الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أكون زوجة مطيعة محافظة على حقوقها وكرامتها دون أن أؤذي زوجي؟

السؤال

السلام عليكم.

أنا سيدة متزوجة من زوج كريم في أخلاقه, وإنسان يعرف ويخاف الله, ويحبني وأحبه, ونحن مقيمان خارج البلاد؛ مما أدى إلى وجودي في البيت لساعات طويلة؛ لأنه يكون في العمل لفترات طويلة, وعندنا بنتان أقضي كل الوقت معهما, وعندما يرجع زوجي من العمل يتعشى ويبقى على النت ساعات طويلة؛ وبالصدفة وجدت لديه صديقة كانت مقربة منه لدرجة كبيرة؛ حتى أنه كان يشتكي مني إليها, ويتعامل معها بلطف وكلام يدل على أنه غزل, فذهلت؛ لأنه كان يعاملني بنفس حبه لي, ولكنه أهملني, وأصبح لا يجلس معنا إلا فترة الأكل, والبقية إما في العمل أو على الفيس بوك, وكانت صدمة جعلتني أتشاجر معه, وغلطت عليه بالكلام كثيرًا, وكنت سليطة اللسان, وأعترف بأنه لا يوجد شيء بينهما, بالرغم أنه كان يكلمها في بعض الأحيان بالتلفون, وقد قطع اتصاله بها, ولم ترجع ثقتي به, وأصبحت كل ما أجده على النت أشك فيه, وتبدأ المشاكل بيني وبينه, وأصبحت سليطة اللسان معه لدرجة أنني أبكيته مني من كثرة اللوم!

ساعدوني على أن أكفر عن خطئي معه, وساعدوني أن أبعده عن الفيس بوك, وساعدوني أن أكون زوجة مطيعة, ومحافظة على حقوقها وكرامتها, دون أن أؤذي زوجي.

ولكم جزيل الشكر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم جمان حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد:

فمرحبًا بك - أختنا الكريمة - في استشارات إسلام ويب, ونشكر لك تواصلك معنا، ونشكر لك كذلك اعترافك بخطئك, وإحساسك بأنك سلكت طريقًا خاطئًا مع زوجك، وهذا بداية التصحيح، وحتى يتعدل سلوكك مع زوجك, وتتغير طريقتك في التعامل معه نحن ننصحك بجملة من النصائح، أولها:

أن تقدري النعمة التي أنعم الله -عز وجل- بها عليك, بأن رزقك هذا الزوج المُحب لك، الطيب في تعامله معك، وهذه النعمة بحاجة إلى شكر الله تعالى وصيانة لها، وإن لم تفعلي ذلك فإنها مهددة بالزوال، فقد قال الله تعالى: {ولئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد} فشكر نعمة الله تعالى سبب لدوامها وبقائها، وكفر النعمة سبب لزوالها وذهابها، ومن شكر نعمة الله تعالى عليك هذه أن تحسني التعامل مع الزوج، وأن تؤدي له حقوقه كاملة، مبتغية بذلك رضا الله تعالى ورضا زوجك، وبهذا ستستمر هذه النعمة, ولن تذهب عنك.

نحن نحذرك - أيتها الأخت العزيزة - من التمادي في هذا السلوك الخاطئ مع الزوج، فإنك قد تندمين على عواقبه حين لا ينفعك الندم، فإن قلوب العباد بين إصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء, فاحذري من التمادي على زوجك أو إغضابه، فإنه ربما انقلب قلبه عليك, وتحول الحب كرهًا والميل انصرافًا، وحين تشعرين بأنك جنيت على نفسك جناية عظيمة، وقلبت حياتك جحيمًا بسبب سوء تصرفاتك, فاحذري من الوقوع في هذا السلوك، وأدي لهذا الزوج حقوقه التي فرضها الله عز وجل عليك.

النصيحة الثانية: ألا تجعلي من خطأ هذا الزوج شمّاعة تعلقين عليها أخطاءك أنت، فإن خطأ الزوج الذي ذكرت، وإن كنا لا نقره عليه لكنه خطأ يقع فيه كثير من الناس، وهذا الخطأ لا يُسقط حقه عليك أنت من الطاعة والتأدب معه وعدم الترفع عليه، فضلاً عن أن تؤذيه بسبٍّ أو شتمٍ أو غير ذلك، فإن هذا مما حرمه الله عز وجل عليك، فاتقي الله تعالى في نفسك، وأدِّي حق زوجك عليك على الوجه المطلوب منك.

النصيحة الثالثة: أن تتذكري جيدًا - أيتها الأخت العزيزة - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وعد المرأة إذا كانت صابرة على زوجها عند إساءته إليها, وسابقة إلى إرضائه وطلب السماح منه عندما يُخطئ هو عليها، وعدها عليه الصلاة والسلام بأنها من أهل الجنة، فقال: (ألا أخبركم بنسائكم من أهل الجنة؟ الودود الولود العئود، التي إذا أذات أو أُوذيت جاءت فوضعت يدها في يد زوجها وقالت: لا أذوق غمضًا حتى ترضى).

فنحن نوصيك وننصحك بأن تسابقي إلى بلوغ هذه المرتبة، فتبادري بالاعتذار إلى زوجك, وتخبريه عن خطئك فيما سبق من تصرفات، فإن هذا يُكسبك وده وتملكين قلبه، وبذلك تسعد حياتك كلها.

لا شك - أيتها الأخت العزيزة - بأن الزوج إن وقع فيما وقع فيه فإنه ينبغي أن يُعان ويُساعَد ليتخلص مما هو فيه، ولكن ليست الطريقة التي اتبعتها هي المؤدية لهذا الغرض، فالزوج بحاجة إلى تذكير بالله تعالى، وتذكيره بالوقوف بين يدي الله تعالى للحساب على أعماله، وتذكيره بالجنة والنار، ونحو ذلك، فإن هذا من النوع من التذكير يطرد عن القلب الغفلة، فيقف الإنسان عند حدود الله تعالى، ولا يتجاوزها إلى ما حرم عليه.

الزوج بحاجة - أيتها الأخت - إلى الارتقاء بإيمانه، وذلك من خلال حثه على الاندماج في البرامج الإيمانية التي تزيد من إيمانه, كالمحافظة على الصلوات في جماعة، وربط علاقات مع الرجال الطيبين الصالحين، حتى يأخذ من أخلاقهم، وبذلك ستأمنين - بإذن الله تعالى - وقوعه في شيء من هذه المحرمات.

نصيحتنا لك: أن تكوني جادة - أيتها الأخت - في التعرف على حقوق زوجك، فإن للزوج على زوجته حقًّا عظيمًا, حتى أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم – بأنه لو كان آمرًا أحدًا أن يسجد لأحد لأمر المرأة أن تسجد لزوجها لعظم حقه عليها.

نحن نشكر لك ثانية - أيتها الأخت - شعورك بالخطأ، ولكننا نأمل - بإذن الله تعالى - أن تكوني جادة في تفادي هذا الخطأ, ومحاولة إصلاحه بالطريق الصحيحة حتى تستقر حياتك, وتكسبين زوجك.

نسأل الله تعالى أن يتولى عونك، وأن يأخذ بيدك إلى كل خير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • ليبيا نابلسي

    كلام رائع جدا اعجبتني صراحتها واعجبني نصحكم

  • تركيا فاطمه اليوسف

    اعجبتني هذه النصائح جدا واتمنى وادعو الله عز وجل ان يعين هذه الاخت علا تفادي الخطا وان يجعلنا ممن يعترفن باخطائهن

  • تركيا فاطمة

    اعجبتني هذه النصائح وارجو من الله ان يجعلنا ممن نعترف باخطائنا

  • مصر مصطفي الاسواني

    أسأل الله أن يصلح بالهم ويرفع عنهم ما اهمهم ،
    اشكر الأخوة على جميل النصيحة وأقول والله لو سمعنا كلام ربنا ونبينا لارتاحت قلوبنا وانفسنا وحياتنا فالاطمئنان والسكينة لا تأتي إلا بالقرب من الله

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً