الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الوساوس القهرية في المرض، والطلاق وكيفية التخلص منها.

السؤال

السلام عليكم.

أرسلت لكم سابقا بأنني مصاب بالوسواس, وأتناول العلاج, والتحسن مستمر, ولكن أريد فهم مرضي وأساليبه, ولدي تساؤلات:

الموسوس والوسواس في معركة كل منهما يقول الفكرة منك, وهذا يرهق المريض فكيف التعامل معه؟ الموسوس بعض الأوقات يفتش في دماغه عن الأفكار الوسواسية للاطمئنان بالشفاء, فيجد بعضها فيصاب بالرهبة والرعب, ويتهمه الوسواس أن الفكرة منه, بينما هو يريد الشفاء والتأكد فقط.

هل المريض بفعله هذا يكون قد أثار المرض؟ بمعنى أن الفكرة تسلطية تماما, هل التوتر والعصبية والقلق تثير الوسواس؟

لدي وساوس في الطلاق وقد أتعبتني فكيف التعامل معه؟ وهل الوسواس يؤثر على النوم ويجعل المريض يهذي في الكلام وغيره من كثرة التفكير والوسوسة؟

أدخلكم الله الجنة لما تساعدون به إخوانكم المسلمين.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ابراهيم المحمدي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

بارك الله فيك وجزاك الله خيرا, وأشكرك كثيرا على أسئلتك هذه والتي بالفعل تستحق الاهتمام بها, وأنا لا أريد أن أتعامل معها من خلال المقولة النفسية أن الموسوس يوسوس حول كل شيء فيما يتعلق بمرضه, ويحاول دائما أن يشرحه تشريحا, وهذه أحد مشاكل الوساوس.

أنا أعتقد أن مثل هذا المفهوم ليس صحيحا لأن الناس من حقها أن تعرف, والمعرفة في حد ذاتها وسيلة ممتازة جدا لأن يطور الإنسان آليات علاجه, أتفق معك أن الموسوس والوسواس في معركة كل منهما يقول الفكر منك, وهذا يثقل المريض, فكيف التعامل معه؟ في بدايات الوساوس يكون المريض على قناعة كاملة أن الأفكار هي أفكار سخيفة ومتسلطة عليه, ويحاول أن يقاومها ولكن بعد فترة إذا ظل المريض دون علاج تبدأ المقاومة في الضعف والتلاشي, وهذا بكل أسف قد يقنع المريض أن هذه الأفكار صحيحة, وأنه يجب أن يتعامل معها من خلال هذا المفهوم.

الموسوس لا ينكر أن الوساوس ناشئة منه بمعنى أنه يمتلكها وهو صاحبها, وهذا بعكس الذي يصاب بمرض عقلي مثل الظنان الباروني تأتيه الفكرة تتسلط عليه ولكنه لا يعترف أنها ناشئة منه, وهذا فرق كبير جدا, التعامل أخي الكريم مع الوسواس دائما هو من خلال رفضه وعدم قبوله, وتحقيره والأقتناع أن هذا وسواس, وأنه يجب أن لا يكون صديقا ملازما للإنسان, وأن صرف الانتباه هو أفضل وسيلة للتعامل مع الوساوس, وصرف الانتباه يكون من خلال التحقير والانخراط في فكر ونشاط مخالف.

الموسوس كثيرا ما يفتش عن الوساوس في دماغه, هذه معلومة صحيحة ودقيقة جدا, وملاحظة قوية جدا, واختبار الذات هو أحد حيل الوسواس, لذا نحن نقول إن الوسواس مرض ذكي, تأتيه من هذا الجانب, ويأتيك من جانب آخر, ولذا الرجوع للمبدأ الرئيسي وهو التحقير وعدم البحث, والتفتيش عن الوساوس سيكون هو العلاج.

كما ذكرنا سلفا الإنسان حين يعرف مشكلته هذا يمثل جزء كبيرا جدا من الحل, فإذن أخي الكريم مبدأ التجاهل والتحقير لا بد أن يظل هو المتبع سؤالك حول هل التوتر والعصبية والقلق يثير الوساوس؟ نعم هذا أحد مثيرات الوساوس القوية جدا, بل الوساوس كانت تعتبر ولا زالت تعتبر بدرجة كبيرة أن أصلها قلق, وإن كان هنالك بعض التحفظات حول هذا المفهوم الآن, وسوف يتم توضيح الكثير من الأمور في التشخيص الأمريكي الإحصائي الخامس, والذي سوف يظهر في خلال عام تقريبا.

التوتر لا شك أنه أحد مثيرات الوساوس, لذا ينصح كثير من علماء السلوك بالحرص على تطبيق تمارين الاسترخاء, لأن الاسترخاء هو أحد مضادات القلق (2136015), الوسواس حول الطلاق يعامل بنفس المفهوم لأنه وسواس, وأن الموسوس من أصحاب الأعذار, ويتم تجاهله تماما.

أخي الكريم استرشد برأي العلماء العارفين والذين التقيت بفضيلتهم شخصيا، وأفادوني أن طلاق الموسوس لا يقع إلا أن يكتب ورقة الطلاق.

سؤالك حول هل الوسواس يؤثر على النوم ويجعل المريض يهذي بالكلام وغيره من كثرة التفكير والوسوسة, 60% من الذين يعانون من الوساوس القهرية يعانون من اكتئاب ثانوي, ويعرف أن أحد أعراض الاكتئاب الرئيسية هي اضطراب النوم, واضطراب النوم يجعل الإنسان يهذي بالكلام ويفتقد التركيز, وقد يخرج من الأطر المعرفية الصحيحة.

ولذا كل الأدوية التي تعالج الاكتئاب النفسي تؤدي أيضا إلى تحسين في خفض الوساوس, حتى الأدوية التي يعرف عنها أنها ليست مضادة للوساوس مثلا عقار تفرانيل ليس هنالك دليل أنه ضد الوساوس, لكنه ضد الاكتئاب, وحين يتحسن المريض من خلال تخفيف وطأة الاكتئاب تجد أن حدة الوساوس واطباقها قد قلت كثيرا.

بارك الله فيك وجزاك الله خيرا, وأشكرك مرة أخرى أخي على هذه الأسئلة الطيبة, وأرجوا أن أكون قد أفدتك بما هو مفيد.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً