الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

زوجي يهدنني بتعليق طلاقي بعد أن سرق ذهبي، فماذا أعمل؟

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم

رجائي الخاص أن تساعدوني، لقد تزوجت قبل خمسة أشهر، والان أصبحت مطلقة بطلقة أولى، وطلاق تعسفي بدون أي سبب شرعي، وقام الذي كان زوجي بسرقة الذهب بعد شهر من زواجي، والآن هو يهدد بأنه سوف يتزوج عليّ ويبقيني معلقة طوال حياتي، كي أبدأ بتقبيل يديه لتطليقي، وكان لا يقيم حدود الله الشرعية معي، واكتشفت خيانته بعد طلاقي.

كما أن عليه قضايا كثيرة أثناء الزواج، وكان جميع ما كلفه العرس ليس من ماله كما كان يقول، بأنه قد جمع مالاً قديماً، إنما كان مال أستاذه الذي تدرب عنده، كم كان ممثلا رائعاً في تقديم حبه واهتمامه، ولكن ما علي أن أفعل؟ ولم يعطني جميع أغراضي، وقام بتغيير قفل الباب، حيث لا أستطيع الدخول، علماً أنه طلقني طلاقا تعسفيا وأنا موجودة بعملي دون علمي، ولم يكن بيننا أي خلاف، حتى حين سرق ذهبي صبرت، ووعدني بأنه سيرجعه لي، فما علي أن أفعل؟

أرجوكم ساعدوني، وما حكم الشرع في إرادته أن يعلقني طوال حياتي؟ فأنا لا أريد الرجوع، ولا أريد أن أخسر مهري وذهبي وأغراضي والمؤجل، أرجوكم ساعدوني، وعلماً أيضاً أنه طلب الصلح بيننا، وذهب للمحكمة بأن أرجع إليه بشرط إعطائي مهري، إلا أنه لم يحضر.
وشكراً لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ فاطمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمرحبًا بك أختنا الكريمة في استشارات إسلام ويب. نسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يعوضك عن كل مصيبة أصبت بها.

ونحن -أيتها الأخت الكريمة- من الناحية القانونية لا نستطيع أن نفيدك فائدة يمكن أن تعتمدي عليها، وإنما ما نستطيع أن نقوله لك أن هذا الزوج إذا كان قد طلقك ولم يراجعك بعد هذا الطلاق حتى انتهت عدتك، فلا يحل له مراجعتك بعد ذلك إلا بعقد جديد برضاك، ومن ثم فاحرصي على إثبات هذا الطلاق، فإن لم يكن قد طلقك بحضرة آخرين يشهدون عليه بهذا الطلاق، فحاولي أن تستخرجي منه اعترافًاً أمام من يشهد على هذا الإقرار، وهذا الاعتراف لتستفيدي منه بعد ذلك في إثباته أمام القاضي.

أما إذا كان قد راجعك بعد هذا الطلاق في العدة فأنت لا تزالين زوجة له، ولكن هذا لا يعني أنه يمكّن في تضييع حقوقك أو أخذ مالك بغير حق، فإن هذا لا يجوز له شرعًا، ولكننا لا نستطيع أيضًا إفادتك في كيفية التخلص من هذا الزوج إذا كان بهذا القدر من السوء والإضرار بك؛ بحيث هجرك عند أهلك ويمتنع من الإنفاق عليك ونحو ذلك، فهذا ضرر ظاهر، ومن حقك أن ترفعي أمره إلى القاضي الشرعي ليأمره بالوفاء بما عليه من الحقوق، أو يأمره بالطلاق.

ولذا فنصيحتنا لك إذا عجزت عن إصلاح الحال بينك وبين زوجك إذا كان قد راجعك بعد الطلاق – على ما بيّنّا – فنصيحتنا لك أن تعرضي أمرك على أحد المحامين الثقات في بلدك ليرشدك ويدلك على ما ينبغي أن تفعليه لإثبات حقوقك حتى ينفعك ذلك في المرافعة لدى المحكمة الشرعية.

ولا ننسى - أيتها الكريمة - أن نذكرك بحديث أم سلمة -رضي الله تعالى عنها- فيما يفعله الإنسان عندما يصاب بمصيبة ما، فإن أم سلمة مات زوجها أبو سلمة – رضي الله تعالى عنه – وكانت تحبه حُبًّا عظيمًا، وتظنّ بأنه من خير الناس، وأنها لن تُرزق زوجًا أحسن منه، فلما مات أبو سلمة قالت: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (ما من مسلم تصيبه مصيبة فيقول ما أمره الله تعالى: إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم اجرني في مصيبتي وأخلف لي خيرًا منها، إلا أخلف الله له خيرًا منها).

قالت: فلما مات أبو سلمة قلتُ: أي المسلمين خير من أبي سلمة؟ أول بيت هاجر إلى رسول الله - يعني هي تسأل نفسها وتقول: ليس ثم شخص خير من أبي سلمة، فهو من وائل المهاجرين – قالت: ثم قلتها – يعني قالت هذه الكلمات: إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم اجرني في مصيبتي وأخلف لي خيرًا منها – قالت: فأخلف الله لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، يعني تزوجها بعد ذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وما كانت تظن أبدًا بأن الله سيُخلف عليها بخير من أبي سلمة، لكن الله عز وجل أخلف لها بخير من أبي سلمة وهو رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

فنصيحتنا لك أن تُحسني ظنك بالله تعالى، وتثقي به وتتوكلي عليه وتحسني علاقتك به، وتكثري من الدعاء بهذا الدعاء (اللهم اجرني في مصيبتي وأخلف لي خيرًا منها) وكوني على ثقة بأن الله عز وجل سيجعل لك من كل أمر عسير يسرًا، وسيفرج عنك كل كرب.

نسأل الله تعالى أن ييسر لك كل عسير، وأن يقدر لك الخير حيث كان.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً