الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من الوسواس القهري في الطهارة والصلاة، أرجو أن تساعدوني.

السؤال

السلام عليكم

أنا متزوجة، وعندي طفل، وحاليا أنا حامل، وأعاني من الوسواس في الطهارة، وأعتبر كل شيء بشقتي نجس، وأنه يجب علي أن أغتسل مع كل صلاة، لقد تعبت تعباً شديدا.

كما أنني أيضا أوسوس بصلاتي، فإذا كبرت أجد نفسي داخلياً وكأني أسب الله – أستغفر الله- وأنا أصلي، وعندما أقرأ، تأتيني أفكار كأني أسب الله - أتمنى أنى تفهموا مقصدي - وأقطع صلاتي، وأستغفر، وأعيد، وأعيد.

لقد تعبت، وأصابني الصداع من هذا الأمر، ولقد كنت أتعالج، وآخذ حبوبا نفسية، وحالتي كانت مستقرة، ولكنها الآن تدهورت، فما الحل؟

أتمنى أن تساعدوني.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم تركي حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

ففي حوالي أربعين إلى خمسين بالمائة من الناس، تكون الوساوس القهرية تحمل سمة الانتكاسة، يعني أنها قد تأتي للإنسان من وقت لآخر، وتتفاوت في وقتها وشدتها.

ومعظم الذين يعانون من الوساوس القهرية، وقاموا بعلاجها قبل ذلك، وتحسنوا، تجد أن النوبات التالية تكون أخف، حيث إن الإنسان يكون قد اكتسب مقدرة، ومهارات، وطرقا، لمواجهة هذه الوساوس، فلا أريدك أبدًا أن تنزعجي الآن، فكما ذهبت عنك فيما مضى - إن شاء الله تعالى – ستذهب عنك الآن.

والمبادئ الرئيسية لعلاج الوساوس، هي:

أن يحقر الإنسان الوساوس، فبالنسبة للطهارة عليك أن تبني على اليقين، فلا تتوضئي أبدًا من ماء الصنبور (الماسورة)، وحددي كمية الماء، واغسلي كل عضو من أعضاء الوضوء، وأكدي على نفسك أنك قد قمت بذلك، وتذكري دائمًا أن كمية الماء محدودة، وأن الإسراف مذموم، ونفس الشيء ينطبق على الغسل، وعلى الاستحمام.

العلماء - جزاهم الله خيرًا - وضحوا وبصورة جلية، أن صاحب الوساوس هو من أصحاب الأعذار، ولا يُحبذ أبدًا إعادة الصلاة، ولا يحبذ أبدًا السجود للسهو ما دام هذا فيه شيء من الوسوسة، ووجد أن الذين يقاومون لأيام قليلة فقط تزول عنهم كل هذه الوساوس، فأرجو أن تنهجي هذا المنهج - أيتها الفاضلة الكريمة -.

الدواء بالطبع مهم ومفيد، والأدوية السليمة في أثناء الحمل منها: عقار يعرف تجاريًا باسم: (بروزاك)، ويسمى علميًا باسم (فلوكستين)، والجرعة المطلوبة هي كبسولة واحدة في اليوم، يتم تناولها بعد الأكل، وبعد أسبوعين تكون الجرعة كبسولتين في اليوم.

وهذه الجرعة لا بد أن تستمري عليها لمدة ثلاثة أشهر على الأقل، وبعدها يمكن أن تخفض إلى كبسولة واحدة لمدة ثلاثة أشهر أخرى.

أنت لم توضحي مرحلة الحمل، وهل أنت في الأشهر الثلاثة الأولى؟ أم الثانية؟ أم الثالثة؟ حيث أنه لكل وضعها، ومتطلباتها، لذا أنا أطلب منك، ألا تبدئي في تناول الدواء، إلا بعد أن تتواصلي مع طبيبة النساء والولادة، ولكني أؤكد لك أن البروزاك دواء سليم جدًّا في جميع مراحل الحمل، فقط لا ننصح باستعماله مع الرضاعة، - إن شاء الله تعالى - سيكون الأمر محلولا، وسوف تزول عنك هذه الوساوس.

ركزي على الحمل وأموره، وافرحي به، وسلي الله تعالى أن يرزقك الذرية الطيبة الصالحة، واشغلي نفسك في بيتك، وأمور الطفل والزوج، واقرئي مواضيعا طيبة، وشاهدي البرامج التلفزيونية الممتازة، وتواصلي مع صديقاتك وأخواتك، وسلي الله تعالى أن يرفع عنك هذه الوساوس.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

++++++++++++++++++++++++++++++
انتهت إجابة المستشار/ د. محمد عبد العليم استشاري أول الطب النفسي وطب الإدمان
وتليها إجابة المستشار الشيخ/ أحمد الفودعي مستشار الشؤون الأسرية والتربوية:
++++++++++++++++++++++++++++++

مرحباً بك - أختنا الكريمة - في استشارات إسلام ويب، ونحن سعداء بتواصلك معنا، ونسأل الله تعالى أن يذهب عنك ما تجدين من الوسوسة.

ونريد أن نطمئنك أولاً، ونبشرك، ببقائك على إيمانك - إن شاء الله تعالى -، فكراهتك لهذه الوساوس، وخوفك منها، دليل على وجود إيمان في قلبك يخالف هذه الوساوس ويعارضها.

ووجود هذا الإيمان في القلب، هو الذي دفع الشيطان لمحاولة إفساده، بإيراد هذه الشبهات والوسوسة بها.

ومن أعجب العجب - أيتها الأخت الكريمة -، أن يقبل العقل البشري فكرة الإلحاد، وإنكار وجود خالق لهذه المخلوقات.

وقد استقر عن العقلاء أن لكل فعل فاعل، فيا ترى من خلق السموات والأرض وما فيها من مخلوقات؟ وهذه أسئلة يطرحها القرآن على كل ملحد، فقد قال الله تعالى:{ أفي الله شك فاطر السموات والأرض }، وقال:{ أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون* أم خلقوا السموات والأرض بل لا يوقنون}.

وقد أرسل الله رسله، وأيدهم بالمعجزات التي لا يقدر البشر على الإتيان بمثلها، ولو اجتمعوا وتعاونوا على ذلك، فكيف يشك بعد ذلك أن هؤلاء أرسلهم إلينا خالق البشر.

وإذا قامت الأدلة الدامغة على صدقهم، وأنهم يبلغوننا عن الله تعالى، فكيف يصح عقلاً أن نكذبهم بما يخبرون به مما لا نعلمه نحن من أمور الغيب والآخرة، وهذا ما عابه الله تعالى على الكفار حين قال:{ بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه }.

والمخترعات الحديثة التي لم تكن معروفة لنا من قبل، تبين لنا كل يوم مدى قصور العقل البشري عن تصور أشياء كثيرة قبل أن يراها، فلا يصح إذا أن نجعل هذا العقل حاكماً على أحوال الآخرة، وما فيها الغيب.

نحن ننصحك - أيتها الأخت - بمدافعة هذه الوساوس عن نفسك، مستعينة في ذلك بوصية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين قال: ( فليستعذ بالله ولينته).

فلا تسترسلي مع هذه الوساوس حين تطرأ عليك، واستعيذي بالله، وسيذهب عنك ما تجدينه - بإذن الله تعالى -.

وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً