الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أريد الزواج ولا زلت طالبًا فما السبيل لإقناع أمي؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

أنا شاب في العشرين من عمري, تعرفت على فتاة في مثل سني, وأعجبت بأخلاقها ومستواها الفكري, وأعجبت برقي الوسط العائلي الذي نشأت فيه.

أصبحنا نحب بعضنا حبًّا كبيرًا, بعد أن أخبرت والديها بنيِّتنا في الارتباط والزواج, طلبت لقاء والدها لخطبتها.

المشكلة أنني ما زلت طالبًا, وغير قادر على توفير لوازم الزواج, لكن ارتباطنا الشديد ببعضنا جعلني وهذه الفتاة نسعى إلى الإسراع بالارتباط في الحلال مخافة الوقوع في معصية, اقترحت أمُّ الفتاة أن نقوم بعقد القِران حتى يكون كل شيء بيننا حلالاً, ونتمكن من رؤية بعضنا متى نشاء, ونستطيع كذلك متابعة دراستنا الجامعية.

قمت بمناقشة الموضوع مع والدتي, ولكنها قالت: إن الوقت مبكر, وإنني لازلت صغيرًا, وتقول أيضًا بأني لا أملك دخلاً أنفق به على زوجتي في حال عقدِ القِران, وأنه من العيب أن أتزوج فتاة, وينفق عليها أبوها.

شرحت لوالدتي أن هذه الفتاة لديها منحة دراسية تستطيع الإنفاق منها, كما أنني أستطيع العمل بالصيف, وتوفير بعض المال.

حاولت أيضًا أن أوضح لأمي مدى حاجتي إلى هذه العلاقة الآن؛ لأن الفساد منتشر بشكل مفزع, وأنا -والحمد لله - شاب ملتزم, لكن الإنسان ضعيف أمام الشهوات, لذلك أصبحت اليوم أكثر خوفًا على نفسي من الوقوع في المعصية - والعياذ بالله-.

أرجو منكم إرشادي إلى الرأي الأنسب, وإن أمكن أن تدلوني على طريقة لإقناع أمي, مع العلم أنها لا تعترض على زواجي من هذه الفتاة في حد ذاته.

وجزاكم الله عنا خير الجزاء.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ abdallah حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد:

الحمد لله, والصلاة والسلام على رسول الله, وعلى آله وصحابته ومن والاه.

بداية: نرحب بك - ابننا الفاضل- في موقعك, ونسأل الله أن يسهل أمرك, وأن يلهمك السداد والرشاد, هو ولي ذلك والقادر عليه، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يعنيك على الخير, وأن يعينك على إقناع الوالدة, وأن يغنيك بحلاله عن الحرام, هو ولي ذلك والقادر عليه, وبعد:

فإنه لم يظهر لنا من خلال السؤال وجود والدك، فهل الوالد موجود؟ ولماذا الوالد لم يتكلم؟

وعلى كل حال:
الوالدة لها المقام الرفيع, فعلمها ومشاركتها في الموضوع له أبلغ الأثر, وننصحك بأن توقف هذه العلاقة حتى تضعها في إطارها الصحيح، حتى تأتي البيوت من أبوابها, وحتى تحول هذه العلاقة إلى علاقة شرعية منضبطة واضحة وضوح الشمس في النهار, علاقة تقوم على الرضى, وتقوم على القبول, وتقوم على إشراك الأهل من الطرفين في هذه العلاقة؛ حتى يعاونوكم في التخطيط لمستقبلكم, وإذا كنت تجد في نفسك ميولاً للفتاة, وهي تشاركك الميل؛ فإنه لا يُرى للمتحابين مثل النكاح، ولكننا لا نؤيد ولا نشجع فكرة العلاقة الطويلة, خاصة إذا كانت بهذه الطريقة, دون أن يكون لها رابط شرعي, ودون أن يكون لها غطاء من الشرع الحنيف الذي شرفنا الله به، لا نؤيد كذلك أن تعقد عليها ثم تنتظر السنوات, أو تخطبها وتظل تنتظرك سنوات, وإذا رضِي بك أهلها, ورضيت أنت بالفتاة, وحصلت على القبول من أهلك, والتشجيع, والموافقة؛ فإننا ننصح بتجميد هذه العلاقة حتى توضع في وضعها الصحيح كما قلنا؛ لأن الإسلام لا يبيح للشاب أن يكوِّن علاقة مع فتاة إلا في إطار المحرمية, أو في إطار الزوجية، فمجرد النية في الارتباط لا تكفي حتى بعد الخطبة، والخطبة ما هي إلا وعد بالزواج, لا تبيح للخاطب الخلوة بمخطوبته, ولا الخروج بها, كما أن فترة الخطبة الطويلة نحن لا نؤيدها؛ لأنها تضيِّع على الطرفين فرصًا كثيرة, وأيضًا يكون هنالك انتظار كبير للسراب, وبعض الخُطَّاب ربما يغير وجهة نظره, أو أن تغير المخطوبة وجهة نظرها بعد سنوات من الانتظار, فلذلك إذا حصل التوافق وحصل القبول فإنه لم يُرى للمتحابين مثل النكاح.

إذن نطالبك بأن تضع هذه العلاقة في إطارها الصحيح, وأرجو أن تحكِّم العقل الآن بعد أن هيأ الله لك هذا الميل, وهيأ الله لها هذا الميل, ونشكر لك الحرص على السؤال, والاهتمام بالتواصل مع موقعك, ونشكر لك الاهتمام بالسؤال, والتواصل مع موقعك, وأيضًا نشكر لك سؤال الوالدة, والرغبة في مقابلة والدها, ونؤكد المقابلة لوالدها, وأهلك ينبغي أن يكونوا هم الذين يتكلمون بلسانك, فاتركوا الكلام في هذا الموضوع للكبار, ولا أظن أن الوالدة سوف ترفض, وإذا حدث العقد الشرعي فإن هذا - كما هو في عرف المجتمعات غالبًا - يترتب عليه التزامات مالية, وإنفاقًا ونواحي أخرى، كما تمنينا نحن أن تتاح الفرص للشباب.

أما إذا كان الوالد موجودًا, وكانت الأسرة عندها إمكانيات عائلية كبيرة, فإن الأصل هو أن يعاونوك ويزوجوك ,كما قال سعيد بن العاص: "إذا علَّم الرجل ولده الكتاب, وحج به بيت الله الحرام, وزوَّجه فقد خرج من حقه" فإذا كان عند الأسرة مثل هذا الاستعداد, وأنهم سوف يضعون يدهم فوق يديك, ويعاونوك على إكمال هذا المشوار الحلال فهذا ما نتمناه.

أما بالنسبة للوالدة:

فلا مانع من مناقشتها, ولا مانع من إقناعها, ولا شك بأن دخول الوالدة في الموضوع سوف يعطيه بعدًا آخر, وعمقًا آخر, وهذه الخطوة أرى أن تبدؤوا بها، بأن تكلم أهل الفتاة, وبذلك يعرف الفتاة أصبحت لك, وأصحبت لها, ثم تجتهد في إعداد نفسك للزواج, وإعداد نفسك بما تستطيع من المال, فإن الإنسان ينبغي أن يجهز نفسه بما يستطيع, وبعد ذلك التوفيق من الله تعالى بعد أن يفعل الأسباب.

ومن الذين يعينهم العظيم سبحانه وتعالى: النكاح يريد العفاف، لكني أكرر أنه حتى يحصل هذا ينبغي أن تكون العلاقة متوقفة, ولا تتوسعوا في هذه العلاقة؛ لأنها ليست في مصلحتكم, ولا في مصلحة دراستكم, والعلاقات العاطفية التي تسبق الرباط الشرعي هي خصم لسعادة الزوج وسعادة الزوجة مستقبلاً, فطالما وجد الحب, ووجد التفاهم فهذا كافٍ, ولكن عليك أن تسعى في خطوات عملية في إكمال هذه المراسيم, وأعتقد أنه ينبغي أن تفكر بهذه الطريقة, ونسأل الله تعالى أن يسهل أمرك, وأن يقدر لك الخير حيث كان, ثم يرضيك به.

ونوصيك: بتقوى الله تعالى, ثم بكثرة الدعاء, ثم الاهتمام برأي الوالدين, ثم بإيقاف هذه العلاقة حتى توضع في إطارها الشرعي الصحيح، ثم بالاجتهاد في دراستك, وبالاجتهاد أيضًا إذا وجدت فرصًا للعمل في العطلات؛ من أجل أن تكسب أموالاً تكون بحول الله تعالى عونًا لك على إكمال هذا المشروع, ونسأل الله أن يقدر لك الخير حيث كان, ثم يرضيك به.

وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً