الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أجد نفسي ضعيفة الشخصية، ولا أثق بنفسي.

السؤال

السلام عليكم.

أنا أعاني -كما أظن- من ضعف الشخصية؛ لأني عشت بالغربة مما سبب قلة الاختلاط بالناس، وأيضاً لأني وحيدة بين 3 ذكور، لذلك أخذت شيئاً من تصرفاتهم، وهذه مشكلة أحتاج لحلها.

وأعاني من خجل والتكلم مع الناس، وعدم الثقة بنفسي، وعدم إيجاد أحاديث مناسبة للنقاش، وبسبب أنني أشعر أنه لا يوجد لدي شيء ولا أستطيع عمل شيء مميز أو الاعتماد علي.

ومن المشاكل أيضاً: أكره تغيير تسريحة شعري مثلاً، لأني أشعر بأنها لا تليق أو أن الناس يلاحظون، فما الحل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة/ ميساء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أنت في المراحل الأخيرة من حيث تكوين شخصيتك، وذلك رجوعًا إلى المرحلة العمرية التي تمرين بها الآن، بمعنى أن معالم شخصيتك الرئيسية لابد أن تكون قد تكونت خاصة فيما نقصد به الجندرية، والجندرية يعني السلوك الذي يناسب جسم الإنسان، بمعنى أن الرجل له سلوكيات معينة، والمرأة لها سلوكيات معينة.

أنتِ ذكرتِ أنك ربما تكوني تأثرت نسبة لنشأتك وسط إخوانك الذكور،
الذي تلمسته أنك لا تعانين من مشكلة حقيقية، لكن هذا الأمر يجب أن نعطيه اهتمامًا، وأعتقد من خلال التوجيهات التي سوف أذكرها لك سوف تحللين - إن شاء الله تعالى – مشاكل ضعف الشخصية وكذلك التوجه الجندري بالنسبة لك.

أولاً: أنا أرى أنك قيمتِ نفسك تقييمًا خاطئًا، وهذه هي المشكلة الأساسية، فأنت تعتقدين أنك ضعيفة الشخصية، والإنسان حين يعتقد هكذا لابد أن تسيطر عليه هذه المشاعر ويبدأ في الإحباط وتقل لديه الدافعية والإقدام والإنتاج والتعلم.

فإذن الخطوة الأولى في العلاج هي: أن تخصصي مفهومك، نعم أنتِ أخطرتنا (أخبرتنا) بأنك ضعيفة الشخصية، وذلك حتى نتلمس مشكلتك، وهذا أمر جيد جدًّا، لكن في ذات الوقت خطة العلاج دائمًا تقوم على أن هذا المفهوم خاطئ، ونحن لا نريد أبدًا أن يسيطر على عقول الناس.

أنت شابة، مسلمة، إن شاء الله تعالى قوية، لا ينقصك أي شيء، هذا هو المفهوم الذي يجب أن يسيطر عليك، والبشر هم البشر أيًّا كان جنسهم أو وضعهم أو لونهم، الإنسان يميز بأخلاقه وبتفاعلاته وبفائدته لنفسه وللآخرين، وإن شاء الله تعالى أنت لديك كل المميزات الإيجابية، لكن يوجد جزء لم تلاحظيه، وأنا هنا كمعالج ومُرشد نفسي أود أن أوجهك على تغيير المفاهيم، قولي (أنا لستُ بضعيفة الشخصية، فقط أحتاجُ لأن أستفيد من طاقاتي، وسوف أستفيدُ من كل طاقاتي) رددي هذا مع نفسك، اكتبيه عدة مرات.

بعد ذلك الخطوة الثانية هي: أن تضعي برنامجا يومي يحدد الأنشطة التي يجب أن تقومي بها، وهذا نسميه بإدارة الوقت، وإدارة الوقت تعني أن الإنسان إذا أجادها سوف يُجيد إدارة حياته بأكملها، وهذا - إن شاء الله تعالى - ينتهي به إلى قوة الشخصية والنجاح.

فيجب أن تضعي جدولا يوميا لقيام بالأنشطة المطلوبة، ونحن دائمًا نقول لبناتنا وأبنائنا من شبابنا وبنات المسلمين أن صلاة الفجر يجب أن تكون هي البداية لليوم. إذا قام الشاب – أو الشابة – بذلك فهو قطعًا في حرز الله وفي حفظه، ولتبدأ عملية النشاط اليومي بعد ذلك بكل إقدام.

النقطة الثالثة والتي أريدك أن تركزي عليها أيضًا هو: أنك بالفعل محتاجة للصحبة الطيبة، كوني مع الفتيات الجيدات الصالحات الخلوقات الناجحات المتميزات، القدوة الحسنة والنموذج الطيب خاصة في مثل عمرك مهم جدًّا، لأن هنالك ما نسميه بالتأثير الذات، وتأثير الرفاق، هذا له قوة شديدة جدًّا قد تكون أقوى من قوة تأثير الوالديّة، فأرجو أن تركزي على هذا الجانب، وبعد ذلك سوف تجدي أن تسريحة شعرك قد تغيرت، أن طريقة التفكير قد تغيرت، أنك أصبحت تتمثلين بالجيدات والصالحات من الفتيات، هذا حل أساسي.

عليك ببر والديك، بر الوالدين يفتح لك خيرًا كثيرًا على مستوى الشعور، على مستوى السلوك، وعلى مستوى التفكير، وعلى مستوى بالفعل أن لديك قيمة، وطبعًا بر الوالدين ليس كلامًا فقط، إنما هو فعل ونية صادقة، هذا أوصيك به كثيرًا كثيرًا.

فيما يخص تخوفك حول ميولك فيما يخص التكوين الجنسي لديك، هنا يجب أن تغرزي المفاهيم الأساسية أنك فتاة، وتقبلي بجسدك وبنفسك، على العكس تمامًا تكوني فخورة بذلك مع نفسك، وتتصرفي تصرفات البنات، خاصة فيما يخص لبسك، طريقة المشي، طريقة الكلام، هذا يجب أن يكون هو الوضع الذي تسيرين عليه، وبالطبع أنا حين ذكرت لك موضوع الرفقة الصالحة والطيبة قصدتُ حقيقة أن تأخذي نماذج طيبة تقتدين بها في كل شأن.

أرجو أن تسلحي نفسك بسلاح العلم، تجتهدي في دراستك، ولا شك أن سلاح الدين مهم ومهم جدًّا أيضًا. فهذه نصيحتي لك، وأنا سعدتُ جدًّا برسالتك – أيتها البنت الفاضلة – وبارك الله فيك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • السعودية جوجو

    يعطيك العافيه دكتور محمد وكلام جميل بالمره

  • الجزائر متاملة

    شكرا لك دكتور لقد اخدت نصيحتك للتو كانني كنت جالسة امامك او كانك كنت تعلم بمشكلتي فليتك تعلم كم انا بحاجتك

  • الجزائر شكرا

    شكرا يااختي على هذا الموضوع الجميل والطويل جدا ولاكن شكرا :) ;) :)

  • الأردن ابراهيم عزايـــــــــــــــزه

    الوحده
    عدم الاختلاط
    قلة المذاكره والمطالعه
    قلة الاصدقاء
    عدم توفر فرص عمل
    عدم مجالسة ذوي الخبره بالحياه والعلماء
    كلها مدعاه لان تجعل الشيطان يدخل في حياة الانسان فيوسوس له ربما ينجح وربما لا
    فاختيار الاصدقاء المناسبين والتشبث بعلم معين تجعل من شخصية الانسان قويه وخصوصا اذا كان العلم بالدين فان الله تعالى سيكون حليف لهذا الشخص والعكس وبذلك تنتصر على ذاتك انشاء الله والله الموفق

  • السعودية منى

    موضوع جميل جدا جدا وشكرا

  • السعودية س س

    جزيتم كل الخير.
    جعلنا الله من اهل الفردوس الاعلى بلا حساب ولا سابق عذاب.
    اللهم امين اللهم صل على محمد واله وصحبه وسلم تسليما كثيرا

  • السودان ادريس محمد ادريس

    بشكركم علي هزة الافادة

  • أوروبا عمادالسعيد

    جزاك الله خيرآ

  • رومانيا كرزة

    جزيتم خيرا

  • السعودية ام ريفان

    جعله الله ف ميزان حسناتك وانا استفدت كتير جدا ربي يكون بركة وخير ف كل اعمالكم

  • ألمانيا فريد الغرياني

    جزاك الله خيرا

  • الجزائر aya aya

    بارك الله فيييك

  • تركيا فتات مسلمه

    كلام من ذهب والله وشكرا

  • مصر ام مصطفي

    بارك الله فيك يادكتوركلام جميل جدا وكله في طاعه الله اذاكان صلاه الفجر ام بر الوالدين تحياتي لدكتورنا العزيز

  • رومانيا نونو

    يعطيك العافيه يارب

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً