الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الوساوس القهرية جعلتني أفقد كل الإيجابيات في حياتي!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أعاني من الوسواس القهري منذ فترة, كان بدايتها اقتراف الذنوب, ثم التأنيب, ونهاية بالشرك.

أعاني من اكتئاب شديد, بالإضافة لحالة الوسواس القهري الحاد, وأتناول الآن أدوية لذلك, وآخذ حقنا.

أنا منهارة جدا, وأحس بأني انتهيت, فأنا غير قادرة على الخروج من هذه الحالة, خصوصا أنني لا أملك إيجابيات حتى أفكر بها, فذنوبي أحاطت بي, وإسرافي على نفسي بالعزلة والانطوائية جعلني بغير عمل أعتز به, وأفتخر بذاتي؛ حتى أخرج من هذه الحالة.

وهل من الممكن الخروج من الإحباط دون وجود إيجابيات؟ وكيف أوجد لنفسي إيجابيات؟

كل الذي أتمنى أن تدعو لي بالمغفرة والنجاة من النار.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ العنود حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فهكذا يقود الوسواس الإنسان بصورة سلبية جدًّا للدرجة التي يجعله يشعر بأنه مجرد من الإيجابيات، وهذا بالطبع ليس صحيحًا، أنْ خُلقنا وولدنا في هذه الأمة المحمدية العظيمة أليست هذه إيجابية؟! نعم هي إيجابية مطلقة، وإيجابية كاملة، يجب أن تجعلنا دائمًا في اطمئنان وأمان، بل يجب أن نشكر ربنا جل وعلا عليها أن هدانا لهذا, وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله.

لا يمكن ألا يكون لك إيجابيات، هذا ليس بالصحيح أبدًا، أنت شابة، عمرك سبع وعشرون عامًا، لديك أسرة ... هذه كلها إيجابيات –أيتها الفاضلة الكريمة–. وحتى ننتهج المنهج السلوكي الصحيح وباستفاضة أريدك أن تكتبي السلبيات الموجودة في حياتك، ابدئي بما هو أقلها، ثم الأشد فالأشد، ومن ثم ابدئي في كتابة الإيجابيات، والإيجابيات يجب أن تركزي على الصغيرة جدًّا والبسيطة جدًّا، ولا تعتبري الأمور كمُسَلَّمات، أن يأكل الإنسان وجبة طعام أليست هذه إيجابية؟! نعم إيجابية.

فعليك -أيتها الفاضلة الكريمة– أن تنتهجي المنهج السلوكي الصحيح لتتخلصي من هذا الاكتئاب, الاكتئاب يتصيد الناس من خلال زرع الفكر المعرفي السلبي في نفوسهم، لا تعطه فرصة أبدًا، إيجابياتك كثيرة وعظيمة، واسعي لتطويرها، ومن ثم قلصي السلبيات, هذا هو المطلوب، وهذا هو الأمر المفهوم.

وأنا أنصح دائمًا الناس ألا تنقاد بمشاعرها، إنما تنقاد بأفعالها وأعمالها وسلوكياتها، والإنسان يمكن أن يكون مؤثرًا وفاعلاً وإيجابيًا إذا أدار وقته بصورة صحيحة، وخير وسيلة لإدارة الوقت هي أن نجعل الصلوات الخمس مرتكزات أو ركائز ننطلق من خلالها، ماذا أعملُ قبل الصلاة؟ ماذا سوف أقوم به بعد الصلاة؟ (وهكذا) والأنشطة الحياتية متنوعة وكثيرة جدًّا.

هنالك واجبات منزلية، هنالك واجبات نحو الذات، هنالك واجبات نحو الوالدين، نحو الأهل (وهكذا) هنالك وقت يمكن للإنسان أن يرفه فيه عن نفسه، أن يذهب إلى أصدقائه، أن يكون هنالك تواصل ... أمور كثيرة جدًّا يمكن للإنسان أن يقوم بها، والذي ينفذ ويطبق ويعمل ويُحث نفسه على الأداء سوف تتغير مشاعره، لأن التحفيز الذي يأتيك من نفسك أفضل كثيرًا من التحفيز الذي يأتيك من الآخرين.

فهذا هو المنهج الذي أنصحك به، وهذه هي الإجابة على سؤالك (هل من الممكن الخروج من الإحباط دون وجود إيجابيات؟ وكيف أُوجد لنفسي إيجابيات؟) أوجديها بالصورة التي ذكرتها لك.

وبالنسبة لتأنيب الضمير: هذا لا بأس به، لكن يجب أن يكون في حدود المعقول، وأنا حتى أضع لك الصورة في قالب سلوكي؛ أعتقد أن نفسك اللوّامة نفس لطيفة جيدة، لكنها مستحوذة عليك جدًّا، للدرجة التي أطبقت عليك وجعلتك تحسين بشيء من اليأس والسأم، لا، هذه النفس اللوامة يجب أن تُدخلك إلى النفس المطمئنة، وهكذا تكون الأمور تصير إيجابية جدًّا.

بالنسبة للعلاج الدوائي: أنت ذكرت أنك تتناولين أدوية، وكذلك حُقنة، لم تذكري أسماء هذه الأدوية، لكن ما دمت تحت المتابعة الطبية النفسية من قِبل الطبيب فالحمد لله تعالى الآن معظم الأطباء النفسانيين على وعي وإدراك بكل ما يُصلح مرضاهم.

أسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد، وأسأل الله لنا ولك النجاة من النار والفوز بجنة عرضها السماوات والأرض.

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً