الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

بعد استئصال الأكياس هل ستبقى الطفيليات؟

السؤال

السلام عليكم

دكتور: شكرا على إجاباتكم الرائعة، عندي بعض الأسئلة وقد أزعجتني، وهي: هل الأكياس المائية يسببها أكل شيء ملوث ببراز الكلب؟ أم عن طريق أكل لحم حامل لهذه الأكياس؟ أنا شخصيا هل أشكل عنصر خطر على أفراد الأسرة؟ لأنني خائف من أن أنقل العدوى لهم.

شيء آخر: هل براز الإنسان تبقى فيه بويضات هذا الطفيلي المسبب للأكياس حتى بعد استئصالها؟ لقد مر الآن على العملية عشرون يوما، لكن ما زلت لا أقدر على المشي السريع، فهل هذا عادي؟ كما أن جرح العملية يبلغ 12 سنتمترا في الطول، وهل الغرزات لا تشكل أي خطر لو تركتها حتى بعد شفاء الجرح تماما؟

شكرا جزيلا على أجوبتكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ لحسن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

يسبب مرض الكيسة المائية طفيليا يسمى الشوكاء المحببة، وهي دودة طولها حوالي 5 ملم، تتألف من رأس وعنق وجسم، يحمل رأسها أشواكا، ومنه جاء اسم الطفيلي, وهذه الدودة لا تستطيع العيش بدون كائن حي مضيف لكي تتابع دورة حياتها كاملة، والمضيف الأول لهذه الديدان هي آكلات اللحوم عموماً، والكلاب بالخاصة المضيف الأول.

تعيش الدودة الشوكاء (دودة الكيسة المائية) في أمعاء آكلات اللحوم، تتغذى من غذائها وتطرح حلقاتها المفعمة بالبيوض المعدية مع غائطها ملوثة الأعشاب والخضروات التي تتبرز عليها، أما آكلات الأعشاب كالأغنام والخنازير والبقر والخيل، وعلى رأسها الأغنام، فتشكل المضيف الثاني الذي يتناول الأعشاب والخضروات الملوثة ببيوض دودة الكيسة المائية المعدية، فتدخل هذه البيوض معدة الحيوان وتفقس فيها لتطلق أجنة نشيطة تخترق أمعاء الحيوان المصاب، وتصل إلى مختلف أعضائه لتشكل الكيسة أو الكيسات المائية، تتضخم وتتفاقم هذه الكيسات في أعضاء الحيوان فيتردى قتيلاً، فإذا ألقيت جيفة هذا الحيوان في العراء التهمته آكلات اللحوم الشاردة (الكلاب أو الثعالب أو الذئاب أو القطط) وتناولت مجدداً أجنة الكيسة المائية القابعة في أعضاء الحيوان الميت، ونمت هذه الأجنة في معدة وأمعاء آكلات اللحوم، وشكلت دودة كاملة تعيش في أمعائه وتطلق الحلقات المليئة بالبيوض مستمرة في تلويث الأعشاب والخضروات، وهكذا تتوالى الأحداث لإبقاء هذا الطفيلي على قيد الحياة، ليصيب الحيوانات كل بحسب جنسه.

أما كيف تصل هذه البيوض إلى الإنسان وتشكل الكيسة المائية في أعضائه، فإن الإنسان يقوم -مع الأسف- بدور آكل الأعشاب، فإذا تناول الأطعمة الطازجة والخضروات غير المطبوخة الملوثة وصلت بيوض -وبالتالي أجنة الكيسة المائية- إلى أمعائه، واخترقتها، وتجولت مع الدم في الأوعية الدموية الوريدية.

تنزرع أجنة الكيسة المائية خلال تجوالها أول ما تنزرع في الكبد، وتشكل داء الكيسة المائية في الكبد، وقد تجتازه وتتوقف في الرئة لتشكل داء الكيسة المائية في الرئة، وفي حالات أقل قد تتجول هذه الأجنة مع الدم الشرياني، وتصل إلى أي عضو بالجسم، فتصيب الدماغ والقلب والكلية والطحال والرحم والعظم والخصية، فلا يكاد ينجو عضو في جسم الإنسان من الإصابة بهذا المرض.

يتحول جنين الكيسة المائية بعدما ينزرع في العضو على شكل حويصلي، هو بداية تشكل الكيسة المائية، تأخذ هذه الكيسة غذاءها من العضو المصاب، وتنمو وتكبر فيه تدريجياً شاغلة حيزاً، ويزداد حجم الكيسة المائية ضاغطاً النسيج السليم، وقد تصل هذه الكيسة إلى أحجام كبيرة جداً، فإذا كانت الإصابة في الكبد فإنها قد تسبب قصورا في الكبد، وإذا كانت في الرئة سببت ضيقاً في التنفس، وإذا كانت في الدماغ شكى المريض من صداع دائم وتقيؤ، وعلامات زيادة الضغط داخل الجمجمة.

هكذا تسبب الكيسة الكبيرة قصوراً في العضو المصاب بها، وإذا تسربت الجراثيم إلى داخل الكيسة تحولت الكيسة المائية إلى خراج، فيشكو المريض من ألم في منطقة العضو المصاب، وحمى معندة، وقشعريرة، وتنقص شهيته للطعام، وتتردى حالته العامة، وتكون الحالة إسعافية، وتتطلب التدخل الجراحي السريع لإنقاذ المريض.

أما الاختلاط الآخر الذي يمكن أن يصيب هذه الكيسة فهو التمزق والانفجار على جوف مجاور، أو على عضو آخر ملاصق فتمزق الكيسة المائية الكبدية على الأقنية الصفراوية يسبب ألماً كبدياً ويرقاناً والتهاباً في الطرق الصفراوية، ويؤدي تمزق الكيسة المائية الرئوية على القصبات سعالاً تشنجياً شديداً وأعراضاً تحسسية، وشعوراً بالاختناق، ناتجة هذه الأعراض عن خروج السائل الذي تحتويه هذه الكيسة عبر القصبات، أما انفجار هذه الكيسة على جوف الجنب المحيط بالرئة فيسبب ألماً صدرياً شديداً، وتقيحاً في الجنب، وضيقاً في التنفس، وانزراعاً ونمواً للكيسة المائية في الجنب حول الرئة، يصعب التخلص والشفاء منه.

أما انفجار الكيسة المائية على جوف البطن (جوف البريتوان) فيسبب كذلك حالة سمية تحسسية خطرة قد تصدم المريض وتغيبه عن وعيه، وقد تودي بحياته، وهذا المرض لا ينتقل من الإنسان للإنسان؛ لأن العدوى تنتقل إلى الإنسان كالتالي:

- ابتلاع النباتات الخضراء الملوثة التي تؤكل طازجة.

- السلطات: وهي الطريقة الشائعة في نقل الخمج.

- تلوث الأيدي ببراز الكلاب المحتوي على البويضات, أو من خلال الأدوات الملوثة بهذا البراز، ثم وصول هذا التلوث إلى الفم.

- قد تنقل الكلاب البويضات من فتحة شرجها إلى فمها عن طريق اللحس, ثم قد تنقل هذه البويضات إلى الإنسان عن طريق لحس يديه أو وجهه، وتحصل هذه خاصة عند الأطفال الذين يقتنون كلابا في منازلهم.

- قد تعمل الصراصير والذباب كناقل آلي للبويضات من براز الكلاب، وتلوث به أطعمة الإنسان.

أي أنه لا يوجد عدوى من إنسان لإنسان، والإنسان لا يطرح البيوض؛ لأن الدودة لا تعيش فيه، وإنما طور آخر من مرحلة الحياة، وهو طور الكيسة.

أما الغرزات فيفضل إزالتها إن كانت خارجية، ومن النوع الذي لا يمتصه الجسم، ويبدو أن العملية كبيرة، ولهذا كان الجرح كبيرا.

نرجو من الله لك الشفاء.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً