الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يجوز أن أدعو بتعلم لغة أخرى أم أن هذا غير جائز؟

السؤال

السلام عليكم.

لا أدري إن كان هذا هو المكان المخصص لإرسال رسالة من صديقتكم وأختكم, لكن نتوكل على الله وأتمنى منكم أن تساعدوني، فلدي بعض التساؤلات حول الدعاء: هل يجوز أن أدعو بتعلم لغة أخرى أم أن هذا غير جائز؟

وهناك أمر آخر: فأنا أشعر بخمول وكسل غريبين مع أنني في ريعان شبابي، حتى أنني عزمت على حفظ سور من القرآن ووصلت إلى النصف، وبعدها تركت قراءته وحفظه، وأنا منزعجة أشد الانزعاج، ماذا أفعل؟
وإن لم يكن هذا المكان الصحيح لإرسال رسالة فاعذروني, وأرجو أن لا تردوني

شكرًا لكم، وبارك الله لكم ولأولادكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ صديقة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحابته ومن والاه.

بداية: نرحب بك في موقعك الصحيح وفي المكان الصحيح، ونحن على استعداد لاستقبال أسئلتك واستشاراتك واتصالاتك، ونسأل الله أن يعيننا وإياك على طاعته، وأن يبلغنا رمضان، وأن يعيننا على صيامه وقيامه، وأن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يُبعد عنا وعنك الكسل والخمول، وأن يلهمنا رُشدنا، وأن يعيذنا من شرور أنفسنا.

ونريد أن نقول: لا شك أن الإنسان يستطيع أن يدعو بما أراد من الخير، وتعلم اللغة، أو تعلم أي علم من العلوم يعتبر من الخير الذي يجني الإنسان من ورائه ثمارًا، وكل خير يريد الإنسان أن يتعلمه -كأن يتعلم لغة - خاصة إذا كان في نيته أن يستخدمها في الدعوة، وفي إيصال النصيحة، وفي التفاهم مع الآخرين، وفي التواصل معهم فيما يُرضي الله تبارك وتعالى، فإنه يؤجر أيضًا بهذا العمل -الذي هو تعلم لغة أو لغات- فعليك أن تمضي في هذا السبيل، لكننا قبل ذلك ندعوك بالحرص على تعلم ما تصح به العقيدة والعبادة والطاعة لله -تبارك وتعالى-، فإن هذا الجزء من العلم واجب على كل مسلم ومسلمة أن يتعلم ما يصحح به عقيدته، وما يصحح به عبادته، وما يصحح به تعامله مع الآخرين، وبعد ذلك الزيادة لا مانع منها، بأن يزداد الإنسان من التعلم في الأمور المفيدة النافعة في شتى مجالات الحياة.

أما ما ذكرت بالنسبة للخمول: فإنا ندعوك أولاً إلى أن تنظري إن كانت هناك أسباب طبية لهذا الخمول، وتعرضي نفسك على الأطباء، فإن لم تكن هناك أسباب طبية واضحة لهذا الذي يحدث معك من الخمول والكسل، فإنا ندعوك إلى قراءة الرقية الشرعية على نفسك، ومعاملة هذا العدو (الشيطان) بنقيض قصده، فعليك أن تحافظ على أذكار المساء والصباح، وعليك أن تقرأ خواتيم سورة البقرة وآية الكرسي، وعليك أن تقرأ سورة البقرة كاملة -إن استطعت إلى ذلك- فإن البيت الذي تُقرأ فيه سورة البقرة بيت لا يدخله شيطان، ثم عليك أن تعرف عواقب الكسل وعواقب عدم النشاط، وآثار مثل هذا الشيء على الإنسان، ونتمنى -بحول الله وقوته- أن يكون في رمضان فرصة لك للنشاط وعلو الهمة، والإنسان لا بد أن يبعث في نفسه هذه المعاني العالية رغبة في الثواب، كما قال الشاعر:

وقل للنفس ويحك لا تكلي *** وقل للعين ويحك لا تنامي.

وداعٍ إذا أتى رمضان يدعو *** فوق النواميس على الدوام

يقول لباغي الخير أقبل *** ولباغي الشر أقصر

فإذن ينبغي أن تحركي هذه النفس، فإن هذه النفس إذا حركها الإنسان تحركت، وإذا خوفها الإنسان خافت، وإذا حثها الإنسان سارت.

والنفس كالطفل إن تُهمله شبَّ على *** حب الرضاع، وإن تفطمه ينْفطمِ.

واعلمي أن النفس فيها طاقات كبيرة جدًّا، فإذا أراد الإنسان أن ينام طول اليوم فإنها تستجيب وتستلذ لذلك، وإذا أراد أن يحركها طوال اليوم وفي عمل الخير فإنها كذلك تستجيب، والاعتدال هو المطلوب، والإنسان يكلف من العمل ما يطيق، والقليل الدائم خير من الكثير المنقطع، ولكن لا بد أن نعرف أن الكسل عواقبه وخيمة، فأرجو أن تعالجي هذا الكسل بما يقتضيه: إذا كان من ناحية طبية فتحتاج إلى أدوية، وإذا كان سبب هذا الكسل أيضًا هو كثرة الطعام فتدارك نفسك في هذا الجانب، وإذا لم تكن هناك أسباب واضحة لهذا الكسل فعليك -كما قلنا- بالرقية الشرعية، وبعث هذه النفس على التشبه بالنشطاء الحريصين على الخير، الذين تجدهيم دائمًا في مقدمة الصفوف، وفي مقدمة العاملين، وأهل النشاط بين الموظفات، والإنسان يتأسى بأمثال هؤلاء، ويبحث عن هؤلاء ليكون معهم، فإن الإنسان إذا كان مع أقوام فيهم نشاط وجد النشاط، وإذا كان مع أقوام فيهم كسل وجد الكسل، فاختاري لنفسك الرفقة التي تعينك على الخير، وتدلك عليه.

ونكرر ترحيبنا بك، ونسأل الله أن يوفقنا وإياك لما يحبه ويرضاه.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً