الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

زوجتي تتناول دواء الكارمازبين Carbamazebine للصرع وهي مرضع، فهل يؤثر على الرضيع؟

السؤال

السادة / القائمين على الشبكة الإسلامية
الدكتور المتألق /محمد عبد العليم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نشكركم على حسن خدمتكم لمرتادي هذا الموقع والصرح الشامخ والشامل لشتى نواحي الحياة، وأخص بالذكر الدكتور المتألق/ محمد عبد العليم على حسن تجاوبه وتفاعله معنا، ولا نستطيع أن نجزيكم إلا الدعاء، فنقول جزاكم المولى خير الجزاء، وبارك فيكم وفي علمكم، وحشركم مع سيد خلق الله - صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم -.

الدكتور محمد: كان سؤالي لك سابقا استشارة برقم 2140088 بخصوص مرض الصرع الذي تعاني منه زوجتي، وقد أدرجت لك اسم دواء، ولكن كان هذا الاسم اسم تجاري لم تعلمه، واسمه الطبي هو (Carbamazebine ).

دكتور محمد: لدي بعض الاستفسارات وهي:

أود معرفة هل هذا الدواء مناسب، حيث أنها تستخدم حبتي دواء باليوم، أعتقد أن مقدار الحبة 200ملم، أم هناك دواء فعاليته أفضل منه علماً بأن زوجتي مرضع في الشهر السابع، فهل لذا العقار تأثير سلبي على طفلي؟

زوجتي الآن لازالت تعاني من صداع متكرر، وتلاحظ أنها بدأت تنسى بعض المواقف وبعض الأشياء، حتى يتم تذكيرها أو يتم ملاحظة ذلك من قبل من حولها؟ فهل هذا شيء طبيعي أم أنه سيتزايد أم سيتناقص؟ وكذلك أثناء النوم تنتابها دائماً حالات فزع؟

سيحل علينا شهر رمضان المبارك - جعله الله خير وبركة علينا وعليكم وعلى أمة محمد صل الله عليه وسلم - فهل سيؤثر الصيام على حالة زوجتي خصوصا أنها لازالت ترضع؟

وأخيراً، أخذ عمي زوجتي إلى قارئ ليقرأ عليها، وقال: أنها لا تعاني من شيء، وأعطاها زيتا مقري عليه، وقال راقٍ آخر: أنها قد تكون عين خبيثة، فيجب أن يقرأ عليها على الأقل ثلاثة أيام كي يتبين الأمر، واشترط عليّ أن تتوقف عن أي مسكنات أو أدوية؛ لأن العين لا تتبين إذا الشخص مازال يستخدم مهدأت، فهل تنصحون بأن تتوقف لمدة أسبوع عن العقار حتى نتأكد؟ وهل فعلا قد تكون حالة زوجتي ليس صرعا وإنما عين خبيثة أو مسا - لا سمح الله -؟ علماً بأن الحالة أتتها بعد فترة من رؤيتها في غرفة النوم سحلية مشت من جانبها، وقد فزعت زوجتي فزعا شديدا.

بارك الله فيك يادكتور ونفع بعلمك.. واعذرني على الإطالة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبو يوسف حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فأشكرك كثيرًا على كلماتك الطيبة، وأقول لك بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وشفى الله زوجتك الفاضلة.

فإن العقار – نعم – الكارمازبين Carbamazebine هو دواء معروف جدًّا لعلاج النوبات الصرعية، وهو دواء ممتاز، ودرجة سلامته عالية جدًّا، وليس له أي تأثيرات سلبية، فقط الذين يتناولونه يُطلب منهم أن يفحصوا الدم الأبيض مرة واحدة كل ستة أشهر – مثلاً – لأنه في حالات نادرة قد يؤدي إلى تخفيض في الدم الأبيض، وهذا إن حدث يحدث دائمًا في الثلاثة أشهر الأولى من العلاج. لا أعتقد أن هذا الأمر ينطبق على زوجتك، لكنه نوع من التحوط.

بالنسبة لجرعة هذا الدواء هي متفاوتة، ومعظم مرضى الصرع يحتاجون إلى جرعة أربعمائة إلى ألف ومائتي مليجرام في اليوم.

إذن طيف – أو مجال – الجرعة متسع جدًّا، والكارمازبين بصفة عامة لا يظل في الدم أكثر من عشرة إلى اثنا عشر ساعة، لذا يفترض من أن تكون الجرعة مرتين أو ثلاثة في اليوم، لكن يوجد مستحضر من هذا الدواء، وهو (التجراتول أربعمائة سي آر) هذا الدواء هو نفس المستحضر لكنه طويل الأمد والفعالية نسبيًا، لأنه يُفرز ببطء ويظل الدواء في الدم لفترة أطول، وهذا المركب يعتبر مفيدًا جدًّا للصائمين، ودائمًا ننصحهم بتناول حبة مثلاً مع الإفطار وحبة قبل السحور من النوع البطيء الإفراز، والذي يظل في الدم لفترة أطول، وهو معروف جدًّا لدى الأطباء.

بالنسبة لتأثير الدواء على الرضاعة: لا يوجد تأثير حقيقة بعد عمر الستة أشهر؛ لأن كبد الطفل تكون قد نضجت لدرجة جيدة، ويكون إفراز الدواء ليس فيه صعوبة، والجزء الذي يُنقل للطفل من خلال الحليب هو جزء بسيط، وتركيزه ضعيف من هذا الدواء.

معاناتها من الصداع: أعتقد أنه إذا تمكنا من إجراء فحص بسيط لها، هذا سوف يطمئنها، التأكد من النظر، التأكد من الأذنين والجيوب الأنفية، وإن استمر الصداع معها لا مانع إن كانت هنالك إمكانيات أن تُجرى لها صورة مقطعية لمجرد التأكد، لأن صداعها أيضًا مقترن بضعف في التركيز، وضعف التركيز قد يكون ناشئًا من القلق أو أن النشاط الصرعي لم ينقطع مائة بالمائة.

فإجراء الصورة المقطعية أعتقد أنه سيكون مطمئن جدًّا لك ولزوجتك، فاسعى في هذا الاتجاه، ولا أقول لك أن هذا أمر عاجل.

بالنسبة للصداع إن شاء الله تعالى بعد إجراء الفحص يمكن علاجه، إما من خلال بعض المسكنات البسيطة، أو ما دام تنتابها شيء من حالات الفزع أعتقد أنها ربما تكون محتاجة لأحد أدوية القلق البسيطة، لكن يجب أن يُترك هذا الأمر للطبيب المعالج، حتى يوازن ما بين الدواء المضاد للقلق الذي ربما تحتاجه وعقار كارمازبين الذي تتناوله الآن، لأننا لا نريد أن ندخلها أبدًا في نوع من التناقضات الدوائية.

أرجو دائمًا أن تحفز زوجتك وتشجعها، ويجب ألا تستشعر أنها صاحبة علة، هذا مرض موجود، وإن شاء الله هو بسيط، لكن بكل أسف دارت الكثير من الأمور في خُلد الناس، وهنالك من اعتبر الصرع من الوصمة، وهنالك من اعتبره كله من الجن والشيطان، وهذا أضر كثيرًا بالناس.

وبهذه المناسبة الأخ الراقي الذي قال أنه من الضروري أن يقرأ عليها لمدة ثلاثة أيام ويشترط أن تتوقف عن كل المسكنات. هذا خطأ جسيم، ونحن دائمًا نتواصل مع إخواننا المشايخ في هذه الأمور، وبفضل الله تعالى معظمهم يتفهمون أن الدواء لا علاقة له أبدًا بالجن. الادعاء أنه يُسْكن الجن، وأنه قِبَل يُدمن الجن، هذا كلام ليس له أي دليل، والدين واضح، والحكمة هي ضالة المؤمن، أينما وجدها فهو أحق الناس بها، وأذكر لك قصة الصحابي الذي سأل الرسول صلى الله عليه وسلم: أرقية نسترقها وأدوية نتداواها هل ترد من قدر الله شيئًا؟ فأجاب المصطفى صلى الله عليه وسلم فيما معناه: (هي من قدر الله). الدواء من قدر الله والرقية من قدر الله، فلا تسمح أبدًا بإيقاف الدواء عن زوجتك، إيقاف الدواء يؤدي إلى ارتدادات صرعية شديدة، وحتى الأطباء لا يتوقفون عنه أو ينصحون بالتوقف عنه إلا بالتدرج، وفي بعض الأحيان يكون التدرج تدرجًا بطيئًا.

أؤكد لك مرة أخرى أنه لا توجد أي تناقضات ما بين الرقية الشرعية وتناول الدواء.

حادثة الفزع التي مرت بها زوجتك حين رأت سحلية: لا نستطيع أن نقول أن النوبات التي تأتيها هي نوبات ناتجة من الخوف، هنالك مؤشرات كثيرة تدل أن نوباتها نوبات حقيقية واستجابتها للعلاج بصورة جيدة هي أحد هذه المؤشرات.

الخوف في بعض الأحيان له علاقة بإثارة البؤرة الصرعية، لكنه لا يكون سببًا فيها، بمعنى أن البؤرة الصرعية حين تكون موجودة وخامنة وكامنة، وقد يلعب الدواء دورًا في تنشيطها، ولكن لا نعتبره من الأسباب.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك التوفيق والسداد، ولزوجتك العافية والشفاء.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً