الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

رفض والد الفتاة مقابلتي للزواج من ابنته، ترى ما السبب؟!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله.

أبلغ من العمر 38 عاما، وللآن لست متزوجا - أقوم بفروضي الدينية والحمد لله -، تعرفت من فترة 7 شهور على فتاة من خلال موقع إسلامي للزواج على النت - وقد أصبحت مشاعرنا مترابطة – وأنا من حوالي الشهرين - نتيجة للحب والتفاهم الذي حصل بيننا - طلبت بأن تخبر أهلها عني وأني أريد أن أتقدم لها - مع العلم أن الفتاة عمرها 23 عاما، المهم صعق والد الفتاة عندما فاتحته ابنته بموضوعي بالنسبة للزواج من شاب عن طريق الإنترنت! وأنا منذ حوالي الشهرين أحاول وأسعى من خلال الفتاة أن تجعل والدها يقتنع بوجوب رؤيتي قبل الحكم علي من بعيد، - الذي لاحظته رفضه الشديد لارتباط ابنته بشاب يكبرها ب 15 عاما - مع أني ولله الحمد- شكلي أصغر من عمري بكثير-.

سؤالي: هل يجوز لوالد الفتاة رفضي حتى قبل أن يراني؟ مع أن الفتاة تحبني وليس لديها أي مشكلة في فارق العمر! أرجو من حضرتكم توضيح هذه المسألة - وجعل الله ما تقدمونه من حلول في ميزان حسناتكم.
والله الموفق!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سامر حسن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحابته ومن والاه.

نرحب بك ابننا الكريم في الموقع، ونسأل الله أن يلهمك السداد والرشاد، ونشكر لك التواصل والاستفسار، ونشكر لك هذه الثقة، ونسأل الله أن يقدر لك الخير حيث كان ثم يرضيك به. وكم تمنينا لو أنك شاورتنا في البداية قبل أن تُقدم على هذه الخطوة، لأن الطريقة التي تقدمت بها والتي عرضت الفتاة الفكرة على أسرتها هي مصدر الخلل، فلا شك أن مجتمعاتنا – بل من حقنا في مجتمعاتنا – أن نرفض فكرة الارتباط في الخفاء، والإسلام دين يريد أن يبني الحياة الزوجية على أسس صحيحة، على الوضوح التام، فإن الإسلام لا يرضى بعلاقة بين شاب وفتاة إلا إذا كانت علاقة مُعلنة، إلا إذا كانت بعلم أولياء الفتاة، إلا إذا كان الهدف منها الزواج.

إذا وجد الإنسان في نفسه ارتياحًا لفتاة ووجدت الفتاة ارتياحًا لشاب فإن أول الخطوات هي أن يأتي الشاب من أبوابها، بل إننا نفضل قبل ذلك أن يُخبر أهله برغبته وبفكرته، وحبذا لو شاهدوا الفتاة، ثم بعد ذلك يأتي بأهله لمقابلة الرجال وأهل الفتاة، ويبدو من أسباب الرفض دائمًا عندنا أن بعض الشباب يأتي وحده، ويقول (أريد فلانة بنتكم أو كذا)، وهذا قطعًا يدعو الآباء إلى الرفض، لأنه أين العائلة؟ أين الأسرة؟ هل هم عندهم موافقة، كيف نعرفك؟ من أنت؟ هذه كلها أسئلة، إلا إذا حصل العكس، لو أن الأسرة جاءته وهو لم يأتِ إذا كان هذا أقرب إلى الصواب، لأن الزواج ليس التقاء ورباط بين شاب وفتاة فقط، ولكن هو التقاء ورباط بين أسرة وأسرة، وبين بيت وبيت، بين قبيلة وقبيلة، لذلك الشريعة اهتمت بهذه الأمور غاية الاهتمام، وجعلت لها هذه الترتيبات الواضحة.

فنحن نقول: حتى حصلت علاقة وتعارف بين الأسرتين بهذه الوسيلة ينبغي أن تتوبا إلى الله تبارك وتعالى، ثم بعد ذلك يأتي الشاب البيوت من أبوابها، وليس من الحكمة ولا من الحنكة أن تُخبروا أنه حصل بينكما تعارف، وكان بينكما مراسلات، وكان بينكما مكالمات، لأن فيه استفزاز لمشاعر أهل الفتاة، وهذا أيضًا معصية لله تبارك وتعالى، والإنسان إذا ابتلي بمعصية عليه أن يستر على نفسه، مثل هذا الكلام لا يُعلن، لكن يأتي بعد ذلك بل يقول: (كنت في المدرسة وشاهدتها في الطريق أو كذا) ويظل هذا التواصل الذي دام في المعصية وفي الغفلة وفي البعد عن الأهل، يظل هذا سر من الأسرار بين الرجل وزوجه.

هذه نقطة نتمنى أن ينتبه لها كافة الشباب، ولذلك طريقة الإخراج وأن تقول الفتاة: (أنا عرفت شابًا عن طريق النت وأريده) هذا طبعًا يدعو الأب إلى الرفض، غيرة على محارمه، وخوفًا على بنته، ورفضًا لهذا المنطق، فلا يزال الناس يخافون، لأن النت عالم وهمي، عالم يتكلم فيه الرجل بلسان الفتاة، وتتكلم فيه الفتاة بلسان الرجل، ويعطي الإنسان نفسه رموز وأمور فيها غموض، من الغموض ما لا يعلمه إلا الله تبارك وتعالى.

فالزواج ليس مسألة تُبنى على هذا الغموض، بل لابد أن تؤسس العلاقة على الرضا والقبول والتفاهم وأن نجيء البيوت من أبوابها.

على كل حال نحن نتمنى أن تكرر المحاولات، وأن تطلب مساعدة أصحاب الوجهات، وأن تطلب تأييد الدعاة الذين لهم تأثير على والد الفتاة، ثم عليك بعد ذلك أن تأتي بأهلك، فإن الرجال إذا شاهدوا بعضهم حصل التعارف، ويتنازلوا عن كثير من الأمور والإشكالات التي كانت تقف في طريق الشاب والفتاة.

فأرجو أن تغير خطتك في الدخول إلى هذه الأسرة وفي الوصول إلى هذا الأب، ونتمنى أن تجد من الفضلاء والعقلاء والفاضلات من محارمك من يكونوا عونًا لك على الوصول إلى ما تريد، ونسأل الله أن يقدر لك ولها الخير، وأن يلهمكم السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يجمع بينكما على الخير، وأن ينشر الوعي بين آبائنا وأمهاتنا، وليتهم أدركوا أن هذا الأمر الشريعة تجعله للفتاة وللفتى، فهما أصحاب القرار، وهما الذين يعيشا مع بعضهما، والشريعة أيضًا تخاطب الشباب بأن يأتوا البيوت من أبوابها، ويتجنبوا أي علاقة فيها مخالفات، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يهدي الجميع لما يحبُّ ويرضى.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً