الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حالة إيمانية ونفسية متدهورة جدًّا في المجتمع فهل أكتفي بالإنكار بالقلب؟

السؤال

السلام عليكم.

في عصرنا شاعت الذنوب والفساد, وقد انتشر معها سب الدين بين الصغار والكبار - حتى الأطفال - وهي ظاهرة خاصة ببلدي – السودان - فهل أكتفي بالإنكار بالقلب؛ لحديث أبي ثعلبة الخشني - رضي الله عنه -قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية "يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم" فقال:(بل ائتمروا بالمعروف, وتناهوا عن المنكر؛ حتى إذا رأيت شحًّا مطاعًا, وهوى متبعًا, ودنيا مؤثرة, وإعجاب كل ذي رأي برأيه, فعليك بخاصة نفسك, ودع عنك العوام) رواه أبو داود في الملاحم, والترمذي في التفسير.

تحريم الغيبة جعلني أترك الكلام, وأعتزل السمر مع الناس؛ حتى أسرتي - الوالدين وأختيّ - لا أجلس معهم في البيت؛ بحجة اجتناب الغيبة وسماعها.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك - أيها الحبيب - في استشارات إسلام ويب.

نحن نشكر لك حرصك على الوقوف عند حدود الله, وتجنب الوقوع في المعصية، ونسأل الله تعالى أن يجبنا وإياك كل سوء.

لاشك - أيها الحبيب - أنه قد انتشرت كثير من المنكرات في زمننا هذا, ولم نصل بعد إلى هذه الحالة التي أخبر عنها البني صلى الله عليه وسلم بها, وأمر أن يلزم الإنسان خاصة نفسه, ويدع عنه أمر العامة؛ لأن تلك حالة قال عنها في نفس الحديث: (إذا رأيت شحًّا مطاعًا, وهوى متبعًا, ودنيا مؤثرة, وإعجاب كل ذي رأي برأيه) وهذا يدل على أن الآمر إذا أمر بالمعروف لا يجد أحدًا يسعى إليه, وإذا نهى عن المنكر لا يجد من يستجيب لقوله, ونحن - ولله الحمد - وإن كثرة المنكرات لكننا لم نصل إلى هذه الحالة, فلا يزال الإنسان يجد على الخير أعوانًا، ومن ثم نقول: لا يشرع للإنسان أن يعتزل الناس في هذه الأزمان مطلقًا أيَّ اعتزال, إنما يعتزلهم في الشر, ويخالطهم في الخير, وقد جاء في الحديث أن من يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من الذي لا يخالطهم, ولا يصبر على أذاهم، فينغي للإنسان أن يحرص على الإصلاح, وأن يستعمل في مرضات الله بقدر الاستطاعة.

والأمر بالمعروف والنهي بالمنكر من أعظم العبادات التي يقوم بها المسلم ما دام منضبطًا بالضوابط الشرعية, والوالدان من أولى الناس وأحقهم بالنصح, وينبغي للإنسان أن يحرص كل الحرص على تجنيبهم الوقوع في المعاصي والسيئات, ويكون مستعملًا في ذلك الرفق والأدب, والعلماء قد قرروا أن الولد ينهى والديه عن المنكر كغيرهم من الناس, ولكن الفرق بين الوالد وغيره أنه لا يجوز له أن يغضب الوالد فينهاه عن المنكر, فإذا غضب الوالد سكت، فنحن نصيحتنا لك - أيها الحبيب - أن لا تعتزل الناس جملة في جميع الأحوال, وينبغي أن تحرص على التوضيح في المجالس التي تحضر فيها بشيء من كتاب الله تعالى, كأن تقرأ عليهم - إن كنت لا تحسن الحديث - من كتاب, أو تذكر لهم فائدة تدلي بها, أو نحو ذلك، فينبغي أن تحرص على أن تكون نفاعًا للناس, ومذكرًا لهم بالله تعالى.

نسأل الله تعالى أن يجري الخير على يديك, فإذا رأيت معصية ولم تقدر على إنكارها فلتفارق ذلك المجلس.

نسأل الله تعالى أن يجعلك مفتاحًا للخير مغلاقًا للشر.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً