الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

زوجي ينتقد أكثر تصرفاتي ومفتون بالنساء، فكيف أتصرف معه؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا فتاة أبلغ من العمر 20 عاماً، لا أقطع فرضاً - والحمد لله -، تزوجت منذ 7 أشهر، وأنا الآن أعاني من مشاكل كثيرة مع زوجي، مشكلة زوجي أنه كان يعيش وحيداً بالغربة، وهو حتى الآن يفضل العيش وحيداً، وكان كثير اللهو على الانترنت، وأنه دائماً يعيش في الماضي ويخاف من المستقبل، حتى إنه يرفض أن أحمل ويقول لي: لا أريدك أن تحملي حتى لا يأتي أولادي ويلوموني على هذه المعيشة، ويلومني كثيراً وينتقد أكثر تصرفاتي.

واكتشفت من جديد بأنه لا يحب أحداً من الناس، ويقول بأنه لا يتوقع الخير من أحد حتى مني، وكثيراً ما يقول لي بأننا لا يمكننا أن نستمر على هذه الحال والأفضل لنا أن ننفصل، مع أنني والله أحاول أن ألبي جميع طلباته ورغباته، لأنني لا أريد بأن أخرب بيتي، ولكن دون جدوى، ماذا أفعل؟ ساعدوني!

أيضاً زوجي مفتون بالنساء إلى حد كبير، أي أنه كلما رأى فتاة تسير في الطريق ينظر إليها، حتى على التلفاز، وصفحات الانترنت، لا يستحي ويبدأ بالقول هذه هي النساء، علماً بأنني أصغره بـ 14 عاماً، والحمد لله أهتم بنفسي وبنظافتي وهو يشهد على ذلك، ولا أقصر عليه بشيء - والحمد لله-، سؤالي: كيف أخرجه من هذه الحالة، لأنني أريد أن يكون بيتي مبنياً على طاعة الله ورسوله لا على ما حرم الله، حاولت كثيراً معه ولكن دون جدوى.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ manal حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحابته ومن والاه.

نرحب بك - ابنتنا الفاضلة - في موقعك، ونسأل الله أن يلهمك السداد والرشاد، ونشكر لك هذا التواصل مع الموقع، ونشكر لك حسن العرض لهذه المشكلة، ونسأل الله أن يقدر لك الخير، وأن يقر عينك بصلاح هذا الزوج وبعودته إلى الحق والصواب، هو ولي ذلك والقادر عليه.

وأرجو أن أبدأ بآخر كلمة قلتها أنك قلت: (لكن دون جدوى)، أرجو أن تحذفي هذه الكلمة من تفكيرك، واعلمي أن قلب هذا الزوج وقلوب العباد بين أصابع الرحمن يقلبها سبحانه وتعالى، فنسأل الله أن يصرف قلبه ويصرف قلوبنا جميعًا إلى طاعته، فالجئي إلى الله تبارك وتعالى، فإنه الموفق، وهو الهادي سبحانه وتعالى إلى سواء السبيل.

ولا شك أن الخلفية التي أشرت إليها بخصوص هذا الزوج وأنه عاش فترة طويلة وحيدًا تركت آثاراً سالبة على نفسه، كما أن وجوده في ذلك المجتمع المادي الإلحادي الذي يقوم على الأنانية، الذي لا يعرف المساعدات ولا يعرف عناصر الخير، قد أثر على نفسه، وهذا التأثير واضح، ولذلك أنت لا بد أن تدركي أن الزمن - إن شاء الله – جزء من الحل.

وكنا نتمنى أيضًا أن تحاولي أن تعرضي لنا بعض إيجابيات هذا الزوج، وما هي الأشياء الجميلة التي وجدتها فيه، لا شك أن أي إنسان فيه إيجابيات، لأننا نريد أن تكوني دائمًا منصفة، وتناقشيه وتحاوريه، كأن تقولي: (فيك كذا، وأعجبني فيك كذا، وأسعدني أنك تفعل كذا)، ثم بعد ذلك تتمني أن يُكمل هذا الجمال وتلك الصفات الجميلة بأن يفعل كذا وكذا، وهذا مدخل جميل إلى نفس أي إنسان، ومثل هذا الإنسان محتاج إلى من يبرز عنده هذه الإيجابيات، يضخمها، يركز عليها، ثم يبني عليها، وهذه مسألة أرجو أن تكون بالنسبة لك واضحة وتهتمي بها غاية الاهتمام.

كما أرجو – وأنت قلت بأنه يتطلع إلى النساء – أن تتفنني في عرض مفاتنك، فنحن نقول كل امرأة جميلة، لكن هناك امرأة لا تحسن عرض مفاتنها، ولا تتفنن في عرض زينتها، ولا تتطور في ديكور بيتها وفي هيئتها، أرجو أن تكوني كذلك، لأن التحدي فعلاً كبير، وبكل أسف صور التبرج لا تنتهي، ولذلك إذا أظهرت هؤلاء النسوة ما عندهنَّ من جمال في الحرام فينبغي أن تُظهر بناتنا وأخواتنا وزوجاتنا ما وهبهنَّ الله تبارك وتعالى من السحر الحلال للأزواج في مواطنه الصحيحة، لأن هذا فيه عون للجميع على بلوغ العافية والعفاف بفضل ربنا الكريم سبحانه وتعالى.

وأرجو كذلك ألا تتأثري سلبًا، وألا تقولي له مثلاً (أنت تنظر بنظارة سوداء، وأنت دائمًا سلبي) ونحو هذا الكلام، لأن هذا يعمق الجانب الذي في نفسه، عليك كذلك أن تحاولي أن تعرفي مدى التأثير عليه، ما الذي يلفت نظره عند الأخريات، هل هناك أشياء تؤثر عليه؟ ما هي المواقع التي يدخلها؟ .. حاولي أن تجعلي بينك وبينه قواسم مشتركة، يعني اهتماماته مثلاً: إذا كان يحب الكرة تدخلي هذا العالم وتهتمي به، وتأخذي بعض الثقافة، إذا كان يهتم القراءة، أنت تهتمي بهذا الجانب، وأرجو أن تدركي أنه إذا زادت القواسم المشتركة بين الرجل وأهله فإن هذا يعني زيادة الإلفة بينهما.

كذلك أيضًا ينبغي أن تعطيه فرصة إذا كان يريد بعض الأوقات أن يجلس وحده، لأن فعلاً الرجل يحتاج إلى أن يخلو بنفسه فيجدد عواطفه ويجدد مشاعره، وهذا جانب من الأهمية بمكان، وقد لا تنتبه لهذا الجانب أخواتنا اللائي تكون الواحدة منهنَّ في الغربة، فهي ربما تكون طوال اليوم أمام زوجها – أو تريد هذا الزوج يكون في وجهها أربع وعشرين ساعة كما يقولون –، وهذا له أثر فعلاً على نفسيات الرجل.

ولذلك نتمنى أن تفتحي على نفسك آفاق جديدة، فتبحثي عن صديقات صالحات، تذهبي إلى مراكز إسلامية، تشجعيه على أن يذهب إلى مراكز إسلامية، يكون هناك تجديد في حياتكم، تخرجوا نزهات مع بعضكم، تحاولي أن تسيري معه، فلن تبلغ المرأة من قلب زوجها حتى تؤثر هواه على هواها، وتقدم رضاه على رضاها.

كذلك لا بد أن تعلمي أنه ليس المطلوب منك أن تغيري الرجل، وليس المطلوب منه أن يغيرك، ولكن المطلوب هو أن يكون الملتقى في منتصف الطريق، بأن يقدم كل إنسان بعض التنازلات ليكون الملتقى في منتصف الطريق. دائمًا بعض الناس يريد أن يأخذ الزوجة لبرنامجه، وهي تريد أن تأخذه إلى برنامجها، وكلاهما مخطئ، الصواب أن يقدم كل إنسان تنازلات ليكون الملتقى كما قلنا في منتصف الطريق.

ستخرجيه من الحالة إذا استعنت بالله، ستخرجيه من هذه الحالة إذا تفهمت الخلفية التي عاشها، ستخرجيه من هذه الحالة إذا فهمت البيئة التي يعيش فيها، ستخرجيه من هذه الحالة إذا ركزت بحول الله وقوته على إيجابياته وضخمت هذه الإيجابيات، ستخرجيه من هذه الحالة إذا نجحت في أن تتفنني في عرض مفاتنك وما وهبك الله تبارك وتعالى من جمال حلال – كما قلنا –، ستخرجيه من هذه الحالة إذا كنت حلوة الكلام، وهذا جانب مهم جدًّا، لأن كثيراً من الزوجات تهتم بمظهرها وزينتها وقد تكون فعلاً جميلة لكنها لا تُحسن الكلام، والكلام له أثر كبير على الإنسان.

وإذا كان الإمام ابن حزم يقول: (إن الجمال في العين والفم) فإن جمال الفم غير جمال الشكل وجمال الكلام الذي يخرج منه، هو جمال الكلمات التي تحسن انتقائها، هو الجمال الذي تعرف كيف تصل به إلى قلب الرجل وتفهم نفسية الرجل، فالمرأة التي عندها كلام جميل تُثني على زوجها وإن جاء بالقليل، والأخرى تقول (هذا واجبه، غصبًا عنه لا بد أن يأتي به) ومن لم يشكر الناس لا يشكر الله تبارك وتعالى.

فإذن أرجو أن تنتبهي لهذه المسائل، وسوف نكون سعداء في حال تواصلك مع الموقع، حتى نتعاون جميعًا على الإصلاح، وأبشري فنحن لك في مقام الآباء والإخوان، ونسأل الله أن يلهمك السداد والرشاد، ونكرر ترحيبنا بك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً