؟ ولماذا التضجر.

ولذلك أتمنى أن تقابلي إساءتهم بالإحسان، وجهلهم بالحلم، وقطيعتهم بالوصال، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يصلح لنا ولكم الأحوال، ونكرر شكرنا لك بهذا التواصل، وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين والمسلمات.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً