الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

زوجي لا يتواصل مع أهلي في المناسبات.. ماذا أفعل معه؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا متزوجة منذ تسع سنوات، وأعتبر أن زوجي مكافأة من الله -والحمد لله- ولكن لدي مشكلة وحيدة من حيث أنه ليس اجتماعيا أبداً، بحيث لا يحب الزيارات العائلية أبداً، ولا يقوم بالواجب مع أهلي إلا بعد محاولة، ومع السنين تعود على زيارتهم في السنة مرة في رمضان، علما بأن أمي وأبي يحبانه أكثر مني، ولا يمنعني أبداً من زيارة أهلي أو جيراني.

أختي تزوجت، ولم يحضر الزواج، ولم يبارك لزوجها حتى في التلفون، أو يقوم بزيارة، وعندما أطلب منه زيارتهم ندخل في شجار، ويقول لي: أنا طبيعتي هكذا، ربي خلقني هكذا، علما بأن أخلاقه عالية، وممتاز في الحديث والتعامل مع الناس عامة.

مشكلتي أني أحس بإحراج شديد من أختي؛ لأن زوجها يسألها لماذا زوج أختك لم يبارك لي؟ وأختي محرجة من زوجها؛ لأن أزواج أخواته يعزموه وأختي، وأنا لا ستطيع أن أكلمه، وأقول أعزمهم؛ لأنه هو صاحب البيت المفروض هو الذي يقوم بعزيمتهم. هل أتغاضى عن هذا الشيْء وأعيش حياتي.

أرجو إفادتي في مشكلتي التي بها يمكن أن ندخل في شجار ومشاكل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ fofo abd faqih حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحابته ومن والاه.

نرحب بك ابنتنا في موقعك، ونهنئك على هذا الزوج الذي قلت أنه مكافأة من الله، نسأل الله أن يقدر لك الخير، وأن يديم عليكم هذه النعم، وأن يكمل عليكم نعمه بمنَّه وفضله، هو ولي ذلك والقادر عليه.

حقيقة أنت سعيدة بهذا الزوج صاحب الدين والأخلاق العالية، سعيدة بهذا الزوج الذي يُحبه الأهل، تحبه الوالدة ويحبه الوالد – كما قلت أكثر منك – وهذا دليل على أنه على الخير.

أما مسألة أنه ليس اجتماعيًا، وأنه لم يعتد على ذلك، فهذه مسألة تحتاج إلى وقت، وإذا فهم الناس طبيعة الإنسان؛ فإن عليهم أن يعاملوه بالطبيعة التي عليها، ولا يكلفوه فوق ما لا يُطيق، وقد يحتاج هذا التغيير إلى شيء كثير من الوقت، وهناك من الناس من تربى على هذه الطريقة، وإذا كان -ولله الحمد- أصبح يصل الوالدين، فإن بقية الأمور - إن شاء الله تعالى – أيضًا سيصل فيها إلى حلول مناسبة، ونسأل الله أن يوفقك وإياه لما يُحب ويرضاه.

لا تنحرجي، ولا تحملي الأمور فوق طاقتها، ولا شك أن أختك على علم بطبيعة زوجك، وأنه لا يزور أسرتك حتى الوالد والوالدة إلا في السنة مرة – كما قلت – فماذا ننتظر منه بالنسبة للآخرين، لذلك هي التي ينبغي أن تُفهم زوجها، وتبين له طبيعة ذلك الرجل، ويتركوا إصلاح الأحوال للزمان، وأنت أيضًا يجب أن تعامليه برفق، ولا تفرضي عليه الأمور فرضًا، وإنما تقترحي عليه ببذل هدية لهم، أو دعوتهم إلى وليمة في البيت، أو نحو ذلك من الخدمات التي تُقدم عادة، وأعتقد أن المسألة إذا كانت بنقاش وهدوء وبالترغيب سيكون لها ثمارًا طيبة، أما لو قلت: (أنت مختلف، وهؤلاء فعلوا) هذه المقارنات السالبة لا تُشجع الرجل على فعل الخير، ولكن ينبغي أن تمدحيه بما فيه، من أنه عنده أخلاق عالية، وأنه ممدوح ومشكور، وأنه ناجح في البيت، لكن حبذا لو انتبهنا لكذا، حبذا لو تواصلنا مع أختِي بمناسبة زواجها، حبذا لو فعلنا كذا وكذا.

تجتهدي أنت في إكرام أهله، والتواصل معهم، باحترامهم، بتقديرهم، فإن عجزت فزوجك أولى بالاهتمام، ومن واجبك أن تتغاضي كما قلت وتغض الطرفي عن هذا الجانب، وهذا الخلل الذي يظهر لك، لأنه لا يوجد إنسان ليس فيه عيوب، ومن الذي ما ساء قط؟ ومن الذي له الحسنى فقط؟ وكفى بالمرء نُبلاً أن تُعد معايبه، إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث.

هذا رجل فيه خير كثير، فلا تعكري على حياتك، ولا تشوشي عليه بالوقوف عند هذه المواقف التي تعتبر حقيقة صغيرة، ولا ترقى لمستوى ما ينبغي أن تكون عليه الحياة الزوجية من انسجام وتفاهم بوجود هذه الأمور الصغيرة.

نعتقد أن الزمن وحسن التعامل جزء من وسائل التغيير لهذا الرجل، ودون أن تُشعريه أنك راغبة في تغييره، ولكن بالتدرج، بالتي هي أحسن، بالمحاولات، بالتشجيع ستتغير الأمور كما تغيرت مع الوالدين.

إذا علم الناس طبيعة الإنسان، فإنهم يتعاملون معه في سعادة وهدوء وهناء، وهذا جزء من ثمن وجود الإنسان في الجماعة، أن يفهم نفسيات الناس، من الذي يُعجبهم، وطبائعهم، ثم يُداريهم، فإن المدارة مطلوبة، والمداهنة مرفوضة؛ لأن المداراة هي أن يعامل الإنسان بحسب طبيعته، يراعي في ذلك النفسية التي هو عليها، يراعي الوضع الذي هو فيه.

نسأل الله تبارك وتعالى لك التوفيق والسداد، وأن يلهمك السداد والرشاد، وأن يعينك على الخير، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يُديم عليكم نعمه، وأن يوفق الجميع لما يحبه ويرضاه.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً