الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا أجيد حسن التصرف وأعاني من الرهاب، فما الحل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

تحية طيبة: أنا شخص لا أعرف التصرف, ولدي نوع من الأنانية, وأتكلم أحيانا بسرعة, وأحيانا أسقط بعض الأحرف أو الكلمات, وكانت عندي مشكلة في لفظ حرف الراء, والحمد الله قد تغلبت عليها بفضل الله.

لا أستطيع التحدث إلى مجموعة من الأشخاص, أي أعاني من الرهاب الاجتماعي, وأعاني من الخجل عندما أتحدث إلى الجمهور.

رحم الله من أعانني, والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ خليل حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا, وأشكر لك التواصل مع إسلام ويب.

من أهم الدعائم النفسية والصحيحة والإيجابية هو أن يقيم الإنسان نفسه تقييما منصفا ومتجردا وموضوعيا, بعض الناس تحقر ذواتها من خلال التقييم السلبي, وبعض الناس قد تنفخ ذاتها من خلال إعطاء الذات ما لا تستحقه, الصحيح أيها الفاضل الكريم هو الوسطية, ومن تجربة متواضعة أن معظم الذين يعتقدون أنهم لا يحسنون التصرف وأن ثقتهم مهزوزة في أنفسهم؛ تجدهم دائما يحكمون على أنفسهم من خلال مشاعرهم, المشاعر قد تقود الإنسان لتصرف سلبي وأفكار أكثر سوداوية, لكن من خلال الإنصاف مع النفس وتقييمها بصورة صحيحة هذا نسميه فهم الذات, وهذا يؤدي إن شاء الله تعالى إلى قبول الذات, وبعد ذلك يسعى الإنسان لتطوير نفسه.

الكلام بسرعة وإسقاط بعض الأحرف قد يكون ناتجا من وجود سمات القلق كجزء من التركيبة النفسية للشخصية, أو قد تكون مجرد عادة مكتسبة, أو ناتج من تقييم سلبي للذات, أنت والحمد لله تعالى تخلصت من مشكلة لفظ حرف الراء, وهذا يدل أنه لديك الدافعية من أجل التحسن, والدافعية من أجل التحسن هي أكبر قيمة علاجية سلوكية يمكن أن يقدمها الإنسان لنفسه, الصعوبات البسيطة التي تواجهك حين التحدث مع الآخرين أعتقد أنها درجة بسيطة جدا مما يمكن أن نسميه بالرهاب أو القلق أو الخوف الاجتماعي.

هذه -أخي الكريم- تعالج من خلال النظرة الإيجابية للذات, وتصحيح المفاهيم من السلبيات الشديدة جدا التي تكون مقترنة بالرهاب الاجتماعي, هي أن ينظر الإنسان إلى نفسه كأنه ملاحظ أو مرصود من قبل الآخرين, وهذا حقيقة تفسير خاطئ جدا, التغيرات التي تحصل مع الخوف الاجتماعي هي فيزلوجية الإنسان, قد يحس بتسارع في ضربات قلبه, أو أنه سوف يفقد السيطرة على الموقف, البعض يحس بخفة في الرأس, أو شيء من الدوار, أو قد يحس بشيء من التلعثم, هذه كلها حقيقة مشاعر مبالغ فيها, فمن خلال تصحيح المفاهيم أي أن هذه المشاعر مبالغ فيها هذه تمثل ركيزة علاجية مهمة جدا.

الخطوة الثانية هي: أن يعرض الإنسان نفسه لمواجهة الجمهور, هذا التعريض يكون في الخيال, وكذلك في الواقع, في الخيال تتخيل مثلا أنك طلب منك أن تصلي بالناس, وهذا قد يحدث للمسلم, تتصور أنك طلب منك أن تقدم عرضا أمام مجموعة من زملاء العمل, وهذا يحدث الآن كثيرا في الدوائر الحكومية, تصور آخر أنه لديك ضيوف في المنزل, ولا بد أن تستقبلهم وترحب بهم, وهكذا, عش هذا النوع من الخيال إن شاء الله تعالى سوف يفيدك كثيرا.

ابدأ في التطبيق, وأول خطوات التخلص من الرهاب الاجتماعي هو أن تستفيد من محيط العمل, اجعل مهاراتك الاجتماعية قوية, حيي زملائك بأحسن تحية, كن دائما هاشا باشا, وكن دائما مبادرا بالكلام الطيب, وأن تطرق بعض المواضيع العامة, هذا يزيد من مهاراتك كثيرا, هنالك مجموعة يطمئن لها الإنسان مثلا المصلين في المسجد, وحين يحرص الإنسان على حضور صلاة الجماعة في الصف الأول هذا نوع من التعريض الاجتماعي الإيجابي جدا, ممارسة الرياضة الجماعية, مشاركة الناس في أفراحهم وأتراحهم, الانضمام للعمل الخيري, أو الاجتماعي, أو الثقافي, هذه كلها وسائل نراها من أفضل أنواع التعرض الاجتماعي الإيجابي الذي يزيد من المهارة الاجتماعية, ويقضي على الخوف إن شاء الله تعالى, وله فوائد أخرى جمة.

أيها الأخ الكريم: أعتقد أن هذا كل ما تحتاج له وإن رأيت أن الأمر قد تعدى تحملك فهنا يمكن أن تقابل طبيبا نفسيا, أو يمكنك أن تتناول أحد الأدوية المضادة للمخاوف الاجتماعية, وهي كثيرة جدا لا تتطلب وصفة طيبة, منها عقار يعرف باسم زيروكسات, وهو من الأدوية الطيبة والسليمة والفاعلة, يمكن تناوله بجرعة نصف حبة أي 10 ملغراما, تناوله ليلا بعد الأكل لمدة 10 أيام, بعد ذلك اجعلها حبة كاملة لمدة ثلاثة أشهر, ثم تخفض إلى نصف حبة يوميا لمدة شهر, ثم نصف حبة يوما بعد يوم لمدة أسبوعين, ثم يتم التوقف عن تناول الدواء.

وإذا كان هنالك تسارعا في ضربات القلب عند المواجهات لا مانع من تناول دواء يعرف باسم اندرال بجرعة 10 ملي غراما يوميا لمدة أسبوعين أو ثلاثة, ثم بعد ذلك يمكن أن يكون عند اللزوم, أرى أن مشكلتك بسيطة جدا.

وأسال الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد, وأشكرك على التواصل مع إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً