الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الغيرة بين زوجات الإخوة وأثر ذلك على الحياة الزوجية!

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم
في البداية: أود أن أشكر حرصكم على إفادة الناس ومساعدتهم.

مشكلتي إخواني هي: الغيرة! وأخشى أن أكون قد أصبت بها، فأنا دائمة التتبع لأخبار سلفتي وأحوالها، أين خرجت؟ ماذا قالت؟ وماذا فعلت؟ ولا أعلم إن كان هذا طبيعيًا أم لا؟ فأنا متضايقة من نفسي، ولا أريد أن أقع في حبالها؛ لأني أعلم بخطورة هذا لي ولحياتي، فأنا أجمل منها، ومتعلمة أكثر منها، ولا أنقصها بشيء، بل قد أزيد عليها، ولكنها عند أهل زوجي المفضلة، ولها التميز؛ فإن قالت، أو فعلت أثنوا عليها، ومدحوها، وإن قلت، أو فعلت لا يعيروني أي اهتمام.

زوجها يحبها، ويدللها كثيرًا، ويقوم عنها بالأعمال المنزلية؛ مع أني لا أراها تستحق كل هذا، فهو عندها آخر اهتماماتها، وأنا من أفنت نفسها في راحة زوجها لا أجد حبًا، أو اهتمامًا، وأقسم لو أني أراها تستحق كل هذا الحب، والاهتمام ما اهتممت، ولكن لا أرى ذلك، وهذا الشيء لا أراه أنا وحدي، بل جميع من حولي، ولكن أعتقد بأن السر هو أهلها، فأهل زوجي يجدونهم أعلى منهم منزلة، ومكانة، ويرونها بنت الحسب والنسب، وأنا بنت القريب، ومن لديهم مشاكل مع أهلها، وأنا الأولى وهي الثانية زوجة الابن المحبوب عند أمه، وبئر سرها، وأنا زوجة الابن السكوت المسالم، والذي لا يتدخل في شيء -المهمش-.

أعتقد أن الكلام قد طال، وإن تكلمت لملأت المجلدات، أريدكم أن تنصحوني، وتساعدوني لأنسى أمرها، ولألتفت لنفسي، وزوجي، وأولادي، وأن أحتسب أجري عند الله، فهذه الحياة، وهذه سنتها، تعطي أناسًا، وتحرم آخرين، ولكن ما يحيرني فعلًا، هل أنا سيئة حتى يحصل لي هذا؟ وهل هي أحسن مني وأفضل لتأخذ كل هذا؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ المتوكلة على الله حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحابته، ومن والاه.

نرحب بك - ابنتنا الفاضلة - ونسأل الله أن يلهمك السداد، والرشاد، ونشكر لك هذه المشاعر التي تدفع للاستشارة والسؤال، ونحسب أنك وضعت رجلك على الخطوات الأولى في الطريق الصحيح، فالإنسان دائماً ينبغي أن ينتبه لنفسه، ومن تابع الناس مات غماً، وهماً، والسعيد هو الذي ينظر إلى نعمة الله عليه؛ فيؤدي شكرها، وإذا انشغل بما عند الناس أتعب نفسه في أمر لا يدركه، كما قال الشاعر:

فإنك مهما أرسلت طرفك رائداً ... لقلبك يوماً أتعبتك المناظر
رأيت الذي لا كله أنت قادر ... عليه ولا عن بعضه أنت صابر

وإذا أرادت المرأة مثل عيال هذه، وأن تنال مثل منزلة هذه، وأن يحضنها زوجها كما يحضن هذه، فإنها ستتعب، ولكنا ينبغي أن نرضى بواقعنا، ونشكر الله على ما أولانا من نعمة، فأنت إذا قلت أنك أجمل، وأنك أحسن منها منزلة، وأعلى منها شهادة فلا يضرك حب الناس لها، أو كرههم، المهم أن تكون علاقة المرأة بزوجها جيدة، وأن تكون علاقتها بأهل الزوج جيدة، ومقبولة، ولذلك لا تغتمي، ولا تهتمي بما يحصل، واسألي الله دائماً من فضله، والإنسان لا ينبغي أن يشغل نفسه بما عند الناس، وينظر إلى ما في أيديهم، وليس رضا الناس دليل على الخير، المهم أن يرضي الإنسان رب الناس سبحانه وتعالى، فإن المرأة المسلمة العاقلة تجعل همها رضا الله تعالى، ولا تبالي برضا الناس، أو غضبهم طالما لم يكن الأمر مرتبطاً بالطاعة لله تعالى.

فاجتهدي على أن ترضي الله، وكوني قريبة من زوجك، ولا تنظري لما يحصل منهم، أو منها، واشغلي نفسك بالمفيد، ولا تحسدي أحدًا على لعاع من لعاعات الدنيا، أو نعمة ينالها في هذه الدنيا، والعاقل ينظر إلى من هم أقل منه في النعمة، والمال، والصحة، والشهادات، ولا ينظر إلى من هو أعلى منه في أمور الدينا؛ لأن الدنيا دنيئة، حتى نشكر نعمة الله تعالى علينا، ولكن في الدين ننظر إلى من نتأسى بهم،، وإذا كان هؤلاء دللوا هذه المرأة لأي سبب من الأسباب، فلا يضرك هذا طالما كانت علاقتك بزوجك جيدة، ولا تحاولي الاستجرار، والرسمات القديمة، والكلام الذي كان بين الجدات، ولا تحاولي أيضًا أن تحزني؛ لأنهم قدَّروها، أو ضحكوا لها، ولكن سلِ الله تعالى أن يرضى عنك، وأن يجعل هذا الزوج راضٍ عنك، واجتهدي في التعامل مع زوجك بالحسنى، واعلمي أيضًا أن الزوج في الأسرة كونه صامت، وكونه ساكت، وكونه سلبي ينعكس على أسرته تماماً، ولكن لا يضره هذا إذا كانت علاقتك به جيدة، وأنت منسجمة معه، وقبل ذلك علاقتك بالله طيبة هذا هو المهم.

نسأل الله تبارك، وتعالى لك التوفيق، والسداد، واعلمي أن الإنسان الذي يلتمس رضا الناس، ويسخط الله يكون على خطر، ولكن المطلوب أن يطلب الإنسان رضوان الله، فإذا رضي الله أرضى عنه الناس، ولن يبالي الإنسان إذا نال رضا الله تعالى بما يحصل من الناس بعد ذلك:

فليت الذي بيني وبينك عامر** وبيني وبين العالمين خراب

فنسأل الله تعالى، وتبارك لك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً