الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل الاكتئاب يسبب الإصابة بالوسواس القهري.. وما العلاج؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا مريض بالرهاب الاجتماعي، وقد عانيت لمدة 11عاما، وأنا الآن في اكتئاب رهيب، ولا أخرج من البيت وعالة على أهلي، ولا أعلم هل أنا أيضاً مصاب بالوسواس القهري أم لا؟ ولكن وساوسي كثيرة، فقد تكون بسبب الاكتئاب الحاد! لا أعلم.

أود منكم أن تصفوا لي وصفة عقاقير وحبوب لتخفيف مصابي، وقد زرت سابقا كثيرا من الأطباء النفسانيين، ووصفوا لي أدوية أعراضها الجانبية شديدة علي؛ ولذا كنت أزور موقعكم، وأستفيد منه، وأنا حالياً أتناول علاجا للرهاب اسمه التجاري سيبراليكس 10 مل بمعدل حبة يوميا، وقد ارتحت له، وعلى هذا أطلب منكم أن تصفوا لي وصفة أمشي عليها تخفف مصابي، وجزاكم الله خيراً.

ملاحظة: لا تقولوا لي اذهب إلى طبيب، فأنا غير قادر، وسأبدأ بصرف العلاجات من النت من هنا وهناك، فأرشدوني مشكورين.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ فهد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فقد ذكرت أنك تتناول الآن عقار سبرالكس، وبدأت هناك بعض بوادر ومؤشرات الارتياح على هذا الدواء، نسأل الله أن ينفعك به، أنا أؤكد لك أن السبرالكس بالفعل دواء ممتاز جدًّا لعلاج الاكتئاب النفسي وكذلك الرهاب الاجتماعي.

الجرعة المطلوبة حقيقة لعلاج مثل حالتك يجب أن تكون عشرين مليجرامًا، جرعة البداية نعم هي عشرة مليجرام، استمر مدة أسبوعين على الأقل على هذا الدواء بهذه الجرعة (عشرة مليجرام) بعد ذلك ارفع الجرعة إلى عشرين مليجرامًا، وهذه هي الجرعة العلاجية المطلوبة، وسوف تستفيد منها كثيرًا.

جرعة العشرين مليجرامًا تستمر عليها لمدة ثلاثة أشهر، بعد ذلك خفضها إلى عشرة مليجرام يوميًا لمدة ستة أشهر، ثم اجعلها خمسة مليجرام يوميًا لمدة شهر، ثم اجعلها خمسة مليجرام يومًا بعد يوم لمدة شهر.

السبرالكس لا يوجد منه تركيبة خمسة مليجرام، لذا تحتاج أن تقسّم الحبة التي تحتوي على عشرة مليجرام إلى قسمين وتتناول نصفها، السبرالكس دواء ممتاز، دواء فاعل، لكن من الضروري جدًّا لتتحصل على الفائدة الكلية منه أن تتبع الإرشادات التي ذكرناها لك، وأن تكون منتظمًا انتظامًا قاطعًا في تناول الجرعة في وقتها، وكذلك حساب المدة مهم جدًّا.

أنا لا أريدك أبدًا أن تتصور أن حالتك بالسوء المُطبق، نعم الاكتئاب مؤلم وكذلك الرهاب مؤلم، لكن هذه الحالات أصبحت الآن في متناول العلاج بفضل الله تعالى، الدواء سوف يساعدك كثيرًا، وكل يوم سوف تحس بتحسن، لكن هذا التحسن يجب أن تستغله استغلالاً إيجابيًا، وذلك من خلال أن تخرج وتنطلق في الحياة، وتكون لك أنشطة مختلفة، وسوف تحس بعد ذلك أن ثقتك في نفسك بدأت تعود، وأن مزاجك بدأ يتحسن، وهنالك إقبال على الحياة. هذا - إن شاء الله تعالى – حين تصل إليه سوف يدفعك إلى المزيد من التحسن.

فيا أخِي الكريم: هذه المرة - وبعد معاناة 11 عامًا مع هذا المرض اللئيم - أنا أؤكد لك أن الفرصة عظيمة جدًّا الآن لأن تختفي هذه الأعراض التي أتعبتك كل هذه السنين، وإن شاء الله تعالى تعيش حياتك حياة هنية، حياة سعيدة، فالاكتئاب يمكن علاجه، والخوف يمكن علاجه، والوساوس يمكن علاجها.

أريدك أن تركز على مفهوم ضروري جدًّا: أنت ذكرت أنك مريض بالرهاب الاجتماعي، ولديك اكتئاب، وكذلك لديك وساوس قهرية. أنا أقول لك أنها جميعها متداخلة، وأتفق معك تمامًا أن الاكتئاب الذي أُصبت به ربما يكون سببه الوساوس القهرية؛ لأن الوساوس حين تكون ملحة على الإنسان وتكون مستحوذة متبعة جدًّا، يجب أن نعترف بذلك، وينتج عن ذلك مزاج اكتئابي.

فالحالة التي تعاني منها من وجهة نظري هي حالة واحدة مع وجود بعض الجزيئات، فلا يوجد لديك أمراض متعددة، إنما التشخيص واحد، وإن كان هنالك كما ذكرت لك اختلاف في الأعراض وجزيئات متنوعة، وهذا النوع من التشكيل في الأعراض معروف ومألوف ونشاهده يوميًا عند الإخوة الذين يتقدمون إلينا طلبًا للمساعدة العلاجية.

نحن نذكر كثيرًا للناس (التفكير الإيجابي) لأنه هو جوهر العلاج النفسي، فإن النفوس تُهزم من خلال التفكير السلبي، وتُبنى من خلال التفكير الإيجابي، والحياة طيبة، والإنسان كُرِّم تكريمًا عظيمًا من جانب الحق عز وجل، ولابد أن يشعر بهذه القيمة العظيمة، ويسعى لأن يكون جادًا في حياته، مفيدًا لنفسه، مفيدًا لأسرته ومفيدًا لبلده، وكذلك للآخرين، وأنا على ثقة تامة أنك بالصبر والتوكل والاحتساب والمحافظة على عباداتك على الوجه الأكمل هذا سوف يُكمل لك الرزمة العلاجية التي سوف تستفيد منها، والتي نسأل الله تعالى أن ينفعك بها.

باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونحن على مشارف عيد الفطر المبارك، نسأل الله تبارك وتعالى أن يبلغنا وإياكم هذه المناسبة الجميلة، وأن يختم لنا شهر رمضان برضوانه، والعتق من نيرانه، والفوز بجنانه، وأن يعيده علينا أعوامًا عديدة وأزمنة مديدة، وتقبل الله طاعاتنا وطاعتكم، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً