الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أصبحت في حالة نفسية سيئة منها الوسوسة والاكتئاب، ما الحل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنتم أملي بعد الله في معاناتي التي حرمتني لذة الحياة، وسببت لي مشاكل مع نفسي ومع الآخرين.

أبلغ من العمر 30 سنة، متزوج ولدي طفل، مشكلتي بدأت منذ الصغر حيث أني كنت أعاني من الخجل وكبرت ولا زالت المشكلة معي إلى هذا الوقت، عائلتي لديها مشاكل نفسية بهذا الخصوص، حيث أن أغلب إخواني يعانون من الخجل الشديد، فهذا الأمر وراثي كما يبدو.

محاربتي لهذا الداء سببت لي أذى نفسياً بالغاً وعميقاً، وأصبحت في حالة نفسية سيئة، منها الوسوسة والاكتئاب، لطول محاربتي أشعر بأني استطعت التقدم ولكنه تقدم ليس هو ما أطمح أن أكون عليه في هذه الحياة.

قررت أن أتناول الدواء النفسي، وقبل أن أدخل في هذا الأمر اتجهت إلى الأعشاب واستخدمت سانت جونز، وأحسست معها بتحسن رائع لمدة بسيطة، ثم خفت فائدتها، استخدمتها لمدة 7 أشهر وكانت فائدتها متفاوتة وفي نهاية الأمر أحسست أنها فقدت فعاليتها وتركتها، والآن أعيش في جو محبط.

أعراضي:
- قلق دائم وبلع ريق في أكثر الأحيان، وخصوصاً عندما أركز على الرهاب.
- إحساس بالضيق وعدم الانشراح، والرسمية الزائدة عن الحد والجمود.
- ملل من الحياة ولا وجود لأمر يستدعي النشاط والفرح.
- رهبة من الكلام وعدم الرغبة به، وخوف من حضور الاجتماعات وخفقان قبل الدخول إلى اجتماع رسمي.

- وسوسة خفيفة في تعاملي مع الناس، وتردد زائد عن الحد.
-رهابي متذبذب، ففترات يشتد علي وفترات أشعر بأنه يخف.

الرجاء إعطائي الوصفة المناسبة، حيث أني متردد بخصوص العلاجات، وقد بحثت ووجدت أن زولفت له سمعة حسنة في هذا الأمر، وكذلك سبراليكس.

بودي أن تصفوا لي العلاج المناسب لحالتي، وأتمنى أن يكون خفيف التأثير من ناحية الأعراض الانسحابية، لأني لا أنوي الاستمرار عليه.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

الذي يبدو لي أنك بالفعل تعاني من درجة من الخجل، وإن شاء الله تعالى أيضًا لديك الحياء، وفي ذات الوقت قد تكون لديك درجة من الرهبة الاجتماعية.

هذه تتداخل مع بعضها البعض، وتعطي الصورة الإكلينيكية التي تحدثت عنها، وهي عدم الارتياح في المواقف الاجتماعية، ووجود القلق الدائم يجب ألا يُزعجك ذلك كثيرًا، لأن الرهاب – وكذلك الوسوسة – والمخاوف بجميع أنواعها هي في الأصل نوع من القلق.

لا شك أنك منطلق على الأسس السلوكية التي يتخلص الإنسان من خلالها من حالة الخجل والانطواء وضعف التواصل الاجتماعي.

من أهم هذه الطرق العلاجية أولاً: أن تعييد تقييم ذاتك، لا تعتبر نفسك مقصرًا أو أقل من الآخرين، كما أن موضوع وجود الخجل في الأسرة وربما يكون متوارثاً، هذه النظرية لا ننكرها، لكن أيضًا تم انتقادها كثيرًا، بمعنى أنه لا توجد ثوابت قطعية تقول إن الخجل يمكن أن يكون موروثًا، ربما يكون التأثير البيئي أيضًا قد لعب دورًا، ولذا يمكن من خلال التعلم المضاد أن ينتهي هذا الخجل، ويجد الإنسان نفسه متصالحًا مع نفسه ومع الآخرين متواصلاً، هذا من ناحية.

من ناحية أخرى: أنت لديك إنجازات إيجابية كبيرة، وهذا يدل على أنك لا تعاني من إعاقة حقيقية، هذا من الضروري أن يكون منطلقًا إيجابيًا وفاعلاً بالنسبة لك.

ثالثًا: هنالك تواصلات اجتماعية ضرورية، إن حرص عليها الإنسان يجد أن الخوف والرهبة والانطوائية قد انتهت منه تمامًا، ومن أهم هذه التواصلات الاجتماعية: القيام بالواجبات الاجتماعية، من حيث مشاركة الناس في مناسباتهم، زيارة الأرحام، الحرص على الصلاة مع الجماعة، الانخراط في أي عمل اجتماعي أو خيري أو ثقافي، وممارسة أي نوع من الرياضة الجماعية.

هذه الأربعة – أو الخمسة – دعائم أساسية جدًّا للقضاء على الخوف والخجل والانحسار الاجتماعي، وبالطبع لها فوائد أخرى كثيرة، لأنها تساعد في تطوير المهارات الاجتماعية.

هذا يجب أن تكون حريصًا عليه، واحرص دائمًا على أن تتجاهل الخوف والرهبة.

بالنسبة للعلاج الدوائي: أرجو ألا تتردد حياله، هذه الأدوية مفيدة ومفيدة جدًّا، على الأقل هي تتحكم في القلق، وحين يتم التحكم في القلق تنهار بعد ذلك كل مكوناته الأخرى من خجل وخوف ورهبة.

أنا أتفق معك أن عقار زولفت - والذي يعرف علميًا باسم سيرترالين – هو دواء جيد جدًّا، مفيد جدًّا، فاعل جدًّا، نستطيع أن نقول إنه سليم جدًّا أيضًا.

جرعة هذا الدواء يمكن أن تكون حتى أربع حبات في اليوم، لكن أعتقد أن حبة واحدة سوف تكون كافية بالنسبة لحالتك.

من الضروري جدّا الالتزام بالعلاج، هذه مهمة وأرجو ألا تتوقف عن الدواء بعد أن تحس بالتحسن، إنما أكمل الدورة العلاجية كاملة، والعلاج ينقسم إلى مراحل معروفة: هنالك جرعة بداية، وهنالك جرعة علاجية، وهنالك جرعة وقائية والتوقف التدريجي للدواء.

ابدأ في تناول الزولفت بجرعة نصف حبة – أي خمسة وعشرين مليجرامًا – تناولها ليلاً، وأريدك أن تستمر عليها لمدة عشرين يومًا، هذه جرعة بسيطة لمدة طويلة نسبيًا، هذه - إن شاء الله تعالى – تساعد على البناء الكيميائي بلطف، ولن يجعلك تحس بأي أثر جانبي.

بعد ذلك ارفع الجرعة إلى حبة كاملة، تناولها ليلاً، وهذه يجب أن تستمر عليها لمدة ستة أشهر - هذه ليست مدة طويلة أبدًا، إنما هي المدة المطلوبة في مثل حالتك – بعد ذلك اجعل جرعة الدواء نصف حبة يوميًا لمدة شهر، ثم اجعلها نصف حبة يومًا بعد يوم لمدة شهر أيضًا، ثم نصف حبة مرة واحدة كل ثلاثة أيام لمدة شهر أيضًا.

هذا التدرج والالتزام به مهم جدًّا، ويضمن لك - إن شاء الله تعالى – عدم حدوث أي أثر جانبي خاصة الآثار الانسحابية البسيطة.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وأسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً