الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أوجه النصيحة لأبي ليتوب من شرب الخمر؟

السؤال

السلام عليكم

أريد مساعدتكم في كيفية نصيحة أبي لترك الخمر.

جزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ياسمين حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك -ابنتنا الفاضلة- في موقعك، ونسأل الله أن يقر عينك بصلاح هذا الوالد، وأن يرده إلى الحق والصواب، ونشكر لك هذا الاهتمام، وهذا التواصل مع موقعك، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يكثر من أمثالك من الحريصات على الخير، وأن يرد المسلمين جميعًا إلى هذا الدين ردًّا جميلاً، وأن يجنبهم الفواحش والمنكرات والخمور والمخدرات، وسائر الموبقات، ما ظهر منها وما بطن، إنه على كل شيء قدير.

ننصحك بداية ونذكرك: بأنك في أيام مباركة وفي ليالي مباركة يستجيب فيها الدعاء، فأكثري من التوجه إلى الله تبارك وتعالى، واسأليه بإلحاح أن يصلح هذا الوالد، وأن يرده إلى الحق، فإن قلب الوالد وقلوب العباد يقلبها سبحانه وتعالى.

عليك أن تجتهدي في بر هذا الأب، في النصح له، في الاجتهاد في خدمته، وإدخال السرور عليه، ثم عليك بعد ذلك بمحاورته إن كان ذلك يسمح، وهذه الاستشارة تدل على أنك عاقلة وناضجة، فيمكن أن تحاوريه، تقولي: (يا أبي أنت فيك أشياء طيبة، وأنا فخورة بك، وأنت كذا، لكن أتمنى أن تترك الخمر؛ لأنها مخالفة لأمر الله، ولأني لا أحب أن أراك بهذه الصورة، ماذا يقول الناس عنا؟! والأخطر من ذلك والأهم يا أبي أن ذلك يُغضب الله تبارك وتعالى، وأن الخمر هي أم الخبائث وأم الكبائر، كما أنها تضر بصحتك، وأنت عندنا الغالي يا والدي، نحن بحاجة لك، والخمر هذه تُلحق الضرر بصحتك، وفيها كذلك إتلاف للمال، والمال مفيد وهو نعمة من الله تبارك وتعالى ينبغي أن تحفظ).

كذلك عليك دائمًا أن تحرصي على أن تستري عليه، ولا تظهري عيوبه، واحرصي على بره، وإشعاره بأنه أب وأن له مكانة وأن له دوراً، ويُشكر على الخدمات التي يقوم بها.

عليك أيضًا أن تطلبي مساعدة الوالدة ومساعدة العقلاء من الأعمام والعمات والأخوال والخالات، والدعاة إلى الله تبارك وتعالى.

عليك أن تعرفي سبب انهماك الوالد واستمراره في شرب الخمر، إذا كان السبب في ذلك الأصدقاء مثلاً فاجتهدوا في شغله عنهم، واجتهدوا في أن يلتف حوله طائفة من الأخيار حتى يؤثروا عليه، وإذا كان سبب الوقوع في شرب الخمر هو كثرة الأموال في يديه فاجتهدوا في الاستفادة من هذه الأموال في بناء منزل أو في عمارته، أو في ما يعود عليكم بالفائدة.

عمومًا نحن نجتهد في أن نضيق دائرة الشر، ونجتهد في أن نعين هذا الأب على الشيطان، لا أن نعين الشيطان عليه، ونتمنى من الله تبارك وتعالى أن يجد هذا الكلام استجابة من الوالد، وأن يكون من حولك أيضًا يشارك نفس الاهتمام، فإن الإنسان إذا كان على معصية وشعر أن جميع من حوله خاصة ممن يُحب لا يريدوا هذا المنكر ويرفضون هذه المعصية، فإنه عند ذلك يمكن أن يتراجع، لكن المصيبة أن الناس اعتادوا مثل هذه الأمور، ويتعاملون معه على أنه شخص سوي، فلا يشعر بأن فيه خللاً أو أن فيه نقصاً، وأنه في جانب ينبغي أن يتداركه، فالرأي العام والذين حول الشخص يؤثرون عليه جدًّا، وهو ينتفع جدًّا بملاحظاتهم وتوجيههم، خاصة عندما يتفقون على أمر معين كتركه لشرب الخمر، أو تناول هذه الآفة.

كذلك أيضًا ينبغي أن تعمقوا في نفس الوالد معاني الإيمان، بأن تعينيه على الصلاة وعلى تلاوة القرآن، وذكروه إن كان يصوم أن الذي أمر بالصيام هو الذي حرم الخمور وسائر المسكرات، فكيف يفعل هذا ويترك هذا؟

إن التذكير له أثر كبير جدًّا على الإنسان، كما أن النصح له آثار كبيرة جدًّا عليه، فاجتهدوا في النصح له، واحرصي على أن تكون النصيحة في وقتها المناسب، بأسلوبها المناسب، بكلماتها المنتقاة، وإذا غضب من النصح -فلأنه والد-؛ فعليك أن تهجري المكان ثم تجتهدي في بره، ثم تعودي أيضًا فتقدمي النصيحة بعد مدة بطريقة أخرى، بأدب أو بأسلوب مختلف عن الأسلوب الأول، وأرجو كذلك أن يشعر أنه مطاع؛ لأن طاعة الوالد حتى وإن كان عاصيًا فرض فإن الله يقول: {وصاحبهما في الدنيا معروفًا}، فاجتهدي في بره والإحسان إليه، ونسأل الله أن يقر عينك بصلاحه وعودته إلى الصواب، هو ولي ذلك والقادر عليه.

هذا، وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات