الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أكسب حب الناس؟ وهل ابتعادهم عني يعني غضب الله علي؟

السؤال

السلام عليكم

لا أحد يحبني، وليس لي أصدقاء، ولا أحد يسأل عني أو يزورني مع أني أحاول التقرب للناس، ولكن أشعر أن لا أحد يريدني. وأشعر بأني أقل من غيري، فماذا أفعل؟ ولماذا يحدث هذا معي؟ وهل هذا دليل على غضب من الله؟ مع أني -والحمد لله- دائمة الدعاء لله بأن ييسر لي صديقة تعينني على عبادته وحسن طاعته.

أنا لا أؤذي أحداً، ودائمة الابتسام بوجه الناس ولكن لماذا لست محبوبة؟ لا أعرف. وما يحزنني أكثر أني أعلم أن الله إذا أحب عبداً حبب خلقه بهذا العبد، فهل الله لا يحبني؟ ولماذا؟ وكيف لي أن أتقرب لله أكثر؟ وكيف لي بمحبة الناس؟ فأنا أحب الناس ولا أتخيل حياتي بدونهم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ صابرة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

نرحب بكِ –ابنتنا- في الموقع، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يحببك إلى عباده وإلى إمائه، وأن يُحبب إليك الصالحات، وأن يجعلك ممن يسعد بقرب الناس، وقرب الناس فيه شر إلا مَن رحم ربك، ونسأل الله لك التوفيق والسداد. ونوصيك بأن تجعلي كتاب الله جليسك، فهو جليس لا يمل حديثه، وترداده يزيد صاحبه قربًا، وصاحبه لا يُغش، وما جلس أحد إلى هذا الكتاب إلا قام عنه بزيادة أو نقصان، زيادة في هدىً، ونقصان ما فيه من عمىً وجهالة وضلالة. ثم اذهبي إلى مواطن الخيرات، إلى أماكن الدروس والتلاوة والطاعات، وستجدين هناك صالحات، أما بقية الناس لمجرد الناس فليس الخير في أن يدخل الإنسان ويُحبهم ويطلب صداقتهم إلا مَن كان أمينًا صادقًا، فإن عمر -رضي الله عنه– قال لولده يومًا: (واحذر صديقك إلا الأمين، ولا أمين إلا من خاف الله).

فابحثي عن الصالحات، وتوجهي إلى رب الأرض والسماوات، ويكفي أن تقابلي الناس بابتسامة، وبروح طيبة، لكن إذا تأخر الناس أو لم يُقبلوا عليك فلا تحزني، واجعلي إقبالك على الله، وتوجهك إلى الله تبارك وتعالى، لأن قلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء. والمؤمنة أصلاً تنشد رضوان الله، وتبتغي ما عند الله، فإذا رضي الله عنها أرضى الناس عنها، وصرف قلوبهم واهتمامهم إليها، ولذلك العاقلة تحرص على إرضاء الله، وليس إرضاء الناس، لأن رضا الناس غاية لا تُدرك، فالناس لا يُعجبهم العجب، ولا يُعجبهم شيء يُشاهدونه، كلامهم في الناس لا ينتهي. والإنسان ينبغي أن يتحمل وينتظر، فلا تستعجلي حتى تجدي الصديقة الصالحة التي تذكرك بالله إذا نسيتِ، وتعينك على طاعة الله إن ذكرتِ، وتقف إلى جوارك في الملمّات، والصديق مهم، ولذلك قال أهل النار –والعياذ بالله-: {فما لنا من شافعين*ولا صديق حميم}.

لكن من هي الصديقة الصالحة؟ هي التي تريد أن تصادقك في الله ولله وبالله وعلى مراد الله وفي رضوان الله، أما إذا كانت الصداقة لدنيا أو لمظهر أو لأشياء أخرى فإن هذه صداقة تنقلب إلى عداوة، قال تعالى: {الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدوٌ إلا المتقين}.

فاعرفي قواعد الصداقة الفعلية، ثم ضعي هذه المعايير على الصالحات، ولا تقبلي بصديقة إلا وُفق هذه المعايير، وكوني حسنة النيّة للجميع، تُحسنين التعامل مع كل من حولك من الأخوات والجارات، تؤدين ما عليك، لأن هذا هو المطلب الشرعي، ولكن التعمق في العلاقة ينبغي أن يسبقه معرفة فعلية بالشخصية التي تريدين أن تصادقيها، وكذلك بأهداف هذه الصداقة، وحدود هذه الصداقة، والقواعد المنظمة لهذه الصداقة، لأن كثيراً من الصداقات لا خير فيها، هي في الحقيقة عداوات لأنها تقوم على قشور ومصالح وأمور دنيوية، لكن الصداقة التي يسعد بها المسلم وتريدها المسلمة ويريدها الإسلام هي ما تقوم على قواعد هذا الدين الذي شرفنا الله تبارك وتعالى به.

ولا مانع من أن تجتهدي معنا في معرفة بعض الأسباب، فإن النساء مثلاً قد ينفرن من المرأة إذا كان عندها شيء كبير من التميز، قد يبتعدن عن المرأة إذا كانت من أسرة معينة معزولة أو بعيدة عن الناس، أو أسرة غنية، أو كذا. والناس قد يبتعدون عن الإنسان لأن هناك من شوش صورته، قد يبتعدون عنه حسدًا، قد يبتعدون عنكِ لأنهم يريدون مصالح معينة لا توجد بين يديك، كما قال الشاعر:

رأيت الناس قد مالوا إلى من عنده مال

ومن لا عنده مال فعنه الناس قد مالوا

رأيت الناس قد ذهبوا إلى من عنده ذهب

ومن لا عنده ذهب فعنه الناس قد ذهبوا

إذن نحن ننظر أيضًا في هذه الأسباب، فقد يكون السبب أيضًا مثلاً: طريقتك في الكلام، قد يكون في تسرعك، أو في أسباب خارجية عنك كوالدة أو أخ أو أخت أو كذا لهم مواقف تجاه الناس، فالناس يبتعدون عنك لأجلهم.

نحن لا نريد أن نجعل لك وساوس، لكن من المهم أيضًا أن ينظر الإنسان ويبحث عن مثل هذه الأسباب، لأن لها أثراً في مثل هذه الأمور، وأرجو أن تتعاوني معنا، وسوف نكون سعداء إذا تواصلت معنا بتفاصيل أكثر، بتجارب العلاقات التي بدأت وكيف انتهت، ومَن هم أقرب الناس إليك، حتى نتعاون جميعًا في الوصول إلى طريقة مُثلى في تنمية العلاقات الإيجابية والصداقة التي تقوم على الإيمان، فلا تصاحبي إلا مؤمنة، ولا يأكل طعامكم إلا تقي.

نسأل الله لك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • فلسطين راما

    شكرا لك كثيرا وجزاك الله كل خير

  • السعودية نور الصالح

    شكرا كتتير

  • الإمارات رضا الله غايتي

    السلام عليكم
    شكرا لكم كثيرا انا كمان نفسك ماعندي صديقات لى صديقة واحدة وهي خارج البلاد من مره لمره نتكلم بالواتس

  • جويانا الفرنسية زينب المحكم

    رااااااااااائع جدااااااااا

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً