الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ثبات الفتاة في مكان الفتنة أجر وثواب

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا فتاة أبلغ من العمر 28 عاما, عزباء, أعيش في بلد غير إسلامي, كنت متبرجة والحمد لله رزقني الله الإيمان, وامتثلت لأمر الله, وتحجبت, وواظبت على الصلوات, والصيام, والصدقات, وقيام الثلث الأخير من الليل, وأكفل يتيما, وكل هذا من فضل الله, والحمد لله.

نمط حياتي تغير كثيرا بعد الحجاب, إذ إنني لا أخرج من البيت كثيرا إلا للضرورة, مثل العمل, والجامعة, وعدد أصدقائي قل كثيرا, إذ أن أصدقائي السابقين بعيدون كل البعد عن الدين, لا بل إنهم يسخرون من الدين, وجوهم لا يناسبني الآن أبدا, وتقربت أكثر من الفتيات الصالحات.

مشكلتي أن البعض يرى أني بت معقدة بسبب أنني لا أنمص حاجبي كالسابق, وأرفض مصافحة الرجال ولبس البنطال, يقولون لي دائما بأن الدين دين يسر وليس دين عسر, أنا أفهمهم لكن للأسف هم لم ينشؤوا في ظل التربية الإسلامية, وأصبحت العادات والتقاليد المتعارف عليها هي التي تحكمهم.

أنا مقتنعة كثيرا بنمط حياتي الجديد, ومرتاحة له والحمد لله, وأمي وأبي يشجعونني دائما, وأنا واثقة كل الثقة أنني على صواب, إذ أن قرار الحجاب كان قراري بعد التعمق في الدين, وقراءة القرآن.

الكل يقول لي هل نسيت كيف كنت سابقا, وأنا أجيبهم بأن الذي يتوب من الذنب كمن لا ذنب له, وأن الله تواب غفور, مع العلم أنني لم أرتكب الكبائر أبدا, ولكنني كنت متبرجة, هذه المواجهات تكون مع عائلتي القريبة, مثل عماتي, وخالاتي, وبنات خالاتي, والتي أصبحت لا تطاق كثرة تعليقاتهم.

كل الأمور التي ذكرتها آنفا تجعل أمر زواجي معقدا أكثر, إذ إنني أريد الزواج من شاب ملتزم دينيا, وقدوته النبي صلى الله عليه وسلم والسلف الصالح, وللأسف هذا نادر جدا في محيطي, فصديقاتي يقلن لي بأنني أعقد الأمور, وأنني تقدمت في العمر, وأنه علي التساهل في طلبي, وأنه لن أجد ملتزما يقبل الزواج من فتاة في عمري.

أنا مؤمنة جدا بالقضاء والقدر, وأدعو الله كثيرا أن يرزقني الزوج الصالح الذي يعينني على ديني, ويعفني, ويكرمني, ويكون زوجي في الجنة, أدعو الرحمن أن ييسر أمر زواجي إن كان لي فيه خير, وأن يصرفه عني إن كان لي فيه شر.

ولكني أسأل: هل علي حق أن أسوق نفسي للزواج كما يدعي البعض؟ مع العلم أنني فتاة اجتماعية جدا, ولطيفة مع الجميع, ولكنهم يحملونني مسؤولية تأخر زواجي ويتهمونني بالتقصير.

وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ meso ez msu حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

الحمد لله والصلاة والسلام وعلى رسول الله وعلى آله وصحابته.

وبداية نرحب بك في الموقع ونشكر لك هذا التواصل وهذا الاختيار، ونهنئك بالتوبة, وهنيئا لك بتوبة الله عليك، ونسأل الله لك التوفيق والسداد والثبات، وإن يلهمك الرشاد, وهو ولي ذلك والقادر عليه.

ونسأل الله تعالى أن يهيء لك الزوج الصالح الذي يسعدك، وأرجو أن تعلمي أن أحسن تسويق للفتاة هو أن تحشر نفسها في الصالحات، وأن تكون كما ذكرت لطيفة واجتماعية ومشاركة للناس، وأنت تفعلي هذا ولله الحمد.

واعلمي أن للصالحات إخوان وأخوات ومعارف ومحارم كلهن يبحث عن الصالحات من أمثالك، وأن أمر الزواج لا علاقة له بهذا الذي يحدث، فالفتاة المتبرجة الشاب قد يضحك معها, ويلعب معها, لكنه في الغالب لا يختارها زوجة له, ولا يرضاها أما لعياله, ولا يرضاها حارسة لداره، وإن رضيها فبعد ذلك سوف تكون مصدر مشاكل وتوتر بينهم، لأنه لا يمكن أن يقبل بهذه التي ضحكت مع هذا, وتكلمت مع هذا؛ لتكون أما لعياله, وحارسا لداره.

ولذلك أرجو أن تثبتي على ما أنت عليه، ولا تلتفتي لكلامهم، واعلمي أن الرزاق التواب الرحيم سوف يعوضك خيرا، وسوف يهيء لك من يسعدك في هذا الحياة، فاثبتي على ما أنت عليه من الخير.

واعلمي أن لكل شيء أجل ومقدار, والحمد لله أنت سعيدة وراضية بهذا الالتزام وبهذا الثبات الذي أنت عليه، وهذا هو المهم، وهكذا يهيء هذا الدين ويحقق السعادة لمن يعود إلى الله تعالى، فلا تلتفي لكلامهم، واجتهدي في النصح لهم، وكوني داعية خير لهم، وزيدي في برهم والإحسان إليهم, مع التمسك بالثوابت بهذا الدين العظيم الذي شرفنا الله تعالى به، ولا تتضايقي من كلامهم لأنهم معذرون وجهلاء بهذه الدين، وكذلك كنت من قبل ومن الله عليك، فارحمي ضعفهم واجتهدي في التواصل معهم والإحسان إليهم والمحافظة على هذا الرابط الذي يربطك بهم حتى تكون تلك المعاملة الحسنة, وتلك المجاملات اللطيفة سبباً لهدايتهم, وسبباً لعودتهم إلى الحجاب والصواب.

وأرجو أن تبذلي نصحك لمن تتوسمين فيها الخير من بنات العم, وبنات الخال, وممن حولك من الفاضلات, وأبشري بالخير, فإن الله سوف يأتي لك بالزوج المناسب، ومن التي أقبلت على الله ولم يؤوها ولم ينصرها؟

نسأل الله تعالى أن يسهل أمرك, وأن يلهمك السداد والرشاد, وأن يعينك على الخير, وأن يهيء لك من أمرك رشدا, وهو ولي ذلك والقادر عليه.

وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً