الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أكسب قلب زوجي؟

السؤال

السلام عليكم.

أنا كنت حاملا، وزوجي عمل معي مشكلة بسبب أمه؛ لأنها تريدني أن أخدمها، وهي صحتها -ما شاء الله- أحسن مني، ولكنها تعاند معي لأنها تريد أن تفرق بيننا، وأنا كنت اشترطت عليه قبل الزواج أنني لن أعمل شيئا لأحد، حتى أهلي، وهو وافق على شرطي، ولكن الآن عمل معي مشكلة بسبب هذا الشيء، ولا يصرف علينا، وأخذ الشقة والعفش مني، وأخذ كل شيء مني، وأنا معي 3 أطفال، فماذا أفعل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ شيري حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يُصلح ما بينك وبين زوجك، وأن يُعيدكما إلى بعضكما البعض، وأن يوفقكما للتفاهم والحوار، وأن يعينكما على تخطي هذه العقبات، وأن يجمع بينكما دائمًا أبدًا على خير، إنه جواد كريم.

وبخصوص ما ورد برسالتك – أختي الكريمة الفاضلة – فكم كنت أتمنى أن تتغلبي على هذه المشكلة بشيء من الصبر والحلم والأناة وسعة الصدر، نعم.. أنت قد اشترطت على زوجك عند الزواج أنك لن تقومي بخدمة أحد، وهو وافق على ذلك، ولكنك أصبحت في وضع ليس فيه خيار، فإن أمه – كما ذكرت – مُصرة على أن تقومي بخدمتها رغم صحتها الجيدة، وترتب على ذلك أن زوجك وقف مع أمه ضدك، وفعل ما فعل، وهذه الآن تعتبر خسارة فادحة، فإن حياتك الآن مُهددة، وأبناءك – والعياذ بالله تعالى – قد يتحولون إلى أيتام، وأنت لا تستطيعين وحدك أن تقومي بتربيتهم حتى وإن كان لك دخل كبير، حتى وإن كنت تعيشين وسط أسرتك، فإن الأولاد يحتاجون الأبَ كما يحتاجون الأم.

ولذلك نصيحتي لك - أختي شيري – أولاً: أن تعاملي أمه كما لو كانت أمك، تصوري أن هذه أمك، وكانت عنيدة ومُصرة على أن تقومي بخدمتها، ماذا كنت ستفعلين؟ حتى وإن كنت ستقولين (إني لن أخدمها) أقول لك: هذا من العقوق، لأن هذا لا يجوز شرعًا أن الإنسان يُصرُّ على عدم خدمة والديه، لأن هذا جزء من البر، حتى وإن كان الأمر متعنتًا، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (وإن ظلماك وإن ظلماك، وإن ظلماك) فأنا عليَّ أن أقوم بالخدمة والمساعدة لوالديَّ وطاعتهما، ما دامت طاعتهما مقدور عليها وما دامت ليست في معصية الله تعالى، والظلم الذي يقع عليَّ منهم إن شاء الله تعالى سوف يرده الله تعالى عني في الدنيا وفي الآخرة، وسوف يأتيني حقي كاملاً غير منقوص.

فأنا أتمنى بارك الله فيك أن تستعملي أسلوب الدبلوماسية والحيلة، وأسلوب التواضع وسعة الصدر، في التعامل مع أمه، وأن تعتبريها كأمك، وأن تحاولي أن تتواصلي معها، وأن تحتويها، وأن تتصلي أنت بها الآن. هي تريد أن تفرق بينك وبين زوجك – كما ذكرت – أتمنى أن تكوني أكثر ذكاءً منها وحنكة، وأن تفوّتي عليها هذه الفرصة، ولن يكون ذلك إلا بتواصلك أنت معها شخصيًا، اتصلي عليها، واسأليها عن أحوالها وأخبارها، وقولي لها (أنا آسفة جدًّا لأن الظروف كانت لا تسمح، وكنتُ متعبة نفسيًا، ولكن أنا من يدك اليمين ليدك اليسار، وأنا إن شاء الله تعالى ابنتك، وفي خدمتك).

هذا الكلام قطعًا عندما يصل إلى أمه سوف يؤثر عليها، نعم قد لا تقتنع هذا الكلام من الأول، ولكن مع تكرار هذا الكلام الهادئ أعتقد أنك إن شاء الله من الممكن أن تكسبي هذه الجولة بإذن الله تعالى، لأنه – اسمحي لي أن أقول لك – أنت الوحيدة الخاسرة، فالآن أولادك بعيدًا عن أبيهم، وزوجك لا يصرف عليك، وجالس مع أمه، وأخذ الشقة، إلى غير ذلك، فإذن هي خسارة مركبة.

فأنا أتمنى بارك الله فيك أن تحاولي أن تستعملي الأسلوب الحسن، لأن الناس يكسبون بالأساليب الحسنة أضعاف ما يكسبونه بالشدة والقوانين والشروط، فأحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم، وقد قال الله تعالى: {ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه وليٌ حميم}.

فعليك بذلك، التواصل مع أم زوجك، والاعتذار لها، وفي نفس الوقت أيضًا اتصلي بزوجك وقولي له: (دعنا نفتح صفحة جديدة، أنا نعم كنتُ أشترط عليك ذلك، ولكنك لم تلتزم بهذا، ولكن حفاظًا عليك لأني أحبك، وحفاظًا على أولادي وأسرتي، فإن شاء الله تعالى أتمنى أن نفتح صفحة جديدة، ونعود إلى بعضنا البعض، وأن نبدأ في معاملة أخرى بطريقة أخرى، على أن تعينني على بر أمك والإحسان إليها، لأني وحدي لن أستطيع أن أقوم بذلك كله، فأعنّي على بر أمك وإكرامها، وأنت تعلم شرعًا أنني غير مطالبة بذلك، ولكن سأفعل ذلك لوجه الله ومحبة فيك ومن أجلك).

ومن الممكن أن توسطي بينك وبينه إذا لم تستطيعي أن تبلغيه هذه الرسالة بهذا الوضوح، من الممكن أن توسطي بينكم طرف ثالث مُحايد، سواء كان من أقاربك أو من أقارب زوجك من العقلاء، حتى تعود المياه إلى مجاريها، وترجعي إلى زوجك، لأني أرى أنك بذلك ستخسرين خسارة فادحة جدا، خسرتِ زوجك وستخسرين الشقة وتخسرين النفقة وتخسرين أولادك في نهاية المطاف، لأن الأولاد مع وجود أبيهم يتعرضون للفساد، فما بالك لو أن أباهم غير موجود، أعتقد أن الأمر سيكون في غاية الصعوبة.

أسأل الله تعالى أن يشرح صدرك للذي هو خير، كما أسأله تعالى أن يوفقك لكل خير، وأوصيك بالدعاء والإلحاح على الله تعالى أن يرد إليك زوجك، وأن يصلح ما بينك وبينه وأن يؤلف بين قلوبكم جميعًا، وأن يجعلكم من سعداء الدنيا والآخرة، إنه جواد كريم، هذا وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً