الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الوسواس القهري قهرني فكيف أتخلص منه؟

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم.

أنا شاب عمري 27 عاما, أعاني من الوسواس منذ أكثر من 10 سنوات, وسأحاول أن أختصر ما أمكن حتى لا أطيل عليكم.

في البداية كانت الوساوس في الوضوء والطهارة والصلاة والغسل, وفي أحد الأيام وفي النهار رأيت على عضوي الذكري بياضا, توهمت أنه مني, وهنا جاءتني فكرة وسواسية أن المني ينزل مني دائما في الليل والنهار, وأني دائما جنب, وأن الله لن يقبل مني صلاة, وكانت هذه الفكرة مستمرة, ولا تقتصر على أوقات الصلاة, بعد ثلاث سنوات قاومتها بالتحدي, حيث قلت مادام الله لن يقبل مني صلاة فأنا لا أريده أن يقبل مني, وبدأت لا أهتم بالطهارة, حيث وصل بي التحدي أن أمشي على أرضية الدش بدون حذاء, وأستهتر بالنجاسات, والحمد لله تلاشى الوسواس.

ذهبت إلى طبيب باطنية وقال لي إن عندك زيادة في سرعة دقلت القلب, مع أن التخطيط كان طبيعيا, وهنا بدأت الوساوس المرضية, في هذه الفترة بدأت أذهب إلى الأطباء النفسيين, وصف لي طبيبان أدوية لم أستمر عليها, أظن أن أحدها هو الفافارين, حيث سبب لي غثيانا في المعدة, كنت أشعر برغبة في القيء, ثم ذهبت إلى طبيب يعالج بالتحليل النفسي بدون دواء واستفدت منه كثيرا, رجعت إلى أسلوب التحدي, وقلت أنا لا أخاف من الفحوص الطبية, وأنا لا يهمني إن كنت مريضا أم لا, وتحديت الوسواس, وعملت فحصا للسكري والضغط, وعملت عملية دوالي في الخصية, وخف الوسواس كثيرا, وكاد أن يتلاشى, هنا ذهبت إلى طبيب نفسي, وأعطاني أدوية منهاrespirox 2mg - efexor*xr 75MG, وبعد استخدامها مباشرة أصبحت أوسوس بأني مجنون, وعندها عدت للمحلل النفسي, وتخلصت من وساوس الجنون.

عادت لي الوساوس بعد سنتين بأسلوب آخر هو: ماذا ستقول لزوجتك عن عملية الدوالي, هنا أخطأت خطأ كبيرا, حيث قلت أنا لا يهمني ما تقول زوجتي مهما كان فيّ من أمراض, ثم ذهبت إلى طبيب عام, وسألته عن الدوالي في رجلي فأخبرني أنها بداية دوالي.

ذهبت وتأكدت من أخصائي آخر فأخبرني أنه ليس معي دوالي, حاولت أن أتجاهل الوسواس, أو أتحداه كما كنت سابقا لكن بلا جدوى؛ لأن الفكرة كانت تأتيني لمجرد أن أشعر بأي ألم في رجلي من التعب, وأصبحت تأتيني عندما أرى أي وريد في جسمي.

بما أن الإنسان دائما يشعر بقدميه أصبحت الفكرة تأتيني في أي وقت في الدراسة والتدريس -أنا معلم-, وأثناء الحديث مع الناس, ووقت الراحة والصلاة, وصرت لا أستطيع التفكير في غير الوسواس, لا أفكر في العمل, ولا أستطيع إعطاء حصصي بفاعلية, حتى الشهوة الجنسية لا تخطر في بالي, ولم أعد أستفد من جلسات التحليل النفسي, وصارت حياتي جحيما لا يطاق, ليس فيها ثانية سعادة, وأنا أدعوا الله يوميا أن أموت وأرتاح من هذه الحياة, فما الحل في رأيكم؟

هل أعتمد على الأدوية التي ستصفها لي أم أنا بحاجة إلى التواصل مع طبيب نفسي؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد جمعة حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فأسأل الله تعالى أن يفرج عنك، وأشكرك كثيرًا على ثقتك في شخصي الضعيف.

بالفعل أنت تعاني من وساوس قهرية، وساوسك تحمل طابع المخاوف في ذات الوقت، والأشياء التي يجب أن نتفق عليها بصفة قطعية أن الوساوس يمكن أن تعالج، وأن علاج الوساوس يتطلب الصبر والالتزام، وأن الوساوس يجب ألا تكون سببًا في حرمانك من العلاج.

هذه النقطة مهمة جدًّا، لأن بعض الذين يعانون من الوساوس القهرية تجد وسوستهم تصل حتى للدرجة التي تنهيهم عن العلاج، أو إذا بدؤوا العمليات العلاجية ثم تحسنت أحوالهم تتحول هذه الوسوسة إلى مخاوف نحو الأدوية وما شابه ذلك.

العلاج يجب أن يشمل العلاج الدوائي، وهذه حقيقة مهمة، لأن الوساوس فيها جانب بيولوجي لا يمكن أن ننكره أبدًا، ويجب في ذات الوقت أن تشمل العلاج السلوكي، وبالتأكيد إذا تواصلت مع طبيب نفسي - له قناعة بالمدرسة البيولوجية والمدرسة السلوكية في ذات الوقت - يكون هذا الأفضل بالنسبة لك.

ومن جانبي أؤكد لك حقيقة أخرى، وهي: أن مقاومة الإنسان للوساوس هي جزء أصيل جدًّا في العلاج، لكن الإنسان قد تضعف دفاعاته أو يفقدها في بعض الأحيان - وكما حدث لك – وذلك نسبة لعدم تناول الدواء. هذا لا يعني أن نحتم على الأدوية لوحدها، لكن أقول أن دور الأدوية مهم، والأدوية هي أسهل أنواع العلاج.

إذن إن ذهبت إلى الطبيب النفسي - كما ذكرت لك – هذا إن شاء الله تعالى يكون فيه سبب في إزالة هذه الوساوس، وإن لم تتمكن أقول لك ابدأ في تناول الدواء، والأدوية الجيدة كثيرة، منها عقار بروزاك – والذي يعرف علميًا باسم فلوكستين – وجرعة البداية هي كبسولة واحدة في اليوم – أي عشرين مليجرامًا – يتم تناولها بعد الأكل، وبعد أسبوعين اجعلها كبسولتين، استمر عليها لمدة شهر ونصف، ثم بعد ذلك اجعلها ثلاث كبسولات في اليوم، تتناول كبسولة واحدة في الصباح وكبسولتين ليلا، استمر على هذه الجرعة لمدة ثلاثة أشهر، بعد ذلك خفض الجرعة إلى كبسولتين في اليوم، استمر عليها لمدة ستة أشهر، ثم اجعلها كبسولة واحدة في اليوم لمدة ستة أشهر أخرى، ثم يمكنك أن تتوقف عن تناول الدواء.

هذه هي أقل مدة للعلاج الدوائي لهذا النوع من الوساوس، والذي يتسم بوجود مخاوف.

أما بالنسبة للعلاج السلوكي فطرقها كثيرة جدًّا، من أهمها أن تمارس تمارين الاسترخاء، فهي ذات فائدة كبيرة جدًّا، لأن الوساوس مرتبطة بالقلق، والاسترخاء ضد القلق، وإليك كيفية تطبيق هذه التمارين، وهي برقم (2136015) وبعد ذلك التزم بالمبادئ السلوكية التي ذكرتها، وهي تحدي الوساوس من خلال تحقيرها وتجاهلها واستبدالها بفعل أو فكر مخالف، وأن تربط فكرة الوسواس بأمر مكروه وملفوظ ومرفوض بالنسبة لك، ودائمًا اصرف انتباهك عن الوساوس بأن تشغل نفسك بما هو مفيد.

هذه هي الخطوات الرئيسية للعلاج، وأنا أقول لك لا تحرم نفسك من العلاج أبدًا، وأفضل أن تبدأ الدواء مباشرة، وبعد ذلك إن تمكنت أن تذهب إلى الطبيب فهذا فيه خير كثير.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • مصر منحخ

    شكرا

  • مصر شفاء

    انا من تجربتي العملية والطبية الاحظ انك اخي بحاجة لتغيير اسلوب التفكير فانت في كل فكرة تخاف او تستقبلها بخوف وتكرار وهذا يؤدي لرمجتها ثم الدخول في محاربتها وهكذا مدى الحياة ماتحتاجه حقيقة استرخاء جلسات يومية ثم اسلوب معرفي لتواجه هذه الافكار السخيفة بأن تغيير اسلوب التفكير لانك لا تستفيد من نجاحك في بعض الافكار ولا تسقطها على باقي الافكار هذا خلل معرفي منك ان عالجته عالجت كل شيئ اذا اردت مساعدة او شرح هذا ايميلي عسى الله ان يشفيك

  • سوريا hd

    جزاك الله خيرا

  • ليبيا mirna1994w

    أتابك الله خيرايادكتور محمد عبد العليم وجزاك الله عنا خير الجزاء

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً