الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أخي يضربني بالعصي والقضبان الحديدية، أرشدوني كيف أتعامل معه؟

السؤال

أنا فتاة عمري 16 سنة، وأخي أصغر مني بسنتين، منذ كان عمري 11 سنة، وهو يضربني اشتكيت لوالديّ، أمي لم تكن تهتم، أما أبي فكان يعاقب الجميع ظالما ومظلوما، كبرنا وتطور الأمر.

أحاول باستمرار تجاهله وتفاديه، لكنه يتمادى أكثر وأكثر، بل صار يضربني بالعصي والقضبان الحديدية إذا ما رفضت له طلبا، أو دافعت عن حقي المشروع، أخاف أن يؤول الأمر إلى ما لا تحمد عقباه.

أرشدوني جزاكم الله خيرا، وأدخلكم فسيح جناته.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ فاطمة حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحابته ومن والاه.

فإنا نتمنى أن يقوم الوالد بنصرتك -وكذلك الوالدة- بمنع هذا الأخ من العدوان عليك، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يلهمك السداد والرشاد، ونرحب بك في موقعك، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يقدر لك الخير، وأن يعينك على كل أمر يُرضي الله -تبارك وتعالى-.

لكننا -يا ابنتِي- لو حاولنا أن نسأل بداية: ما هي أسباب هذا العدوان من الأخ، وهل يمكن أن يكون عدونًا بلا سبب، وهل نستطيع أن نتفادى أسباب هذا العدوان؟ يعني هذا الشقيق عندما يعتدي عليك له سبب في ذلك، لا أظن أنه يعتدي عليك بالضرب دون أن يكون هنالك سببًا، فحاولي دائمًا أن تبتعدي عن الأمور التي تجلب غضبه والتي تجلب احتكاكات بينكما، والتي يراها عدوانًا عليه، ثم بعد ذلك يقوم بالعدوان عليك.

ونتمنى من الله -تبارك وتعالى- أن يلهم ابننا الكريم السداد والرشاد والصواب وأن يعينه على الخير.

ثم إننا نسأل: هل يفعل هذا الشيء مع بقية الإخوان؟ هل هو يعتدي على أولاد الناس أيضًا؟ في المدرسة مثلاً، أم هذا العدوان فقط عليك أنت؟ لأنه إذا كان العدوان عليك أنت وحدك فقد يكون السبب هو عدم وجود العدل من الوالدين، ربما كنت أنت المفضلة، أو المدللة، أو هذا الأخ يشعر أنه لم يجد الاهتمام، وقد يكون السبب أيضًا هو أنك دائمًا تبدئين بالعدوان عليه، قد يكون السبب هو أن هذا الولد نال مقدارًا كبيرًا من الدلال.

قد يكون السبب هو أنه يمر بفترة عمرية محددة، وهذه الفترة العمرية يحصل فيها شيء من النفور بين الذكر والأنثى، لأن الولد في سن المراهقة يحاول أن يُبرز هذا الجانب فيبتعد عن أخواته، وربما يعتدي عليهنَّ بالضرب إظهارًا لرجولته، وإظهارًا لتميزه بهذا الجانب.

وكون هذه الأشياء موجودة لا يعني أننا نوافق على ما يحصل، ولذلك نتمنى أن يُجدي الكلام مع الوالدة، ولو كان الوالد لا يبالي بالذي يُخطئ أو الذي أخطأ عليه، فإنا ندعوك إلى أن تلجئي إلى الخالات، وإلى والأخوال، وإلى الأعمام والعمات، من أجل أن يُوقفوا هذا الشاب عند حده، وحبذا لو كان ذلك بطريقة جميلة، كأن يقولوا له: (أنت رجل وهذه أخت لك، ينبغي أن تحافظ عليها، ولا تعتدي عليها، فإن الرجال يحفظوا أخواتهم ويحرصون عليهن ويعطفوا عليهن، ولا يعتدوا على أخواتهم وشقيقاتهم).

ونعتقد أن هذا الأسلوب يمكن أن ينفع خاصة إذا حرصت على تجنب الأمور التي تثير المشاكل والأمور التي تسبب في حصول هذا الشقاق بينكما.

أما إذا لم يُجدي هذا الحل فإنه أيضًا هؤلاء الأطراف يستطيعون أن تكون لهم كلمة مؤثرة على الشاب، بل كلمة مؤثرة على الوالد أو الوالدة في حسم هذا الأمر، لأن الأمور بهذه الطريقة لا يمكن أن تُقبل، خاصة وقد قلت أنه يعتدي عليك بقضبان من الحديد، أو أشياء حادة أو بغيرها، وهذا لا يمكن أن يُقبل، لابد أن يكون هناك موقفًا حاسمًا في هذه المسألة، ولابد أن نعرف ما هي أسباب هذا العدوان، لأنه إذا عُرف السبب بطل العجب.

نحن لا نتصور أن يكون هناك شاب يعتدي على أخته دون سبب، وبلا أمور تحصل بينهما أو أخطاء من الأخت، أو عدوان على ممتلكاته الخاصة، أو احتقار له، أو غير ذلك، يعني لا بد أن يكون هناك سبب، وإذا عرف السبب بطل العجب وسهل علينا بحول الله وقوته إصلاح الخلل والعطب.

ولذلك نحن ندعوك إلى نظرة في هذه المسألة بطريقة شاملة، ونتمنى أن تكتبي إلينا أيضًا إذا كنت لا تريدين أن تكلمي الآخرين عن أسباب خصامه معك، ومتى ما يرفع يده عليك؟ ولماذا هو يعتدي عليك دون الآخرين ودون الأخريات، وهل هذا العدوان يحصل منه على الآخرين أم فقط يعتدي عليك أنت، وهل نستطيع أن نقول أن الوالدة تشجعه وتدلله؟ يعني لا بد أن تكون هناك أسباب، ولذلك نحن ندعوك إذا لم يجدي النصير من أرحامك وأقربائك أن تكتبي إلينا بتفاصيل حتى نصل إلى الحلول المناسبة.

ونسأل الله لك التوفيق والسداد، ونكرر شكرنا لك -ابنتِي- على حسن السؤال وعلى التواصل مع الموقع والاحتكام لشرع الله -تبارك وتعالى-، ونسأل الله -تبارك وتعالى- أن يصلح لنا ولك الأحوال.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • السعودية خالد

    حاولي قد ماتقدرين تدافعين عن حقك بيدك اذا ضرب بعصا خلي عندك عصا وضربيه فيه لانه اذا تركتيه بيتمادى

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً