الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أخفقت في الطب... فهل أحول للهندسة؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بدايةً: أسأل الكريم أن يوفقكم لما يحب ويرضى.

بالصدفة توصلت لهذا الموقع الذي لم أتوقع أن أجد مثله في يوم في الأيام, ولعله ساقه المولى إليّ, فقد أجد عندكم ما يفتح لي أبوابا لحل الأزمة التي أمر بها حالياً.

أنا طالب في السنة الثانية من كلية الطب, كنتُ متفوقاً في الثانوية العامة, ثم دخلت الطب, وبدأت حياتي الجامعية بشكل ممتاز ودرجات ممتازة، ولكن في الفصل الثاني من السنة التحضيرية بدأ مستواي في الهبوط ولكن ليس كثيراً, ونجحت ولله الحمد, ولكن في السنة الثانية بدأنا دراسة الطب فعلياً, نظامنا هو نظام جديد مطبق في بعض الجامعات، حيث المواد تقسم كـ(مديولات) كل مديول يأخذ قرابة الشهر, وهناك اختبار شهري ونهائي, اجتزت المديول الأول ولله الحمد, ولكن تعثرت في كل المديولات الأخرى -أي ما يقارب نسبته 90% مما درسته - وأجزم بأن هذا ليس مستواي, ولكن لا أعلم ماذا أصابني! فأنا لا استطيع التركيز في وقت المحاضرة ولا وقت المذاكرة ، ربما عين أصابتني, فأنا أتمتع بسمعة طيبة في الحي.

بين الفصلين أقدمت على خطوة وهي التحويل لكلية الهندسة؛ لحبي وتعلقي بمادة الرياضيات, فالطب يعتمد على الحفظ أكثر, بينما أرى قدراتي في الفهم أفضل, فمن هنا جاء القرار, ولكن في الأخير تراجعت مع أن الموافقة صدرت، لكني رجعت؛ لأني كنت أرى أن ترك الطب ليس بالأمر السهل, خفت من الندم, مع أني بصراحة أحسست براحة عندما كنت أقوم بإجراءات التحويل, ولكن بعد فترة حمدت الله بأنني تراجعت.

حالياً: أنا معرّض لإعادة سنة أخرى, ولكني لست متقبلاً الفكرة تماماً, لا أريد أن أدرس وأرى زملائي يسبقوني, وأيضا أخاف من الرسوب مرة أخرى.

أحب الطب؛ لأني أظن أن الطبيب يكون أقرب للآخرة من الدنيا, وتزهد في نظره الدنيا، ولأن فيه أماناً وظيفياً وراتباً ممتازاً, مع أني أتمنى أن أسلك السلك الأكاديمي، ولكن قد يكون لله حكمه في كل ما يصير لي.

أنا أرى نفسي بأنني سأجتاز الهندسة بتفوق, ولأني أحب الرياضيات فسأبدع في دراستها، ولكن لا أحب مجال عملها كثيراً, مالم أكن في شركة كبيرة أو أسلك السلك الأكاديمي (حقيقة لا أحب أن أكون إنساناً عادياً, فالله أعطاني من العقل والقدرات ما أستطيع أن أتميّز به).

كذلك أحب جداً جدا إدارة الأعمال؛ ربما لأنه تخصص والدي, وأرى في نفسي المدير الناجح، وأتمنى أن أملك شركة و . و. و . (هذه الأفكار تزورني عندما أفكر في هذا التخصص) ولكن كما هو معروف فرص العمل أقل ولا بد من الواقعية.

ومهتم أيضاً بالتنمية البشرية، وأتمنى أن أصبح مدرباً فيها، وأرى أني لو كنت طبيباً نفسياً أو إدارياً متميّزاً فسأبدع أيما إبداع.

أفكر حالياً بأن أدرس الهندسة في الخارج على حسابي الخاص، مع أمل إلحاقي بالبعثة إن أمكن، وعند تخرجي أكمل الماجستير والدكتوراه في الإدارة، أو أحول لجامعة أخرى لأدرس الطب ولكن بنظامها القديم, حيث يمكنني أن أحفظ وأراجع، وتترسخ المعلومة في ذهني, عكس الحال الآن، فأيهم أختار؟

أعتذر عن الإطالة، ولكن مما تعلمته أن شرح الحالة يُساعد في التشخيص، وملخص قولي بأن قدراتي في الهندسة والإدارة أفضل من الطب، وحلمي هو أن أتبوأ منصباً أتمكن فيه من تطوير خريجي الطب، وأطور المستشفيات, وأن يأتي من يسكنون دول العالم الأول إلينا بحثاً عن العلاج، فكيف أحقق هذا الحلم؟ وبأي مجال؟

أفيدوني، وإن كان في نظركم هناك مجال آخر غير ما ذكرته فأفيدوني، وجزاكم الله خير الجزاء.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ فارس حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

بارك الله فيك، وجزاك الله خيراً.

من الجميل والطيب جداً أن تكون للإنسان آمال في هذه الحياة، وأن يفكر في مستقبله، وسلاح العلم والدين هي أفضل الأسلحة التي يتسلح بها الإنسان ليواجه نوائب الدهر، ويعيش حياة طيبة وكريمة.

بخصوص دراستك، أنا أعتقد أن الإخفاق الذي حدث لك في دراسة الطب هو أمر مؤقت، والإخفاقات قد تحدث للناس في الحياة، وما حدث منك لا أقول أنه حدث بسبب شيء من التقصير، ولكن ربما لم يكن وضعك النفسي جيدا، فقد تأتي نوبات اكتئاب تسبب الإحباط وتضعف التركيز وشيء من هذا القبيل.

عملية الاختيار إذن من وجهة نظري هي واضحة جداً، وهي أني أرى أن تواصل في دراسة الطب، فأنت بدأت بداية حتى وإن كانت متعثرة، لكن أعتقد أنك تستطيع أن تنجز بعد أن توضح أهدافك بجلاء ووضوح، ولا تنزعج حول موضوع الماجستير والدكتوراه، فكل شيء في وقته، ويجب أن لا تضع نفسك ما بين مطرقة الأحلام وما يمكن أن نسميه بالأوهام الواهية، وسندان التفكير بالفشل، فهذه كلها نوع من الأفكار الوسواسية، فضع لنفسك خطة واضحة، استمر في دراسة الطب، وأعتقد أنك بشيء من التركيز وبشيء من إدارة الوقت بصورةٍ حسنة تستطيع أن تنجز، وليس هنالك ما يدعوك لتغيير الكلية أبداً، والناس تنجح، وأيضاً تسقط، وبعد ذلك يمكن للإنسان أن يواصل مسيرته، هذا من وجهة نظري.

قضية أن رغبتك في الهندسة أكثر، وأنك تستطيع أن تجيد فيها، هذا من وجهة نظري البسيطة جدا يجب أن تكون حذراً منها؛ فالإنسان قد تكون له رغبة في شيء ما، وهذه الرغبة ليست حقيقية وقوية، ولكنها كرد فعل لإخفاقه في مجالٍ معين، فأنا أخاف عليك أن تذهب للهندسة وبعد فترة تُصاب بالملل والحسرة، وأن الطب أفضل، ولذلك أنا أعتقد أن قرارك وانجذابك نحو الهندسة الآن ناتج من التعثر الذي حدث لك في مجال الطب، وليس رغبة حقيقية في الهندسة، فإذن استمر في طريق دراسة الطب.

أما بخصوص إدارة الأعمال وغيرها، فلا أعتقد أن الأمر يتطلب كل هذا التشتت في التفكير، لا يمكن للإنسان أن يتحصل على كل شيء أو ينجز كل شيء، فسر على طريق أكاديمي واحد، وحاول أن تنجز في هذا الطريق، ونسأل الله أن يجعل لك فيها خيرا كثيراً، وعليك بالتركيز على الاستخارة، وأسأل الذي بيده الخير أن يهيئ لك ما هو خير، وعليك أن ترتب وقتك ونفسك، وهذا هو المتطلب، وإن كنت تحس بشعور إحباطي حقيقي فأرجو منك أن تتواصل مع أحد أساتذة الطب النفسي بالكلية التي تدرس فيها، وسوف تجد كل الإرشاد والتوجيه والنصح، وإن احتاجت حالتك لأي علاج دوائي فسوف يقوم الطبيب بوصف ذلك.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيراً، وأسأل الله لك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • Abu Elan

    ايش صار معك!؟
    ي الله نفسس ال كلام الي بقلبي ولحيين بمر فييه
    ي الله لو اقدر اتواصصل معك

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً