الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

اكتئاب بعد الولادة وشعور بكهرباء تسري في قدمي وأتناول عدة أدوية فهل أنا على المسار الصحيح؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا عمري 36 سنة, ومنذ حوالي 8 شهور أنجبت ابنتي الصغيرة, وبعد الولادة فورًا أصبت برجفة شديدة - كأني موصولة بسلك كهرباء - وتم عمل فحوصات, وأخذ ضغطي, وكان كل شيء سليمًا فقالوا لي: ربما تشعرين بالبرد, وبعد أن ذهبت إلى غرفتي لم أستطع النوم, وكنت أحس أنه سيغمى عليّ, وكنت متعبة جدًّا, وبعد أن عدت للبيت لم أستطع النوم أيضًا, وبدأت أحس أن كهرباء تمشي في قدمي, وفي اليوم الثاني توفيت حماتي - رحمها الله - وبدأت مراسم العزاء, وقد كنت أشعر بتوتر كبير أثناء الحمل منذ البداية من أخبار سوريا؛ لأني كنت متابعة ما يحدث, وتأثرت كثيرًا عندما سمعت بالمذابح, وكنت أتخيل الأطفال كيف يذبحون أمام بعضهم, وهذا أتعب نفسيتي كثيرًا, وكنت أيضًا أحمل همَّ الولادة؛ لأني كنت حاملًا منذ حوالي 10سنوات, وفي نهاية الشهر التاسع ذهبت للولادة, وكان كل شيء على ما يرام, وعندما دخلت غرفة الولادة اكتشفنا أن الطفل قد توفي, ولم نعرف سبب الوفاة, فقرر الأطباء بعدها أن لا أكمل الشهر التاسع في أي حمل, وهذا من الأمور التي كانت تتعبني؛ لأنني أتعب كثيرًا من الولادة, وتستغرق ولادتي وقتًا طويلًا، وبعد وفاة حماتي بحوالي يومين لم أذق طعم النوم, وكنت أشعر بتوتر شديد جدًّا جدًّا, وأحس أني سأسقط أرضًا, وسيغمي عليّ, فذهبت إلى طبيبة النساء فعملت لي تحاليل, وعندما رأتها سليمة كتبت لي دواء سيبرالكس بمقدار نصف حبة, وعندما بدأت أخذه شعرت بهدوء, وكنت أريد أن أنام فقط, وبدأت أتحسن لمدة أسبوع, ثم عاودتني الحالة, فذهبت إلى طبيب نفسي فوصف لي دواء دوجماتيل, وزاد لي جرعة السيبرالكس, وأعطاني زاناكس, ولكني بصراحة لم أستخدم الزاناكس, وخفت منه, وعندما ذهبت لمراجعته بعد أسبوع وصف لي اللاميكتال أيضًا, واستمررت شهرًا على هذه الأدوية, أحس مرة بالتحسن, ومرة بالتوتر, ثم بعد ذلك أوقفت الدوجماتيل بعد أن أخذته لمدة 3 أشهر, وبعدها أيضًا كنت غير مرتاحة, فذهبت للطبيب فزاد لي جرعة السيبرالكس, فأصبحت 20, واللاميكتال أصبح 200, فأحسست بعدها بتحسن قليلًا, وعندما ذهبت له بعد شهرين - وكنت أيضًا لم أعد كما كنت فقد كنت ما زلت أحس بقليل من التوتر - وصف لي دواء بريستيك, وهو مطور من الأفكسر بجرعة 50 أيضًا, وبعد تناوله بحوالي 3 أسابيع أحسست بتحسن كبير, ثم بعدها أصبح المزاج سيئًا مع التوتر, خصوصًا عند مشاهدة أخبار سوريا وأخبار مصر, مع أني أصبحت مقلة جدًّا من مشاهدة الأخبار، فأصبت بإحباط بعد أن كنت تحسنت, وأحسست أني سأبقى هكذا, ولن أعود لحياتي السابقة, ولن أعود لبيتي وأولادي - فأنا عندي 5 أولاد -.

مع العلم أني أحس نفسي أفضل عند اختلاطي بالناس, فأرجو منكم مساعدتي, وهل أنا على المسار الصحيح؟ وهل سأشفى أم لا؟ لأنني غالبًا أفكر بقيمة الحياة, ولماذا ننام؟ ولماذا نأكل؟

حسبنا الله ونعم الوكيل, واعذروني للإطالة, وجزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ خولة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد:

بارك الله فيك, وجزاك الله خيرًا، ونشكرك كثيرًا على تواصلك مع إسلام ويب.
بدأت حالتك بعد الولاة مباشرة، وإن كان تعرق البدن في الحمل لكن قطعًا الولادة تعتبر تغيرًا كبيرًا من حيث إنها حدث هام, له قيمته النفسية, وفي ذات الوقت تعقب الولادة دائمًا تغيرات هرمونية كبيرة, قد تؤدي إلى خلل في المزاج لدى النساء في بعض الأحيان, وبعد ذلك حدث وفاة حماتك - عليها رحمة الله - فهذه الأحداث المتعاقبة مع وجود استعداد من جانبك أصلًا للقلق والتوتر أدخلتك في هذه الحالة النفسية التي تحمل سمات القلق الاكتئابي، وبدأت رحلتك مع العلاج, ويظهر أن البستيك كان هو الدواء الأفضل لحالتك، ونستطيع أن نقول: إن الأمور مستقرة بعض الشيء لكن لا زال لديك عسر في المزاج, وتوترات, والذي لاحظته أنك ختمتِ رسالتك بشيء من الفكر الوسواسي؛ حيث إن سؤالك عن قيمة الحياة, ولماذا نأكل؟ فهذه الأسئلة تكون مصاحبة للفكر الوسواسي القلقي.

أيتها الفاضلة الكريمة: حالتك - إن شاء الله تعالى - سوف تتحسن بصورة أفضل, وأنا من وجهة نظري أرى أن عقار بستيك سيفيدك كثيرًا, وربما تحتاج الجرعة إلى التعديل, لكني لا أنصحك بإجراء التعديل قبل أن تقابلي الطبيب؛ لأن موضوع اللامكتال أيضًا موضوع مهم؛ حيث إن اللامكتال هو دواء مثبت للمزاج، ولن يصفه لك الطبيب إلا لهذا الغرض, أو استعمله كمدعم لمضادات الاكتئاب، إن كانت حالتك هي القلق الاكتئاب المباشر فربما لا تحتاجين أصلًا للامكتال, وإذا كان هنالك تقلب في المزاج واضح مع وجود قطب اكتئابي وقطب انشراحي - حتى ولو كان على مستوى بسيط - فهذا يستحق أن يعالج الأمر عن طريق اللامكتال.

فأنا أنصحك بأن تقابلي الطبيب, وأؤكد لك أن الحلول موجودة, وهي حلول طيبة جدًّا إن شاء الله تعالى، وإذا لم يكن لديك أي نوع من ثنائي القطبية – أي: لا يوجد تقلب مزاجي واضح - فإن زيادة البرستيك في تخفيف اللامكتال من وجهة نظري ستكون هي الحل العلاجي الأمثل، وإذا كان الجانب الوسواسي يسيطر عليك كثيرًا فهنا ربما تكون هناك حاجة لاستبدال البرستيك، وكذلك استبدال اللامكتال بدواء آخر, وفي مثل هذه الحالات قد يكون اللسترال - والذي يعرف باسم زولفت, ويسمى علميًا باسم سيرتللين - ربما يكون هو الأفضل.

مقترحاتي هذه حول الأدوية أرجو أن تأخذيها في الإطار العام، وهو أن الخيارات كثيرة وموجودة, وهذا يجب أن يحمل أو يمثل لك أخبارًا سارة، لكن لا تقدمي على أي تغيرات دوائية دون استشارة الطبيب، حيث إن الحالة سوف تعالج, وهذا سوف يحدث - إن شاء الله تعالى - وليس من الحالات الصعبة والمستعصية، فلديك - والحمد لله تعالى - عوامل مقاومة المرض, وكذلك التعافي - إن شاء الله - وهذه العوامل واضحة حيث إنك مستقرة, ولديك الذرية, ولديك أمور إيجابية كثيرة في الحياة، وهذا في حد ذاته يجب أن يشكل دافعًا جيدًا بالنسبة لك, فكوني إيجابية في تفكيرك, وتخلصي من التفكير السلبي، وأديري حياتك بكل ثبات وكل تفاعل وأمل ورجاء.

بارك الله فيك, وجزاك الله خيرًا، ونشكرك كثيرًا على تواصلك مع إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً