الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أتخلص من الوساوس التي حرمتني النوم؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أخي في الله, أنا شاب بعمر 34 سنة, متزوج، لدي طفل بعمر سنة وشهرين, منذ فترة -قرابة أربعين يوماً- كنت أعاني من دورة برد شديد, فأخذت دواء, قال لي الطبيب إنه تسبب لك بحساسية.

منذ أن أخذت هذا الدواء -هو للعلم اسمه ايريوس ممتد المفعول 24 ساعة- أول مرة أخذت منه قرصا, وبدأت أحس بأشياء لم أعهدها من قبل, تعرق, وخفقان, وعدم ارتياح, وكلما أذهب للفراش لأنام يأتيني وسواس بأنني سوف أموت.

المهم حتى لا أطيل أخذته مرة ثانية وأنا لا أعلم أنه هو السبب, فعادت نفس الأعراض مرة أخرى, ذهبت إلى طبيب وقصصت له القصة بأني أحس بهذه الأعراض؛ فأعطاني دواء آخر, وبفضل الله أصبحت بخير بعدها, وذهب عني هذا الشعور, وبعدها بأسبوعين تقريبا ارتفع ضغط الدم عندي من دون سبب, فلما قمت بقياسه وجدته عالٍيا, فأخذ الوهم يقتلني بأنني سوف أموت بسبب الضغط, وكلما حاولت النوم لا أستطيع.

ذهبت إلى الطبيب, وعملت فحوصات, وكلها بفضل الله تعالى سليمة, ثم مرت الأيام -حوالي أسبوعين- وأحسست بأني غير طبيعي, وأني سوف أموت, وعندما يأتيني هذا الإحساس لا أستطيع النوم, ولا الجلوس, ولا الاسترخاء, وأستعيذ بالله, وأقرأ القرآن, وأستغفر, ولكن لا يذهب عني, وكلما ذهبت إلى الفراش لأنام من التعب يأتيني بعد أن أغمض عيني؛ فأقوم مرة أخرى بسبب هذا القلق.

ضغطي يرتفع, وقولوني ينتفخ, وأحس بعدم ارتياح في جسدي كله, فذهبت لطبيب فقال لي إنني أعاني من حالة اكتئاب متوسطة, وكتب لي موتيفال, أخذت منه حبة واحدة, كنت أتوقع أن تهدئني لكن حدث العكس تماما, بعدها كلمت الطبيب على الهاتف فقلت له ما الذي حدث؟ قال لي توقف عنه.

بما أنني لا أنام إلا ساعة واحدة على الأكثر قال لي إن أخذ كلبيمام 3 ملجم, قرصا واحدا يساعدني على النوم, فأخذت نصف قرص لأني أخاف من هذه الأدوية, وجسمي له حساسية تقريبا من مضادات الهستامين.

بالله عليك أفدني ماذا أفعل؟ وما هو رأيك في هذا الإحساس الذي أفقدني كل مظاهر الفرح والحياة الهنيئة السعيدة؟

آسف على الإطالة, والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ يوسف حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

الذي حدث لك هو نوبة هلع، ويسمى أيضًا بالفزع، وهو شعور سخيف جدًّا, يتأتى من نوبة قلق حادة تتسم بوجود أعراض جسدية مثل التعرف وسرعة خفقان القلب، والبعض يأتيه الشعور كأن الموت قد دنا منه، وبعد ذلك – أي بعد أن تُجهض هذه النوبة الحادة – يصاب الإنسان بقلق عام, وربما مخاوف, وكذلك وساوس، يحاول أن يجد تفسيرًا لما حدث، وهكذا يعيش في هذه الدائرة المغلفة من قلق, وتوتر, وبحث عن التفسيرات, وتوقعًا لما سوف يحدث حول المستقبل, ويكون هنالك نوع من المخاوف الوسواسية المطبقة.

هذا قد ينتج عنه اكتئاب ثانوي بسيط يؤدي إلى شعور بالإحباط، أعتقد أن هذا هو الذي حدث لك, علاقته بحبوب إيريوس والتي تستعمل لعلاج الحساسية، هذا أمر يحتاج لشيء من التقصي، الأدوية قد تؤدي إلى أي تفاعل سلبي، لكن هذا الدواء عُرف عنه أنه دواء سليم, ودواء فاعل جدًّا، لكن لا نستطيع أن نقول إنه لم يكن سببًا.

في ذات الوقت الإصابة بدور البرد يعني وجود إصابة فيروسية، والإصابة الفيروسية أيضًا قد ينشأ عنها قلق وتوتر, وكذلك نوبات الوساوس والاكتئاب.

إذن الأسباب قد تكون متعددة، المهم هو أن ما حدث لك يدل أيضًا على أن لديك استعدادا للقلق والتوتر والوساوس والمخاوف، وهذه - إن شاء الله – تفاعلات ليست خطيرة.

الوضع الآن: أنت في حالة من الترقب من المخاوف والوساوس البسيطة، وهذه يجب أن تقضي عليها تمامًا من خلال تفهمك لحالتك، وقد قمتُ بهذا الشرح المقتضب ليجعلك تستنير عن تشخيصك، لأن الإنسان حين يعرف مشكلته هذا يساعده كثيرًا في التهدئة والشعور بالارتياح، فحالتك هي حالة قلقية وسواسية بدأت بنوبة هرع، وهذه معروفة جدًّا، وإن شاء الله تعالى ليس منها أي خطورة، وهذه النوبات قد تتكرر، لكن دائمًا تكون أقل وأبسط وأقل حدة، هذا من ناحية.

من ناحية أخرى: العلاجات موجودة، وإن شاء الله تعالى فاعلة، وأحد طرق هذه العلاجات هو أن تتدرب على تمارين الاسترخاء. هنالك تمارين تعرف تمارين التنفس المتدرج، وتمارين قبض وشد واسترخاء العضلات، عليك بها:
(2136015)

من الضروري أيضًا التدريب على تمارين صرف الانتباه، تصرف انتباهك عن هذه الأعراض، تحقرها، تتجاهلها، وتعيش حياتك بصورة عادية، ولا تدع للفراغ مجالاً ليسيطر عليك.

عليك بالتفكير الإيجابي، أنت لديك أشياء طيبة في حياتك، هنالك الزوجة، هنالك الابن الصالح - إن شاء الله تعالى – الوظيفة الطيبة، وهذه كلها إيجابيات الإنسان حين يتذكرها هذا يقلل كثيرًا من أعراض التوتر والقلق، ممارستك للرياضة أرى أنها أيضًا سوف تكون ذات فائدة كبيرة جدًّا لك.

أما العلاج الدوائي فأبشرك أن نوبات الهرع والخوف والوساوس تعالج من خلال عدة أدوية، أهمها وأفضلها عقار يعرف علميًا باسم (إستالوابرام), ويعرف تجاريًا باسم (سبرالكس), نعم قد يكون مكلفًا بعض الشيء، لكنه دواء فعال جدًّا.

الجرعة المطلوبة هي أن تبدأ بنصف حبة – خمسة مليجرام – تتناولها يوميًا لمدة عشرة أيام، بعد ذلك اجعلها حبة كاملة، استمر عليها لمدة أربعة أشهر، ثم خفضها واجعلها نصف حبة يوميًا لمدة شهر، ثم نصف حبة يومًا بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم توقف عن تناول الدواء.

هو دواء سليم وغير إدماني وغير تعودي، وفعاليته معروفة جدًّا. له بعض الآثار الجانبية البسيطة، منها أنه ربما يزيد الوزن قليلاً في بعض الأحيان، كما أنه قد يؤخر القذف المنوي بعض الشيء، لكن ليس له آثار ضارة على الإنجاب، وبالنسبة للذين يعانون من سرعة القذف يعتبر علاجًا جيدًا.

بجانب السبرالكس هنالك دواء إضافي بسيط جدًّا يعرف تجاريًا باسم (فلوناكسول) ويعرف علميًا باسم (فلوبنتكسول) أريدك أيضًا أن تتناوله بجرعة حبة واحدة، وقوة الحبة هي نصف مليجراما، تناولها ليلاً مدة شهر، ثم توقف عن تناوله، ولكن يجب أن تستمر على السبرالكس بالصورة التي ذكرتها لك.

نسأل الله تعالى لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد، ونشكرك على تواصلك مع إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً