الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

زوجي صعب التعامل ولا يسمعني كلمات الحب.. كيف أتعامل معه؟

السؤال

السلام عليكم.

عقد علي قبل 5 أشهر، وكنت متواصلة مع زوجي كثيرا، أنا أحبه وأموت فيه مع أن خطبتنا كانت تقليدية وأحببته بعد الخطبة، وأصبح كل شيء في حياتي، ولا أرضى أن أغضبه، أي شيء يريده أنفذه، لكنه الله يهديه، ويحفظه، لا أعرف كيف أتعامل معه لا شيء يرضيه، يدقق في كل شيء، ويسبب لي مشاكل.

عنده أهم شيء الشباب، والطلعات ولا يهتم، وأنا لا أمنعه من ذلك، لكني أتمنى أن يهتم بي، ويقول لي الكلمات الجميلة.

يحب أن يتحكم في حياتي، وبالعكس هذا حقه لكن أنا لا يريد أن أعرف عنه أي شيء، يقول لي: لا تتدخلي في حياتي، لأنك أنثى، وأنا رجل -مثل ما يقولون-.

هناك أشياء أنصدمت عندما عرفت أنه قالها لأصحابه، ولم يخبرني بها مثل موضوع السكن.

هو إنسان شديد وليس عاطفيا، كيف أعامله؟ فقد تعبت من أسلوبه، وتعامله معي، فهو صعب التعامل، كل شيء يحبه أعمله، والذي لا يحبه أبعد عنه.

أرشدوني كيف أتعامل معه؟ حتى إذا تزوجنا أكون إنسانه ناجحة في حياتي، وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ عهود حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت، وفي أي موضوع، ونسأل الله العلي الأعلى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يبارك فيك، وأن يثبتك على الحق، كما نسأله تبارك وتعالى أن يصلح لك زوجك، وأن يعينه على التفاهم معك، وأن يعاملك بالحسنى والمعروف، وأن يعطيه القدرة على أن تحتويك بالطريقة التي ينبغي أن تكون، خاصة وأنكما ما زلتما في بداية حياتكما الزوجية.

وبخصوص ما ورد برسالتك - أختي الكريمة الفاضلة – فإنه مما لا شك فيه أن هذه التصرفات مزعجة، بل وفي غاية الإزعاج، لأنها تُنبئ عن شخصية ليست مرنة، ولا عطوفة، ولا حنونة، ولا متفاهمة، شخصية حجرية متجمدة كشخصية القرون الوسطى التي كانت تعتبر المرأة لا تساوي شيئًا، وكأنها كالأمة عند سيدها ليس لها من رأي، ولا كرامة، وليس لها من شورى ولا اعتبار.

هذه الشخصية قد عفى عليها الزمان وانتهى، ولكنها مع الأسف الشديد ما زالت توجد بيننا وفي بيئتنا العربية والإسلامية – خاصة في منطقة الخليج مع الأسف الشديد – البعض ما زال ينظر إلى المرأة على أنها لا شيء، وأنها ليس من حقها أن تسأل عن شيء، وإنما لابد أن تكون كالعبد الذي يجب عليه أن يُؤمر فيُطيع، أما التواصل، والتراحم، والتفاهم والحوار، والتشاور، فكأن هذه عبارات أو كأن هذه مصطلحات لا وجود لها في قاموس الإنسانية.

ولذلك الذي أنصح به - أختي الفاضلة عهود – ضرورة وضع النقاط على الحروف من الآن، لأن قضية التهميش، وقضية أيضًا التجاهل، وقضية عدم مراعاة مشاعرك، وعدم إبداء أي مرونة في التعامل، كل هذه الأمور لا تبشر بخير، خاصة وأنكما الآن ما زلتما بعيدًا عن التداخل المستمر بينكما، فالآن قد لا يتكلم معك إلا قليلاً، وقد لا يراك إلا نادرًا، أما عندما تكونين في بيته، فماذا سيكون الحال إذا هذا الجفاف وهذه القسوة وهذا العنف، وأيضًا هذا البخل بإبداء العواطف والمشاعر والعبارات الطيبة التي تطفي على الحياة نوعًا من السعادة.

ومن هنا فإني أرى بارك الله فيك ضرورة عمل مواجهة صريحة من الآن، هذه النقاط التي ذكرتها وغيرها اجمعيها وقولي له (أنا عندي عدة ملاحظات أريد أن أحسمها الآن قبل أن يُفحم، حتى وإن ترتب على ذلك ما يترتب، لأنني لا أريد أن أكون امرأة مهمّشة، وأن يكون الشباب، وطلعاتهم أفضل مني، وعندما أتكلم أسمع كلامًا على أن هذا ليس من حقكِ، وأن هذه حياتي، وأنا رجل أفعل ما أشاء، لا) قولي له: (هذه الطريقة أنا منزعجة منها جدًّا).

فحاولي أن تتكلمي معه، وقطعًا هو الآن زوجك ما دام الآن قد عقد عليك، فمن حقك أن تتكلمي معه بكل حرية، سواء كان ذلك في مواجهة في بيتكم مثلاً أو كان ذلك عبر الهاتف، وحاولي أن تتمسكي بحقك من الآن، حتى تتضح أمامك هذه الشخصية الذي سيصبح زوجًا لك، وأبًا لأبنائك، لأن الذي تذكرينه حقيقة أنا لا أريد أن أضخم الأمور، ولكنه خطر، لا ينبئ بخير، هذا التفاوت ينبئ بحياة قاسية، وعنيفة، وجافة، ويجعلها حقيقة لا طعم لها، ولا فائدة، بل إن الإنسان قد يندم عليها مرات، ومرات كل يوم عندما يجد الصد، والإعراض، ويجد النفور والتهميش، وعدم مراعاة المشاعر، وعدم التماس الأعذار.

إذن ضرورة أن تضعي النقاط على الحروف مع زوجك من الآن، أن تتكلمي معه بكل صراحة ووضوح، وأن تخبريه بأن هذا الأسلوب لا يصلح لك.

أنت تسألين جزاك الله خيرًا أنك تحبينه حبًّا شديدًا وتقولين كيف تكونين زوجة ناجحة، وكيف تتعاملين معه؟ .. لا يمكن التعامل مع هذه الشخصية إلا بوضع النقاط على الحروف، ولن يستطيع ذلك إلا أنت، حتى يعرف أنك شخصيًا لا تقبلين بهذا الكلام، ونتكلمين من الآن، إذا كانت هذه ستكون طريقته فأنت لا تستطيعين أن تتعاملي معه، لأنك من خلال كلامك أنت تبذلين كل ما يمكن بذله، وتحرصين على التزام كلامه حرفيًا، حتى وإن كنت لا تحبين هذا الكلام، وإن كان فيه تقييد لحريتك، أنت ترين أن هذا من حقه وأنه لا مانع من التزام كلامه، ولذلك ليس لديك غضاضة في أن تلتزمي كلامه، أما هو بهذه الطريقة أرى أنه من الآن يحاول أن يعصف بهذه الأسرة تمامًا، اللهم إلا إذا كنت إنسانة ستكونين خانعة، ليس لك من شخصية، ولا رأي، ولديك استعداد لقبول هذه التصرفات، من الممكن أن تمشي الحياة إلى ما شاء الله تعالى.

أما إذا كنت حريصة على أن تكون العلاقة طبيعية فيها نوع من الحوار، والتفاهم، والتشاور، والتناصح وأيضًا مراعاة للمشاعر، فأرى أنه لابد لك من الآن من وضع النقاط على الحروف، حتى وإن قدر الله وحدث هناك فراق أرى أنك لن تخسري كثيرًا، لأن هذه الطريقة لا تبشر بخير أبدًا.

الواحد منا عندما ينظر إلى وجه امرأته، ويراها أنها قاطبة الجبين تسود الدنيا في وجهه، لمجرد أنها مقطبة الجبين، أو عابسة، وهذا مجرد شيء عارض أو طارئ، قد تكون مريضة أو بها صداع أو عندها مشكلة خاصة مثلاً لا يعرفها الإنسان، إلا أن الرجل يحب دائمًا أن يرى امرأته كالوردة الجميلة الطيبة الرائحة، والمرأة كذلك نفس الشيء، عندما ترى زوجها رجلاً عبوسًا كتوما، رجل جافا غليظا قاسيا، فما الذي ستستفيده من هذه الحياة؟ لا تستطيع أن تهنأ معه بعيش، اللهم إلا إذا ضحت بكل شيء من مقومات الحياة الطبيعية لتكون بهذا المستوى من التعنت.

لذا أقول بارك الله فيك – أختِي عهود – ورغم أنه ليس من طبيعتنا في هذا الموقف أن نتكلم في قضية الترك أو الانفصال، إلا أني أرى أنه ضرورة وضع النقاط على الحروف، وبكل صراحة وبكل أدب وبكل وضوح، إذا كان الرجل لديه استعداد أن يغير هذه الطريقة، وأن يتعامل بما ينبغي أن يكون التعامل به في بيت النبوة، وفي بيت الصالحين من عباد الله، وفي بيوت الناس جميعًا الطبيعيين، فمرحبًا به، وأن يكون ذلك الآن قبل الدخول، حتى تجربي ذلك، قولي له (لن نتزوج قبل أن ندخل لابد أن نرى تغييرًا، وإلا فكل واحد منا يذهب إلى حاله).

أسأل الله لك التوفيق والسداد، وأن يؤلف على الخير قلوبكما، وأن يصلح ذات بينكما.

هذا وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • مصر مؤمنة بالله

    صدقت شيخنا الجليل فيما قلت و افتيت و اقول هذا عن تجربة عشتها و ما زلت اذوق مرارتها حتى الان. فبسكوتى و رضاى من زوجى بكل ما كان يامر و يتعنت و طلبات تهدر الانسانية و الكرامة اضعت حقوقى و عندما تكلمت مرة و ثرت سمعت من القول ما اكرة فنصيحتى لكى اختى باتفكير الشديد مع هذا النوع من الرجال الذى لا و لن يتغيرو لكى التوفيق

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً