الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التأتأة سببت لي حالة انعزال اجتماعي... فما توجيهكم؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

متزوجة وعندي ابنتان، زوجي يحبني كثيراً، مشكلتي لا أستطيع تحديدها، أشعر بأني بعد كل فترة تظهر عندي مفاجأة جديدة، قد يكون مرجعها شيء واحد، لكن أنا لا أعرفه، أنا إنسانة بسيطة، ودودة، اجتماعية نوعاً ما، لكن لدي مشكلة في النطق أصبحت بسببها في نظر الناس قليلة المشاركة في الحياة الاجتماعية، قليلة في الكلام، أتجنب المواجهة، بالرغم من أني في داخلي شعلة من الطاقة، أحب أتكلم وأكون لفت الانتباه.

أحياناً أسيطر على الحبسة الكلامية التي لدي، وأنطلق في الكلام عندما أشعر براحة مع الشخص الذي أمامي، وأكون واثقة من نفسي، ولكن عندما أخشى بأنه سوف يلحظ تأتأتي أبدأ أرتبك وأشعر بأن رأسي آخذ في التنميل، وأعصابي أصبحت مشدودة، وهذا الشيء الذي أعانيه مع زوجي، فكلامي قليل معه، أخاف أنه يلاحظ، وأنا متأكدة أنه ملاحظ، وأني كاسرة خاطرة.

لا أحب أن أستعطف أحداً، بالإضافة أنا عندي رهبة من التحدث أمام جمع غفير من الناس أو الغرباء، وأحياناً أنجح، وأكسر الخوف الذي بداخلي، وأكون متحدثة لبقة، لكن تأتأتي ترجعني للوراء، أحب أكمل ماجستير، وأكون أستاذة جامعية، أنا إنسانة طموحة أحس أني مكبلة.

كنت في السابق أعاني من نوبات هلع وخوف من الموت، بسبب إصابتي في مرض، وأنا صغيرة، وكانوا يخبروني بأني سوف أموت وعيشتي بعذاب، بعدها لما دخلت موقعكم بدأت أفهم الوضع الذي أنا فيه، أحياناً أتغلب عليه بأن أتخلص من الأفكار المخيفة التي تطرأ علي.

أنا إنسانة قلقة جداً، وأتوقع دائماً حدوث الأسوأ، بالرغم من عدم حدوثه، ومزاجي متقلب، أبكي كثيراً وحساسة، تفكيري كل يوم منصب على نفسي، وزادت معاناتي الآن، لأنني سوف أنتقل إلى مدرسة جديدة مرتبكة وقلقة من الوضع، وخائفة.

أقسم بالله أني إنسانة عندي طاقات وأحب أنطلق للحياة أحب أن أكون مميزة، لكن أشياء تكبلني، وهي: التأتأة والخوف من التحدث أمام الناس، والأفكار التي تأتيني عن أهلي وزوجي، وتفكيري في الموت باستمرار، مزاجي المتقلب، ونظرتي الدونية لنفسي.

صرت أضخم الأمور الصغيرة وأجعلها مشكلة بحجم الكون، ميلي للاكتئاب والحزن، وحالتي تزيد أكثر بعد الولادة، أحس أني ضعيفة، لا أستطيع مقاومة نفسي، كما أني فاقدة الثقة بنفسي بدرجة أني أقول سوف تقرأ رسالتي وتستخف في طريقة وأسلوب كتابتي للمشكلة.

علماً بأني لم أصارح أحداً حتى أعز أصدقائي لأني في قرارة نفسي لا أحب أحدا يغضب علي، وخاصة من حولي، أريد ألتجئ لإنسان قادر على معالجتي ومساعدتي، وإرشادي، ويا رب أنه يكون من خلال موقعكم الكريم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم جودي حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فإن رسالتك واضحة جدًّا، وكل ما ورد فيها مُقدّر، والذي استطعت أن أستخلصه أنك إنسانة مقتدرة بمهارات وكفاءات ومعرفة عالية جدًّا، لكن تقديرك للذات لا تخلو من سلبية، وذلك نسبة لقلق المخاوف التي تعانين منه، والذي أشعرك بشيء من الإحباط المزاجي.

إذن تشخيص حالتك هو قلق المخاوف، وموضوع حبسة الكلام أو التأتأة أعتقد هو المثير الأساسي الذي جعل قلق المخاوف يتوطد لديك، ويسبب لك القلق والمخاوف التوقعية؛ مما جعلك تحجمين عن معايشة بعض الأمور الحياتية البسيطة.

لابد أن تثقي في مقدراتك، وكل ما أوردته من سمات سلبية أعتقد أن فيها شيء من القسوة على نفسك، وهذا النوع من التحليل ليس مستغربًا، لأننا كثيرًا ما نقلل من إمكاناتنا ومقدراتنا، وتكون وجهة نظر الآخرين مختلفة تمامًا، لكن نسبة للسلبية المُطبقة في التفكير لا يستشعر الواحد منا تقييم الآخرين، وإن استشعره يُسيء تفسيره وتأويله ليُطابق الفكر السلبي الذي يتحلى به الإنسان.

إذن خلاصة الأمر أنت أفضل مما تتصورين، وهذا يجب أن يكون مُحدداً أساسياً لمسار حياتك، ومن خلال ذلك تستطيعين أن تغيري نفسك بأن يكون التفكير الإيجابي هو منهجك، أشياء جميلة طيبة في حياتك لابد أن تُعطى قيمتها الحقيقية، لأنها تمثل المحفز الرئيسي لإزالة المخاوف والقلق.

في موضوع التأتأة: هي ليست منقصة أبدًا، إنما الخوف منها هو الذي يؤدي إلى المنقصة والشعور السلبي، وحين تفرضين على نفسك هذه الرقابة الصارمة ذات الطابع القلقي سوف يحدث لك تلعثم، وحتى الناس العاديون يحدث لهم هذا، فأرجو أن تخففي هذا الضغط على نفسك، وذلك بأن تؤمني أكثر بمقدراتك.

حقيقة أنت محتاجة لتمارين استرخاء مكثفة، على هذا الرقم (2136015) تغيير نمط الحياة مهم، ولا بأس من العلاج، دواء مضاد لقلق المخاوف، فإن استطعت أن تذهبي إلى طبيب نفسي أعتقد أن هذا حل جيد، من خلال جلسات الاستبصار المعرفي، إن شاء الله تعالى يتغير مزاجك، وكذلك من خلال الدواء الذي سوف يصفه لك الطبيب؛ حيث إنه توجد أدوية ممتازة جدًّا مثل اللسترال، زيروكسات، سبرالكس، سيمبالتا، كلها أدوية فاعلة وجميلة.

أود أن أنصحك أيضًا بأهمية التفريغ النفسي، فأنت فرضت على نفسك رقابة صارمة، وأصبحتِ قليلة التنفيس التعبيري، وهذا من وجهة نظري مشكلة كبيرة.

مقدراتك الواضحة هذه سوف تنعكس إيجابًا على مقدراتك التعبيرية والتواصلية، ثقي بنفسك، لا تحتقني داخليًا، ومن وجهة نظري أنت مقتدرة ومقتدرة جدًّا.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً