الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

صرت أوسوس وأخاف من كل شيء حتى من سلاح زوجي!

السؤال

السلام عليكم.

دكتور أريد حلا لمشكلتي, جزاك الله خير الجزاء.

أنا أنثى, عمري 25عاما, متزوجة منذ سنتين, أعاني من الوسواس والأفكار السيئة التي تراودني يوما بعد يوم, وكل يوم تظهر لي فكرة ووسوسة جديدة, على الرغم من أنني لم أكن هكذا, كنت أحب الحياة, أحب كل شيء حلو فيها, ولا أخاف أبدا, وفجأة تأثرت بكلمة جاءت من اتصال هاتفي, خفت في هذا الاتصال من أن أكون قد فقدت أشياء أملكها, حيث قالت لي صديقتي أن امرأة تسرق, فخفت, وفكرت لو كانت سرقتني ماذا سيحدث لي؟

من هنا بدأت الفكرة, كيف وكيف, وبعدها تتطورت الحالة إلى الخوف من السلاح؛ لأن زوجي يملك سلاحا, وقلت له أبعده عني, أتخيل أني سأضرب نفسي, وعانيت من هذه الحالة كثيرا, وأثرت على حياتي, وأصبحت أعامل زوجي معاملة غير لائقة, وأصبحت لا أخرج معه خوفا من هذا.

إضافة أن الناس أصبحوا يشاهدون عليه مظاهر الحزن, وقلت له لا تجلبه معك- يعني السلاح-, ولا أريد أن أشاهده, وكل مشهد يظهر في التلفاز فيه مشاهد مسدس أو سلاح أخاف, وأتخيل أني أقتل نفسي, على الرغم من أنني لا أريد الموت, وأحب الحياة.

الآن لدي فكرة حرق النفس, ولا أريد أن أفعل ذلك؛ لأن أختي انتحرت وحرقت نفسها وكنت غير راضية عن هذا الفعل تماما, والآن أصبحت أنا ملازمة لهذه الفكرة, على الرغم من رفضي الشديد لها, وكلما يأتيني هذا الفكر أو الوسواس أكتئب, وأتخيل نفسي أحترق وأموت, وحتى غرفتي الزوجية لا أحبها, وأتخيل نفسي أنتحر فيها, وشيء في داخلي يقول لي جربي هذه الأشياء, أو قومي افعليها, وأنا أرفضها تماما.

كذلك عندما أمر بمكان فيه بانزين أو نفط أخاف, وأتخيل أني آخذه وأحرق نفسي, ولم أكن أفكر في هذه الفكرة أبدا, فما إن أتخلص من فكرة حتى أوقع نفسي في فكرة أخرى.

أنا مواظبة على الصلاه, وعلى قراءة القرآن, وأصبحت هكذا بعد الزواج, كما أنني أخاف من دخول حمامي, أتخيل نفسي أحترق فيه, حتى غرفتي الزوجية أكرهها لأني أتخيل نفسي بهذا المنظر, وأتخيل موتي, وماذا يحدث بعده, كما أن هذه الأفكار لا تخرج من رأسي, فماذا أفعل؟ حتى حياتي الزوجية تتأثر بهذا, كما أني أصبحت لا أحب شيئا, لا أحب لبسي, ولا أحب نفسي, أهملتها, ولا أحب ملابسي, ولا أحب أي شيء أملكه, على الرغم من أني لم أكن هكذا.

كنت أحب كل شيء, أحب أشيائي, أحب الخروج, أحب كل شيء, كما أنني رافضة لهذه الأفكار تماما, وأبكي عندما تراودني, وأريد أن أستقر في حياتي الزوجية, وأعيش سعيدة, كيف أتخلص من هذه الأفكار والوسوسة؟ أريد أن أتخلص من هذه الأفكار, كما أنني أتخيل أني أفعل هذه الأشياء, ويزداد غضبي, وأبكي, وهذه الأفكار تتعبني في حياتي, ولا أستطيع التخلص منها, كما أنني ليس لدي اطفال, والسبب من زوجي, وأقول هل عندما أرزق بطفل سأتخلص من هذه الأفكار, وأعيش سعيدة مع طفلي أم ستبقى تلازمني ولن أستطيع أن أكون أما وأحسن تربية ابني؟

أريد حلا, أريد أن أعيش سعيدة بدون هذه الأفكار والوساوس, وعندما بحثت في الانترنت وجدت أن دواء السيرترالين جيد, استخدمته, فهل يوجد حل غيره؟

ساعدني دكتور، جزاك الله خير الجزاء.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أحلام حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فإن حالتك بالفعل تستحق الاهتمام والتعاطف؛ لأن محتويات الوساوس التي تعانين منها مؤلمة، والوساوس قد تكون على هذه الشاكلة، لكن بفضل الله تعالى أن الإنسان لا ينفذ محتوى وساوسه، وهذا شيء طيب، خاصة إذا كانت هذه الوساوس تحمل أفكارا قبيحة، فأرجو أن تطمئني تمامًا من هذه الناحية أيتها الفاضلة الكريمة.

الوسواس قد يتعدى ويتشكل في محتواه، وهناك بعض المثيرات والروابط التي قد تثير هذه الأفكار الوسواسية، فمثلا فكرة الانتحار والحرق وغير,ه الرابط لها هو انتحار أختك –نسأل الله تعالى لها الرحمة– وموضوع الخوف من السلاح وتواجد السلاح عند الزوج –وهكذا– فإذن هناك روابط، وهكذا دائمًا تكون الوساوس وتصيب الأشخاص الذين لديهم القابلية والاستعداد لها.

حالتك تستحق أن تكون تحت الرعاية الطبية المباشرة، فأنا حقيقة أدعوك وأشجعك وأنصحك بأن تذهبي وتقابلي طبيبا نفسيا, المتابعة لمثل حالتك هي من أحد وسائل نجاح العملية العلاجية.

ومن ناحيتي أقول لك إن مبادئ العلاج السلوكي بسيطة، هذا النوع من الوسواس يتطلب أن تكتبي في ورقة كل الوساوس التي تنتابك، قومي بكتابتها في ورقة، وبعد ذلك انظري واختاري أقلها عنفًا وشدة عليك، واكتبي الوسواس بتفاصيله عدة مرات، وقولي (هذه وساوسي، هذه وساوسي) كرري هذا عدة مرات، هذه الطريقة تكون غريبة بعض الشيء، لكن وجد أنها تخفف القلق كثيرًا على صاحب الوساوس.

وبعد أن تنتهي من الموضوع الأول انتقلي للموضوع الثاني، وهكذا، بعد ذلك قولي لنفسك (أنا قمتُ بكتابة وساوسي وتحليلها، والآن أود أن أرفضها وألفظها)، هنا يجب أن تحركي نفسك داخليًا لتقتنعي أنها بالفعل سخيفة, وأنها لا تستحق الاهتمام أبدًا، والتحقير مهم كباب من أبواب العلاج.

علاجات أخرى هي: صرف الانتباه، حين تأتيك الوسوسة هذه اصرفي انتباهك بفعل شيء معين، أو التفكير في أمر مخالف، وهذا أيضًا جيد.

طبقي تمارين الاسترخاء، وإذا ذهبت إلى الطبيب بالطبع سوف يدربك عليها، وتوجد لدينا استشارات عديدة تتكلم عن كيفية تطبيق هذه التمارين، وإليك بعضها، وهي برقم (2136051) توضح كيفية إجراء هذه التمارين.

من المهم جدًّا أن تحاولي أن تعيشي حياة سعيدة مع زوجك، وأن تتغاضي عن السلبيات البسيطة الموجودة هنا وهناك، واستفيدي من وقتك بصورة صحيحة، ومن ناحية الذرية: نسأل الله تعالى أن يرزقك الذرية الصالحة، وزواج سنتين ليس بالطويل، إن شاءَ الله تعالى تعالج مشكلة عدم الإنجاب هذه.

من ناحية العلاج الدوائي: الأدوية جيدة، فاعلة، ومهمة، ومطلوبة في علاج هذا النوع من الوساوس، لأن في معظمها وساوس فكرية، والواسوس الفكرية تستجيب بصورة أفضل للعلاج الدوائي، والعلاج الدوائي نفسه يمهد الإنسان لأن يقوم بتطبيق التوجيهات السلوكية, إذن فائدة الدواء مثبتة ومؤكدة -إن شاء الله تعالى-.

العلاج لكي ينجح يتطلب المواظبة عليه, والالتزام بجرعته ومدة العلاج, الجرعة المطلوبة في علاج الوساوس في الوساوس القهرية دائمًا هي أكبر قليلا من الجرعة التي قد تستعمل في علاج الاكتئاب النفسي أو المخاوف مثلا.

جرعة السيرترالين يمكن أن تبدئي بنصف حبة، أي خمسة وعشرين مليجرامًا، تناوليها ليلا بعد الأكل، وبعد عشرة أيام تجعليها حبة كاملة يوميًا، استمري عليها لمدة شهر، ثم ارفعيها إلى حبتين يوميًا، وهذه هي أقل جرعة لعلاج هذا النوع من الوساوس، استمري على هذه الجرعة لمدة ستة أشهر، وهذه مدة ليست طويلة، بعد ذلك خفضي الدواء إلى حبة واحدة يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم نصف حبة يوميًا لمدة شهرين، ثم يمكن التوقف عن تناول الدواء.

لا بد بالطبع أن تناقشي موضوع الدواء مع زوجك الكريم، وأنا على ثقة تامة أنه لن يمانع في أن تذهبي وتقابلي الطبيب، هذه حالة قابلة للعلاج تمامًا.

هنالك أدوية بديلة كثيرة مثل الفافرين والذي يعرف باسم (فلوكستين) ، وكذلك الفلوكستين والذي يعرف باسم (بروزاك) لكن السيرترالين نستطيع أن نقول أيضًا أنه دواء جيد.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك العافية الشفاء والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً