الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حسن العلاقة بين والدتي و زوجتي، كيف أحافظ عليها؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أعيش أنا وزوجتي ووالدتي وأختي في منزل واحد في المملكة السعودية بعيداً عن بلدي، وحيث أني المسئول عن والدتي وأختي بقيت مقيماً معهم بعد زواجي، وكنت على أتم الاستعداد على بقاء روح التناغم بينهم وبين زوجتي التي أبلغتها بوضعي هذا قبل الزواج.

لكن الآن قد وصلت إلى مرحلة أرى فيها أن زوجتي لا تتكلم مع أهلي، وهم أيضاً نفس الشيء! أنا الآن في موقف صعب، أريد منكم أن تنصحوني.

كيف التعامل مع الزوجة التي ترى أنها ليست مخطئة، ومع الوالدة؟ وكيف يمكنني التعايش في هذه الحالة؟

وشكراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبو أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحابته ومن والاه.

نرحب بك بداية في موقعك، ونشكر لك هذا الحرص على الخير، ونشكر لك الرغبة في تحمل المسؤولية بعد وفاة الوالد، فهذا لون من البر الذي تؤجر عليه، ونسأل الله أن يسهل أمرك، وأن يُلهم الجميع السداد والصواب، هو ولي ذلك والقادر عليه.

لا يخفى عليك ابننا الكريم أن الشريعة التي تأمرك ببر الوالدة والإحسان إليها والوفاء للأخت الشقيقة هي الشريعة التي تأمرك بالإحسان للزوجة وإكرامها، ولا يخفى عليك أن حصول التوتر متوقع في مثل هذه الأوضاع، والعبرة في ذلك والمهم في ذلك هو أن يسأل الإنسان ربه التوفيق، ويسعى بعد ذلك الرجل في أن يكون عادلاً، في أن يكون حازمًا، في أن يضع الأمور في نصابها، فيحفظ للوالدة مكانتها ومنزلتها الرفيعة، يقدرها ويجتهد في برها، ويحفظ للأخت مكانتها، وهو الذي تولى مهمتها، أن يكون في مقام الأب والأخ في نفس الوقت، كذلك يحفظ للزوجة تقديرها وهيأتها الخاصة، وما ينبغي أن تأخذه وتناله.

عليك كذلك أيضًا أن تجتهد في إبعاد أسباب التوترات وأسباب المشاكل الحاصلة، وعليك كذلك أن تجتهد في نقل المشاعر النبيلة من زوجتك إلى أهلك، ومن أهلك إلى زوجتك، وعليك كذلك أن تجتهد في أن تقيم العدل وفي أن توازن بين الأمور، أن تضع الأمور في نصابها وصوابها.

لا يخفى عليك أن الغيرة قد توجد بين النساء، فهذه الزوجة التي دخلت على بيت جديد جاءت لتشارك في حب الوالدة لولدها وفي جيبه، فما لم يكن عندنا من الحكمة والإكرام والاحترام للوالدة يتوقع أن يحصل توتر، لذلك نحن نريد أن تقول لزوجتك: (سأحملك على رأسي، وأقدرك، وأعرف لك الفضل إذا احترمتِ والدتي).

أيضًا ينبغي أن تقدر للزوجة تعبها ومعاناتها إذا كانت هناك معاناة مع الوالدة، لأنه هكذا ينبغي أن يكون الزوج زوجًا حكيمًا، فالزوجة بحاجة إلى دعم معنوي، بحاجة إلى من يعرف أنها تعاني، بحاجة إلى من يعطيها حقها وحظها، بحاجة إلى من يشكر لها صبرها وإحسانها للوالدة.

الزوجة عليها أن تعتبر أمك أمها وتحسن إليها، وهكذا نوصي كل عاقلة بأن تجعل وفاءها لوالدة الزوج وأهل الزوج، احترامهم، وتقديرهم، والصبر عليهم، وسيلة للوصول إلى قلب الزوج، وإن الزوج الذي فيه خير دائمًا الطريق إلى قلبه يمر عبر بره بأهله، وإذا أكرمت الزوجة أهل الزوج فإنه سيبادلها الوفاء بالوفاء، وسيقوم باحترام أهلها، والإحسان إليهم والشفقة عليهم وإكرامهم، والسؤال عنهم والاحتفاء بهم إذا كانوا غير موجودين معه في نفس المكان.

أعتقد أن المعادلة محتاجة منك إلى رعاية هذه الأشياء التي أشرنا إليها، مع ضرورة أن تزيد البر للوالدة، لأن الوالدة ستقارن كيف كنت قبل الزواج وكيف أنت الآن.

عليك كذلك بينك وبين زوجتك أن تعطيها حقها، وإكرامها، أما في حضور الوالدة فينبغي أن نقدم الكبير، نحترم الكبير، ونسعى جميعًا في إرضاء الوالدة، وهذه الأمور ينبغي أن تكون معروفة لدى الزوجة، التي ينبغي أن توقن أنه لا خير في زوج لا يقوم بوجباته تجاه أمه وتجاه أخواته.

اصبر على هذا الوضع، واجتهد في الإصلاح، وانقل المشاعر النبيلة، وأقم العدل في بيتك، فلا تضيع حق الزوجة ولا تضيع حق الوالدة والأخت، ونحن نشكر لك هذا الحرص، وليس عندك خيار إلا هذا، وعلى الزوجة أن تدرك أن مكانة الأم غالية، وأن أولى الناس بالرجل الأم، كما أن أولى الناس بالزوجة الزوج، فعليها أن تجتهد في إرضائك، وفي الإحسان إلى أهلك، وفي الصبر عليهم، وأنت في المقابل عليك أن تُكرم وتقدر وتعرف لها قدرها ومجهوداتها وإحسانها.

بالمناسبة: الزوجة تحتاج إلى الدعم المعنوي، يعني لو اشتكت من الوالدة أو من الأخت، تقول لها: (والله أنا فخور بك، أنا أشكرك على هذه الأخلاق العالية، أنا فخور بك وسأقدرك، وسيأتي اليوم الذي أعرف لك فيه هذا الفضل وهذا الصفح وهذا الإحسان لأهلي، لكن أنت تعرفين يا فلانة أني لا خيار لي إلا هذا، هذه والدتي وهذه أختي، وهما قرابتي، ليس لهم مكان إلا عندي، فأرجوك أن تصبري عليهم، وعهد ووعد أن أقوم بإكرامك وأحسن إليك، وأن أقدر هذه المعاناة).

ينبغي أن تُدرك زوجتك أن الوالدة إنسان كبير، والإنسان الكبير له مراسيم، له أشياء لابد أن يعرفها الشباب، فعلينا أن نعود إلى ثقافة الشرع، إلى ما وجهتنا به الشريعة، لا إلى ما يسمعه الناس من خلال المسلسلات التي دائمًا تُشعل نيران المعارك بين الزوجة والحما، بين الزوجة وأم الزوج، أو بين الزوج وأم الزوجة، لأن هذه ثقافة مسلسلات.

أما الثقافة الشرعية فإنها بر وإحسان ووفاء والتزام ورعاية لمن يكبرنا ولو ليوم واحد، فكيف إذا كان هذا الكبير هو أم الزوج، كيف إذا كانت هذه الكبيرة – من الناحية الثانية أيضًا – هي أم الزوجة، فالشريعة دعوة لاحترام الكبير ورعايته والصبر عليه.

نسأل الله أن يسهل أمركم، وأن يلهمكم السداد والرشاد، وأرجو أن تتوجه إلى الله دائمًا، لأن قلب الزوجة وقلب الوالدة وقلب الأخت وقلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها، فنسأل الله أن يصرف القلوب لطاعته، ونشكر لك هذا التواصل، ونحن على استعداد في أن نكون في خدمتك وخدمة أمثالك.

نسأل الله أن يعيد لبيتك ولنفسك الهدوء والطمأنينة والخير، وأن يعينك على إصلاح ذات البين، هو ولي ذلك والقادر عليه.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً