الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

صعوبة في النطق أتعبتني في حياتي كثيراً

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أعاني من صعوبة في النطق أتعبتني كثيراً في حياتي الدراسية أكثر من حياتي اليومية في الخارج، مشكلتي هي الانطلاقة، أول حرف من الكلمة هي المشكلة لديّ، وتأتيني تأتأة، وتزيد بشكل غريب عندما يطلب مني المدرس أن أقرأ سؤالا أو أجيب على سؤال، فما يكون مني إلا أن أتظاهر بأني لا أعرف الإجابة، وهذا يؤلمني كثيراً، ولكن -الحمد لله-على كل حال، مع العلم أن دراستي كلها بالإنجليزية!

وهنا جزئية أحب أضيفها، أن أصدقائي سواء خارج الفصل أو داخل الفصل لم يلاحظوا صعوبة النطق، حتى المقربين منهم؛ لأني خارج الدراسة حالتي طبيعية جدا، يوجد صعوبة وتأتأة لكني أتحكم فيها.

حاليا صار لي أدرس 7 شهور، واختبرت اختبارات أتعبتني وتقلقني كثيرا، ولا أحد لاحظ هذا الشيء حتى الآن، وهذا دليل أن حالتي بسيطة -الحمد لله- وخلال الأسبوعين هذه أحس حالتي ازدادت، لا أقدر أن أتكلم بكلمة أو أشارك مع المدرس؛ لأن مشكلتي بالانطلاقة أول حرف.

أرجوك -يا دكتور-ما الحل؟ وما هي الطرق التي أقدر أستخدمها للتخلص من هذه المشكلة؟

وأخيراً: أختم كلامي بأن الله إذا أحب عبدا ابتلاه ليختبر صبره وإيمانه.

فيا رب لك الحمد على كل حال.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

نعم، أودك أن تفهم أن هذه التأتأة هي ابتلاء بسيط جدًّا، ونبي الله موسى دعا الله تعالى أن يحل عقدة من لسانه، فأرجو أن يكون في ذلك قدوة حسنة لك.

التأتأة ليست منقصة للإنسان أبدًا، والذين يعانون من التأتأة دائمًا تجد لديهم شيئاً من ضعف في تقدير الذات، ونحن نقول لهم لا، أنتم لستم تحت أي نوع من المراقبة، الناس تُقدِّر أحوالكم، والتأتأة معروفة كظاهرة، وليس الناس كلهم جميعًا يتمتعون بطلاقة اللسان.

الأمر الآخر والمهم في نظري أن نوعية التأتأة التي تعاني منها هي تأتأة بسيطة جدًّا، وهي تأتأة ظرفية، بمعنى أنك في أوضاع المواجهة ذات الطابع الرسمي نسبيًا مثلاً أمام المعلمين وأمام زملائك داخل الفصل ربما تأتيك هذه التأتأة في بداية الكلام أول حرف من الكلمة –كما ذكرت ذلك– وهذا مرتبط بالقلق النفسي، والقلق النفسي الذي يأتيك هو قلق إيجابي؛ لأن الإنسان الذي لا يقلق لا يُبدع، لا يكون فعّالاً، والذي يحدث أن الجسم يحاول أن يفرز بعض المواد التي تحفزه، هنالك مادة تعرف بالأدرينالين هي التي تحفزنا من أجل أن نقلق، من أجل أن نكون يقظين، من أجل أن نركز، من أجل أن تكون لنا دافعية.

فليس الأمر كله سيء، وأرجو أن تتفهم هذه النقاط العلمية؛ لأنها سوف تفيدك كثيرًا.

ثانيًا: أنت مطالب أن تحقر هذه المواقف الاجتماعية التي تتطلب المواجهة، لا تحقر ذاتها فهي مهمّة، لكن حقر الخوف الذي يكون معها، كل الذي يطمئنك هو أن تكون في وضع تحترم فيه الآخرين وتُشعرهم بأن لديك رغبة في الأداء الحسن، وهذا يحفزك - إن شاء الله تعالى – ويشجعك.

ثالثًا: دائمًا قل (أسأل الله تعالى أن ييسر أمري) في بداية الأمر، وقل (بسم الله الرحمن الرحيم) وخذ نفسًا عميقًا في بداية الكلام.

رابعًا: اصرف انتباهك وأنت تتكلم أمام الآخرين، فكّر في أمر آخر في بداية الكلام، مثلاً فكر في أنك بعد أن تنتهي من هذا الدرس سوف تذهب وتجلس مع زملائك وتتناول كوبا من القهوة، وبعد ذلك ابدأ الكلام، هذا نوع من صرف الانتباه الجيد جدًّا.

خامسًا: أرجو أن تحدد الحروف التي تواجهك صعوبة في نطقها، وقم بكتابة كلمات تبدأ بهذه الحروف، وكرر هذه الكلمات، وأثناء تكرارها قم بتسجيل ما تكرره ثم استمع إليه، وبعد ذلك قم بإدخال هذه الكلمات في جُمل، وسجّل ذلك وقم بالاستماع إليه، هذا تمرين جيد جدًّا.

سادسًا: أرجو أن تقرأ القرآن الكريم بترتيل وتؤدة وبصوت عالٍ.

سابعًا: يجب أن تتدرب على تمارين الاسترخاء، وهي تمارين مفيدة جدًّا، وسوف يقوم الأخوة في إسلام ويب بتوجيهك إلى بعض الاستشارات التي بها كيفية القيام بهذه التمارين.

ثامنًا: عليك بعدم التجنب، التجنب يزيد كثيرًا من المخاوف، والمواجهة يمكن أن تكون في الخيال أولاً، مثلاً تخيل أنك أمام جمع كبير جدًّا من المعلمين أو الطلاب والآباء، وطُلب منك أن تقوم بتقديم كلمة ترحيب بالضيوف. تصور أنك في رحلة مع زملائك في الكشّافة، وأعطيت قيادة أحد المجموعات لتوجيهها وإصدار التوجيهات والتعليمات لها، تصور نفسك أنك في المسجد ورأيت أن تقرأ حديثًا بعد صلاة العصر مثلاً على المصلين... وهكذا.

إذن عرض نفسك لهذا النوع من الخيال، وعليك بالتطبيق، ولا تتجنب أبدًا.

هنالك أدوية نفسية فاعلة ممتازة، أسأل الله تعالى أن ينفعك بها، ومن أفضل الأدوية التي تفيد في هذه الحالات عقار يعرف تجاريًا باسم (إندرال) ليس هنالك ما يمنع من تناوله بجرعة عشرة مليجرام يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، وحين يكون لك مواجهة أمام المعلمين وغيرهم فيمكن أن تزيد الجرعة وتجعلها عشرين مليجرامًا، وذلك ساعتين قبل لقائك مع المعلمين أو غيرهم عندما تقدم شرحًا أو عرضًا.

أيضًا عليك بالانخراط في الأنشطة الاجتماعية، وعليك بصلاة الجماعة في الصف الأول، والانخراط في المجموعات الثقافية والاجتماعية والخيرية بالمدرسة.

ونصيحتي الأخيرة لك: لا تراقب نفسك ولا أداءك أبدًا، كن عفويًا وتلقائيًا ولا تلقي بالاً لأي شيء، وانظر في وجه من تتكلم معه أو إليه، وتعلم كيف يقوم الخطباء والمحاضرين والعلماء بإلقاء الخطب والدروس.

وحول تمارين الاسترخاء يرجى الاطلاع على (2136015).
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • المغرب محسن الزون

    جزاك الله خيرا (الأخ الفاضل)
    محمد حفضه الله

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً