الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تكاد الوساوس أن تدمرني فكيف أتخلص منها؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

أولا أنا ولله الحمد ملتزمة دينيا وأخلاقيا, لكن أظل أفكر في كل ما فعلته في الماضي بشكل متعب, وأحاسب نفسي بشكل صعب جدا, وكأني أريد تذكر كل يوم من حياتي الماضية بتفصيلها الممل, حتى أفكر فيما إذا كنت قد فعلت خطأ, شعور فظيع بالذنب, وأفكر كذلك بما فعلت خلال جلوسي علي النت, واشتراكي في المنتديات, ومن كلمت فيها, وكذلك يوهمني الوسواس بأنني قد كلمت شبابا على الفيسبوك, وأنا لم أفعل أبدا.

أستمر في التفكير دائما, حتى إذا وجدت شيئا خطأ أخبر أمي لأرتاح, لكن للأسف كل يوم تأتيني ذكريات من الماضي, وكلها أشياء تافهة, وعند التفكير أشعر بالقلق الشديد, وأعيش في عذاب مستمر, علما بأن معظم أوقاتي فارغة, وحاليا آخذ دواء سيبرالكس بعد أن قطعته لمدة 4 شهور ونصف, ثم عدت إليه ثانية.

أرجوكم أفيدوني لأنني قلقة جدا, ولا أعرف كيف أعيش حياتي مرتاحة.

وجزاكم الله كل خير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ noras حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فإن وصفك جيد ودقيق، وحالتك بالفعل تدل على أنك تعانين من قلق المخاوف الوسواسي، والقلق الوسواسي فعلا يجعل الإنسان يدخل في تفاصيل مملة, ويحاول أن يشرح كل معلومة ويخضعها للمنطق، وهكذا يكون هنالك دخول في حلقة مفرغة تمامًا.

لكن الوسواس في الأصل بما أنه فكر سخيف يجب أن يُعامل ويعالج من خلال التحقير, والرفض الكامل, وعدم الالتفات إليه, الوساوس قد تكون مستحوذة وملحة, وتصر على صاحبها أن يتبعها وينفذها حتى يقل قلقه، لكن الذي يصبر ويقاوم ويرفضها بعد ذلك -إن شاء الله تعالى– يستطيع أن يقهرها, ويتخلص منها تمامًا, فاجعلي هذا منهجك، وأعتقد أن ذلك سوف يساعدك كثيرًا.

ثانيًا موضوع الفراغ: الفراغ مشكلة كبيرة جدًّا، مضرة للإنسان من جميع النواحي، والذين يعيشون فراغًا زمنيًا أو فكريًا تتصيدهم المخاوف, وكذلك الوساوس، لذا إدارة الوقت تعني إدارة الحياة، وأنت ما شاء الله شابة وصغيرة في السن, لديك طاقات ذاخرة, وقوية, وممتازة لا بد أن توجهيها التوجيه الصحيح، ضعي خارطة ذهنية، أو اكتبي على ورقة كيفية أن تقضي وقتك، لا بد للوقت أن يشمل زمنًا مخصصًا للراحة، وللقراءة والاطلاع، الصلوات لها وقتها، تلاوة القرآن، التواصل مع الأهل، ممارسة أي نوع من الرياضة تناسب الفتاة المسلمة، المشاركة في أعمال البيت، الترفيه عن النفس.

هذه هي الأسس السليمة جدًّا لتوزيع الوقت وإدارته، والإنسان الذي يُنجز ويُعدد من أنشطته خلال اليوم حين يأتي في نهاية اليوم, ويستذكر ما قام به, ويجرد حصيلته الكلية يحس بالراحة النفسية, والفخر؛ لأنه قد أنجز، وهذا في حد ذاته يعتبر منطلقًا علاجيًا مهمًّا جدًّا للمزيد من النجاح, وإراحة النفس، فأرجو أن تتبعي هذا المنهج.

وعليك أيضًا بالرفقة الطيبة الصالحة من زميلاتك الفتيات، يمكن أن تكون لكم أنشطة اجتماعية ثقافية، أنشطة دعوية، تطوعية، مشاركة في حلقات تلاوة، مراجعة الدروس مع بعضكم البعض, هنالك أشياء طيبة جدًّا تخرجك -إن شاء الله تعالى– مما أنت فيه من قلق, وتوتر, ومخاوف.

بالنسبة للعلاج الدوائي: السبرالكس علاج ممتاز جدًّا، لكن الوساوس تتطلب أن تكون الجرعة عشرين مليجرامًا، طبعًا ليست هذه جرعة البداية، جرعة البداية يمكن أن تكون خمسة أو عشرة مليجراما، وبعد ذلك تصعد الجرعة وترفع إلى عشرين مليجراما، وعشرين مليجراما لمثل حالتك لا بد أن تستمر على الأقل لمدة أربعة إلى خمسة أشهر، بعد ذلك تخفض الجرعة إلى خمسة عشر مليجراما –مثلاً– لمدة شهرين أو ثلاث، ثم إلى عشرة مليجراما يوميًا على الأقل لمدة ستة أشهر كجرعة وقائية.

والدواء كما تعرفين هو دواء جيد، مريح جدًّا ومفيد، وإن شاء الله تعالى يكون لك مفتاح خير للتطبيقات السلوكية التي تحدثنا عنها، لأن السبرالكس قطعًا يحسن المزاج, ويقلل من وطأة الخوف, والوساوس, والقلق، وهنا لا بد من تدعيم هذا التحسن من خلال الممارسات السلوكية التي تحدثنا عنها.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وكل عام وأنتم بخير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً