الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

وساوس في الوضوء والصلاة وصعوبة تمييز بين الإفرازات والمذي، أفيدوني؟

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم

أرجو منكم قراءة رسالتي بشكل دقيق، مشكلتي هي الريح (الغازات)، بدأت بالشك، وكنت أعيد الصلاة والوضوء أكثر من مرة، واستمررت على ذلك لخمس سنين، ولكن الآن أشعر أنه فعلاً ريح يخرج أو أشك هل خرج أولا، ويكون الأرجح لي أنه خرج مني ريح، فأصبحت أعيد الصلاة خمس مرات أو أكثر، ولم أكن متيقنة، هل خرج ريح أم لا؟

أصبحت أحرج كثيراً، فأمي وإخوتي يسخرون مني أصبحت أتوضأ لساعتين، أريد أن اذهب إلى المسجد الحرام، ولكني أحمل عبء كيف إذا انتقض وضوئي، أريد أن أذهب مع أهلي إلى المسجد لأصلي، ولا أستطيع بسبب أن وضوئي ينتقض، وأنا أيضاً أعاني من الشك في الصلاة، وأحاول أن أتجاهله، ولكن الشك، أو التأكد أن وضوئي انتقض يجعل حياتي جحيما دون مبالغة، فأنا لا أستطيع أداء أعمال كثيرة بسبب ضياع وقتي، فإعادة الوضوء والصلاة أكثر من مرة.

أرجوكم أصبحت أكره وقت الصلاة أتعب كثيراً، اكتئبت والله دون مبالغة؛ لأني أهتم بالصلاة كثيراً ساعدوني، وأعتذر على الإطالة وإزعاجكم.

المشكلة الثانية: وهي نزول المذي أو الإفرازات المهبلية بشكل مستمر دون توقف حتى أنني لا أستطيع أن أتنظف منها، وحقيقة يصعب علي تحديد ما نزل مني أهو إفرازات مهبلية أم مذي؟

علما أنها تنزل علي قبل الوضوء، وأثناء الصلاة وفيها، وأنا لا أعرف ماذا أفعل؟

أشعر أن الشيطان يجعل أسماء أشخاص تخطر على بالي مجرد اسم، ولكن أشعر بأن هناك مذي، وقد يكون ذلك أثناء الصلاة مع أني أتعوذ بالله من الشيطان دائماً، مع العلم أني استعمل دواء ديان 35 لعلاج التكيسات، فهل له أثر على نزول الإفرازات أو المذي.

جزاكم الله خير الجزاء، ولكم جزيل الشكر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ شهد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

إن حرصك على الطهارة قبل الصلاة هو أمر جيد ومطلوب، لكن يجب ألا يصل بك إلى درجة يؤثر معها على حياتك بهذا الشكل، ولعلك حين تعرفين بعض المعلومات والحقائق تعيدين تقييمك للأمور ثانية بطريقة تساعدين فيها نفسك -إن شاء الله-.

إن دواء (ديان) لا يسبب زيادة في الإفرازات النسائية، وهو دواء يعالج ارتفاع هرمون الذكورة في الجسم، وما ينتج عن ذلك من أعراض, لذلك عليك بالاستمرار في تناوله إلى أن تنهي المدة المطلوبة.

وإن وجود إفرازات مستمرة عند الفتاة هو أمر طبيعي, بل وضروري جدا من أجل الحفاظ على صحة الجهاز التناسلي عندها، فبدون هذه الإفرازات سيصاب جهازها التناسلي بالالتهابات وبالجفاف، بل وحتى بالأورام -لا قدر الله-.

لذلك -يا عزيزتي- هذه الإفرازات التي تشاهدينها في كل الأوقات هي ليست منيا ولا مذيا، بل هي إفرازات فيزيولوجية ضرورية، وهي توجد في أي مكان في الجسم تكون على شكل جوف، ويمكن تشبيهها باللعاب في الفم، وبالمخاط في الأنف تفرز ليلا ونهارا، وهي غير إرادية، أي أنها ليست ناجمة عن إثارة جنسية، ولذلك فهي لا تنقض الوضوء، والله -عز وجل- أعلم.

إن الإفرازات التي تنجم عن إثارة جنسية يمكن تمييزها وبسهولة من قبل الفتاة نفسها، فهذه الإفرازات لا تنزل إلا بعد أن تتعرض الفتاة للإثارة الجنسية بأي طريقة كانت، سواء بالمشاهدة أو السماع أو التفكير بما يثير الغريزة الجنسية، أو عند من تمارس العادة السرية، والعياذ بالله.

فإن لم تتعرض الفتاة لمثل هذه الأمور المثيرة، فإن الغدة المسؤولة عن الإفراز المرطب، وهي متوضعة أصلا على مدخل الفرج، وليس في الأعلى، فلن تقوم بالإفراز.

أي أن إفراز الشهوة هو إفراز مؤقت وقليل, وهو مرتبط بحدوث الإثارة، ولا يخرج من المهبل بل يكون حول فتحة الفرج من الخارج.

أبعدي عنك هذه الوساوس وتجاهليها، فهي من عمل الشيطان يريد أن يدخل من خلالها إلى نفسك، فيضيع وقتك وجهدك ويبعدك عن الطاعات.

نسأل الله -عز وجل- أن يبعد عنك كل مكروه، وأن يوفقك إلى طاعته دائما.

انتهت إجابة د: رغدة عكاشة استشارة أمراض النساء والولادة، ويليها إجابة الشيخ الفودعي المستشار الشرعي.
________________________________________

فمرحبًا بك -ابنتنا الكريمة- في استشارات إسلام ويب، نسأل الله لك الشفاء والعافية.

نود أولاً -أيتها الكريمة- أن ننبه إلى أن هذه الطريقة سرت عليها من كونك تحكمين على طهارتك بالانتقاض بمجرد الشك فيها مخالفة لشرع الله تعالى، فإن دين الله -عز وجل- يسر، ومن يسره وسهولته ورحمة الله تعالى بعباده أن شرع لهم -سبحانه وتعالى- البقاء على يقينهم السابق، وعدم الانتقال، والتحول عنه إلا بيقين جديد.

ولذلك كان من القواعد المقررة في الشريعة الإسلامية قول العلماء (اليقين لا يزول بالشك) وهذا مقتضى الحديث النبوي الذي أجاب به النبي صلى الله عليه وسلم- من هو في مثل حالتك، فقد شُكي إليه: الرجل يتوهم أنه قد خرج منه شيء، فقال لهم -عليه الصلاة والسلام- : (لا ينصرف) أي لا يخرج من صلاته فيحكم فساد طهارته (لا ينصرف حتى يسمع صوتًا أو يجد ريحًا) أي حتى يتيقن يقينًا جازمًا أنه قد خرج منه شيءٌ.

وهذا اليقين الجازم وضع له بعض العلماء ضابطًا وهو أن تستطيع أن تحلف عليه، فإذا حصل لك هذا اليقين بأنه قد خرج منك شيء بحيث تستطيعين أن تحلفي بالله تعالى على أنه قد خرج شيء، فهذا يقين، وإلا فأنت لا تزالين في شك من انتقاض الطهارة، وإذا كنت في شك فلا تلتفتي إلى هذا الشك، فالأصل بقاء الطهارة وعدم ذهابها.

ونحن نصيحتنا لك أن تمضي في هذا الطريق الذي شرعه الله تعالى، وأن تتجنبي سبيل الشيطان، فإنه يريد بمكره وخبثه أن يُخرجك من دائرة اليسر والسهولة إلى التشديد على النفس والتضييق عليها حتى تكرهي العبادة وتنفري عنها، وهذا ما قد ظهر منك، فاتقي الله تعالى أيتها البنت العزيزة، وتعبّدي لله تعالى بما شرعه الله، وكوني على ثقة بأن هذا الذي شرعه الله هو الذي يحبه ويرضاه ويثيبك عليه، فإذا شككت أن الطهارة قد زالت فلا تلتفتي لهذا الشك، وصلي، وإذا جاءك الشيطان يريد أن يُخبرك بأن هذه الصلاة لا تُقبل فادفعي في صدره، واستعيذي بالله تعالى منه، فهذا هو علاج الوساوس، والشكوك كما أرشد إلى ذلك النبي -صلى الله عليه وسلم- بقوله لمن أُصيب بشيء من الوساوس، قال: (فليستعذ بالله ولينته) وإذا فعلت ذلك فإنك تسيرين في الطريق الذي يريده الله -عز وجل- منك.

وأنت مأجورة على مجاهدة هذه الوساوس، ولا علاج لها مثل ما قرره الفقهاء من الإعراض عنها بالكلية، وكوني على ثقة بأنك كلما سرت معها قليلاً كلما جرك الشيطان إلى عناء أشد، ومشقة أعظم حتى تتركي العبادات بالكلية، هذا عن أمر الوساوس.

أما ما ذكرت من أنه ينزل منك إفرازات أو مذي، فالمذي له علامة ظاهرة -أيتها البنت الكريمة- وهو أنه يخرج عند ثوران الشهوة فيخرج عند حصول شهوة، وإن كان لا يشعر الإنسان بخروجه، لكنه يخرج مع وجود الشهوة، وأنت إذا شككت هل هو مذي أو من الإفرازات الطبيعية، فيكفيك أن تعتبريها إفرازًا طبيعيًا، وهي طاهرة لا يلزمك أن تغسلي منها ثيابك ولا بدنك، لكن إذا خرجت يجب عليك أن تتوضئي، لأنها من نواقض الوضوء كما يُقرره علماء المسلمين، ومنهم فقهاء المذاهب الأربعة، وإذا كان مستمرًا معك طوال الوقت فلا ينقطع عنك في وقت الصلاة زمنًا يكفيك أن تتوضئي وتصلي ففي هذه الحالة أنت مثل المستحاضة التي أرشدها النبي -عليه الصلاة والسلام- إلى أن تتوضأ بعد دخول وقت الصلاة، فإذا دخل الوقت فتوضئي وصلي بهذا الوضوء ما شئتِ من الصلوات، فإذا دخل وقت الصلاة الأخرى فتوضئي لها ثانية، وهكذا.

نسأل الله لك الشفاء والعافية.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً