الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أخاف من كل شيء مما أدى إلى انطوائيتي فما الحل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

عندي مشاكل كثيرة, وأتمنى أن أجد الحل عندكم, جزاكم الله خيرًا.

أولاً: عندي مشكلة اجتماعية فأنا منطوية جدًّا, وأخاف جدًّا من الناس, وعندما أكون جالسة مع زملائي في العمل مثلاً أكون في قلق أن يوجه إلي أحدهم سؤالاً, وإذا حدث ووجه إلي أحدهم سؤالاً, أو تحدث معي أشعر بقلق شديد, حتى أني لا أكون مركزة على السؤال نفسه, وأشعر بخفقان شديد في قلبي, وقلق شديد, وتوتر, حتى أني لا أستطيع أن أرد بشكل جيد, والكثير من الناس لاحظوا ذلك.

وليس لدي أصدقاء, وبعض الناس يظن أني أتكبر عليهم, أو لا أطيق رؤيتهم, ولكن هذا ليس صحيحًا, فخوفي الشديد, وقلقي, وتوتري, هم اللذين يمنعونني, بالله عليكم أرشدوني إلى حل هذه المشكلة التي أتعبتني كثيرًا في حياتي, وبسببها ستضيع عليّ أحلى وأمتع اللحظات, بالله عليكم أرشدوني للحل؛ فأنا أخاف أن يزيد الموضوع أكثر وأكثر, بل إنه حقًّا قد زاد فعلاً فهو عندي منذ زمن.

والمشكلة الثانية مع أهلي أيضًا بسبب خوفي الشديد وقلقي:
وتكون أصعب اللحظات التي تمر علي عندما تجتمع الأسرة في المناسبات والأعياد, ولا أكون مستمتعة وسعيدة, بل أكون دائمًا في قلق شديد, وتوتر؛ مما وصل إلى القطيعة, وعندما يأتي أحد الأقارب لزيارتنا في بيتنا أشعر بقلق شديد, وتوتر شديد؛ مما يمنعني أن أخرج لأسلم عليه, فيحزن ذلك الضيف, ولكن هذا ليس بيدي, وهذا الموضوع أدى إلى ضيق أمي وأبي وأخواتي أيضًا مني.

وأمي أيضًا تضايقت مني كثيرًا, وتقول لي: إني أصبحت كبيرة ومسؤولة عن تصرفاتي, ولم أعد صغيرة, وهي محقة, ولكني لا أعرف كيف أخرج مما أنا فيه, بالله عليكم أرشدوني للحل؛ فأنا لست راضية عن نفسي وعن تصرفاتي, وأتمنى أن أخرج مما أنا فيه, وأستمتع بالحياة, وأكون شخصية سوية, ويكون عندي أصدقاء.

والمشكلة الثالثة: أني أخاف جدًّا, أخاف بشكل غير طبيعي, أخاف من أي شيء, ومن كل شيء, ودائمًا في خوف, فعندما يتكلم معي شخص – مثلاً- أشعر بخوف شديد على نفسي, وتأتيني أفكار غريبة جدًّا أنه يحسدني, ودائمًا ما أخاف من الحسد بشكل غير طبيعي, حتى أني أتجنب التعامل مع الناس خوفًا من الحسد, وحتى بعد ما يكلمني أحد -بعد أن ينهي حديثه- أقوم بقراءة المعوذتين كثيرًا ظنًّا مني أن هذا الشخص يحسدني, أو خوفًا أن يصيبني الحسد.

أنا حقًّا تعبت من هذا الموضوع كثيرًا, والموضوع يزيد أكثر وأكثر, وخوفي من الحسد يمنعني من أن أعيش حياتي بصورة طبيعية, فأصبح خوفًا مرضيًا؛ مما أدى إلى خوف الناس مني, ومنعني من معاملة الناس بصورة طبيعية, كما أن هذه الأفكار ملازمة لي بصورة مستمرة, فدائمًا ما تأتيني هذه الأفكار أن فلانًا هذا يحسدني مما أدى إلى ظن الناس أنني هادئة, ولكني لست كذلك, فما يحدث داخلي وهذه الأفكار التي تأتيني تجعلني دائمة التفكير فيها, ولا أركز على شيء مع أني –واللهِ- أصلي كل الصلوات في وقتها, وأحافظ على الصلاة دائمًا, وأقرا كل يوم جزءًا من القرآن, وأواظب على أذكار الصباح والمساء دائمًا, وأتحصن بهم دائمًا, وأحس أنهم يحمونني دائمًا, ولكن هذا أدى إلى بعدي عن الناس تمامًا, وانعزالي عن الناس, ولم يعد لي أصدقاء, وأحس أنه حتى لو كان عندي أصدقاء فسوف تأتيني هذه الأفكار أيضًا, وأكون خائفة من حسدهم, فلا أصاحب أحدًا, أخاف من أشياء غريبة, أشياء لا يخاف منها الإنسان السوي الطبيعي, أحس أني لست إنسانة سوية طبيعية, ولا أعيش حياتي بصورة طبيعية مثل باقي الناس الطبيعيين.

أرجو أن يكون كلامي واضحًا لكم.

والمشكلة الأخيرة هي أهم واحدة, فلقد تعبت كثيرًا في حياتي بسبب هذه الأفكار, وهذا الخوف الشديد الزائد عن الحد, فلا أعرف أن أعيش حياتي بصورة طبيعية.

بالله عليكم أخبروني ماذا أفعل؟
وكيف أتغلب على ذلك؟

أتمنى أن أجد الحل بين أيديكم, وأن يتم شفائي, وجزاكم الله خيرًا, وأثابكم خير الجزاء.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ فتحية حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد,

بارك الله فيك, وجزاك الله خيرًا, وأشكرك على التواصل مع إسلام ويب.

المشاكل الثلاثة حقيقة متداخلة مع بعضها, ويمكننا أن نعتبرها مشكلة واحدة فبصورة واضحة وجلية نستنتج من خلال الشكوى الأولى والثانية أنك تعانين من قلق المخاوف, وهذا القلق أخذ صورة ما نسميه بالرهاب الاجتماعي البسيط, ويظهر أن كل مواقفك التي تتطلب المواجهات, حتى وإن كانت بسيطة, تشعرك بالقلق والتوتر والخوف, وهذا أدى إلى ميولك إلى نحو الإنطوائية.

المشكلة الثالثة أيضًا ناتجة من القلق والتوتر, ولكن القلق في هذه المرة هو ذو طابع وسواسي, فهذا الخوف المفرط من الحسد, واتخاذ التحوطات الشديدة جدًّا في التعامل مع الناس من وجهة نظري هو جانب قلقي وسواسي, وليس أكثر من ذلك.

إذن أنت بصفة عامة تعانين من قلق المخاوف, ومكوناته الرئيسية هي درجة بسيطة من الخوف الاجتماعي بالإضافة للمخاوف الوسواسية, وهذه -إن شاء الله تعالى- علل بسيطة جدًّا.

إن تمكنت أن تذهبي إلى الطبيب النفسي فهذا سيكون أمرًا جيدًا؛ لأن الطبيب سوف يباشر الفحص, ويقوم بالتقييم التام لحالتك, ومن ثم يعطيك الدواء المناسب.

أما إذا كنت لا تستطيعين الذهاب إلى الطبيب فأنا أقول لك: أهم شيء لعلاج المخاوف والوساوس هو تحقيرها وتجاهلها تمامًا, نعم هذا قد لا يكون سهلاً في بداية الأمر, لكن الإنسان إذا تفهم مقدراته, وحاول أن يقيم الأمور بصورة صحيحة, ويتدارس ما به من فكر ومخاوف, فسوف يجد أنها سخيفة جدًّا, وفي ذات الوقت يجب أن تلتفتي نحو إيجابياتك, وهي كثيرة جدًّا.

التواصل الاجتماعي مهم وضروري جدًّا, ويجب أن توسعي تواصلك في مجال الأسرة, وأنت -والحمد لله تعالى- تحافظين على الصلاة, وعلى تلاوة القرآن, وذهابك إلى مراكز تحفيظ القرآن, وحضور الدروس, والمشاركات في الأعمال الاجتماعية والخيرية, هذا كله يؤدي إلى نوع من التعريض الاجتماعي الإيجابي الذي يقهر الخوف ويقلله، في موضوع الخوف من الحسد، الحسد حقيقة وموجود, والإنسان يواجهه من خلال التوكل على الله تعالى, والتعوذ, والدعاء, و الصلاة, وفي ذات الوقت يجب أن نحسن الظن بالناس, فهذا مهم, وليس كل الناس أشرار, فأنت محتاجة حقيقة لتغيير مفاهيمك، وأنت بحاجة ماسة جدًّا للعلاج الدوائي, والدواء سوف يفيدك كثيرًا.

وكما ذكرت لك إن استطعت أن تقابلي الطبيب فهذا جيد, وإن لم تستطيعي فعقار مودبكس, هكذا يسمى في مصر, وله مسميات تجارية أخرى, هي زولفت, ولسترال, واسمه العلمي هو سرتللين, وهذا دواء متميز جدًّا لعلاج قلق المخاوف الوسواسي ذو الطابع الاجتماعي.

والجرعة المطلوبة في حالتك أن تبدئي بنصف حبة, أي 25 ملي جرام, تناوليها ليلاً بعد الأكل لمدة 10 أيام, بعد ذلك اجعليها حبة كاملة لمدة شهر, ثم اجعلي الجرعة حبتين في اليوم, ويمكنك أن تتناوليها ليلاً كجرعة واحدة, أو بمعدل حبة في الصباح وحبة في المساء, استمري عليها لمدة شهرين, ثم خفضي الجرعة إلى حبة واحدة ليلاً لمدة 4 أشهر, ثم اجعليها نصف حبة ليلاً لمدة شهر, ثم نصف حبة يومًا بعد يوم لمدة شهر, ثم توقفي عن تناول الدواء، يتميز السرتللين بأنه دواء سليم وفعال جدًّا, وسوف تشعرين بقيمة وفائدة حقيقية له بعد أربعة أسابيع من بداية العلاج, وأنا أؤكد لك أنه غير إدماني, ولا يؤثر على الهرمونات النسوية مطلقًا, وربما يؤدي إلى زيادة بسيطة في الشهية نحو الطعام, وهذه بالطبع يمكن التحكم فيها من خلال تقوية الإرادة, وممارسة الرياضة, وتخير الأطعمة التي لا تحتوي على سعرات حرارية عالية.

ولمزيد من الفائدة انظري العلاج السلوكي للمخاوف: (262026 - 262698 - 263579 - 265121)

أسأل الله لك التوفيق والسداد, وأشكرك كثيرًا على التواصل مع إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • السعودية بدر

    البنادول الليل نايت افضل علاج للالم

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً