الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تطور الوسواس عندي لمرض جديد؛ فما العلاج؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

عمري 22 سنة، ولن أخجل في سرد الموضوع ولن أتردد في كتابة كل كلامي لكم.

أعاني من مرض الوسواس العقلي منذ صغري، ولم أعرف أنه وسواس إلا عندما عزمت أن أذهب قبل سنتين لمختص نفسي، وكتب لي الاختصاصي دواء حبوب الانفرنيل 25 ثلاث حبات يومياً، لأنه قال حالتي صعبة: قلت له إني من الصف السادس كنت إذا رأيت حجراً في الشارع مقلوب كنت أزيحه فأرتاح! وأذهب عند أقربائي، وكنت أخاف من أن يكون واحد يضع لي في الغداء أو العشاء سماً أو منوماً!

كنت أشك أن هذا يتكلم عني سوءاً ويشتمني أو يسيء.. الخ، كنت أستحم وأعيد استحمامي أكثر فأرتاح، وكنت لا أعرف أن كل هذه أفكار زائدة قهرية، تدور بداخلي.

أقول لكم إني تعالجت، والآن بحالة شبه ممتازة، ولكن اعذروني، وأرجو أن تصبروا على ما أقول الآن، لأني بجد لم أعد أستحمل أو أصبر، والله مع الصابرين، من قبل 3 سنين لأني تأخرت بعد ما عرفت أنه وسواس، وذهبت للاختصاصي بعد مدة طويلة تطورت حالتي، يعني: الآن أحكي لكم كل الذي بصير معي إلى اللحظة.

أتكلم بارتباك مع الآخرين، حتى إني أشك في أكتر من واحد حكى لي من أقربائي مالك كأنه أنا خائف أو أن جهازي العصبي تلف، لأني أعمل حركات جنسية، لا إرادية، يعني في الجامعة في العمل، مع أصحابي، أقربائي جيراني، ممكن أضحك، أو كأن شيئاً يرتبك وجهي أمامه، وحركاتي شاذة يلاحظها الآخرون!

أرجوكم صدقوني، ولا تقولوا وسواس، أنا حتى الآن لا أعرف ما هذا المرض؟! انفجر مخي وعقلي، لا أعرف لماذا؟! ولما أحد يحكي كلمة دنيئة أو كلاماً يغضبني وأرتبك أمامه غصباً عني، فوالله إن هذا الكلام متأكد أنه تطور معي، ووصلت إلى ما أنا فيه.

خلاصة القول أنا غير خائف ولا مرتبك، وأنا تعالجت من الوسواس، والاختصاصي بقول لي لا أفهم الكلام والحركات والأفعال الشاذة، يعني ممكن في أي لحظة يأتيني شيء وأعصابي ترتبك وتنهار، والله تعبت، ولعلمكم أنا أعرف أن هذه الحركات والأفعال العصبية وملامح وجهي وأعصابي تصدر مني أمام الآخرين.

لما تجيء أي لحظة لعقلي أن الفكرة تتحكم بي تتحول إلى أن الناس يلاقوني غير طبيعي، وحكى لي أهلي وأصدقائي وسألوني وقلت لهم لا إرادياً، والله إني ما أعرف كيف أعمل؟! يا رب ألاقي عندكم العلاج الأكيد والقوي، والجواب النهائي، لأنه بجد تعبت، والله المستعان.

علماً أنه إلى الآن أخذت ما يقارب 2500 حبة انفرنيل بحساب 3 يومياً ولكنه حل موضوعي وسواسي بقيمة 90 بامتياز أما الآن فأنا في عذاب.

شكراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

أود أن أطمئنك أيها الفاضل الكريم أننا قد اطلعنا على رسالتك بكل تفاصيلها، والذي أستطيع أستنبطه وأستنتجه أنك بالفعل قد عانيت من وساوس نفسية كان محتواها فكرياً، وبعد ذلك ظهرت لديك هذه الحركات الغير طبيعية، أعتقد أنها نوع من التطبع الوسواسي الطقوسي، وهذه حركات وسواسية ويعرف أن الوساوس لديه المكون العملي أو الفعلي أو الطقوسي، وهذا نشاهده في بعض الأحيان.

في ذات الوقت ربما تكون نسبة لارتفاع درجة الشكوك لديك وظهور هذه التصرفات الغير سوية – كما وصفتها – ربما تكون دليلاً لا أقول على حالة ذهانية ولكن ما نسميه بالشبه الذهان، وهذه حالات أيضًا قد ترتبط بالوسواس القهري في بعض الأحيان.

حالتك يمكن أن تعالج وتعالج بصورة ممتازة جدًّا، العلاج الدوائي مهم، الأنفرانيل دواء ممتاز، وإن أردت أن تستبدله بعد مشاورة الطبيب فهنالك دواء يعرف تجاريًا باسم (بروزاك) واسمه العلمي هو (فلوكستين) ربما يكون أفضل بالنسبة لك، والجرعة المطلوبة هي كبسولة واحدة في اليوم – أي عشرين مليجرامًا – تناولها بانتظام بعد الأكل، وبعد شهر اجعلها كبسولتين في اليوم، استمر عليها لمدة ثلاثة أشهر، ثم بعد ذلك خفضها إلى كبسولة واحدة في اليوم واستمر عليها لمدة عام، بعد ذلك ربما لا تحتاج لتناول الدواء.

بجانب البروزاك أنت محتاج لدواء آخر يعرف باسم (رزبريادون) والجرعة المطلوبة في حالتك هي جرعة صغيرة جدًّا، هذا الدواء يتم تناوله بجرعة واحد مليجراما ليلاً لمدة ستة أشهر.

لا أريدك أن تقوم بتغيير الدواء قبل أن تتواصل مع طبيبك، ويمكن أن تعرض عليه ما عرضناه لك من أفكار، وإن شاء الله تعالى يستأنس الطبيب برأينا، وبعد ذلك يستطيع أن يتخذ القرار المناسب، نحن هنا ننطلق من منطلق التعاون على البر، فحين نقول رأياً لأحد زملائنا الأطباء هذا ليس إصرارًا على أن رأينا هو الصحيح، لكن من قبيل المشاورة والتناصح، ويعرف تمامًا أن الطب المتقدم هو طب مجموعات وليس أفرادًا.

عمومًا أنا أأمل كثيرًا أن حالتك سوف تتعالج، وتناول الدواء بعد موافقة الطبيب، وبالنسبة للأنفرانيل يمكن أن تتوقف عنه بالتدرج، هذه الحركات أيضًا لا بد أن تحاول أن تنقلها تحت إرادتك، والدواء سوف يساعدك كثيرًا، والإنسان حين ينقل الأمر ليكون تحت إرادته لا شك أنه يستطيع أن يتوقف عنه كاملاً.

أريدك أيضًا أن تصرف انتباهك عن هذه الحركات وهذه الوساوس وذلك من خلال الاجتهاد في دراستك، والتواصل الاجتماعي، والانخراط في العمل التطوعي والخيري، الرياضة نحن دائمًا نركز عليها بكثرة، لأنها مفيدة ومفيدة جدًّا.

عليك أيضًا بالاطلاع، والحرص على الصلاة في جماعة، الانضمام لحلقات تلاوة القرآن، فهنالك أشياء كثيرة جدًّا يمكن للإنسان أن يقوم به وتصرف انتباهه تمامًا عن الوساوس وغيرها.

شارك أيضًا في شؤون أسرتك، بر الوالدين مطلوب ومطلوب دائمًا، وهو أحد الدعامات الرئيسية التي تعزز ثقة الإنسان بنفسه وتبني شخصيته، وتساعده -إن شاء الله- في التخلص من القلق والوساوس، حيث إن الوساوس في الأصل هو نوع من القلق في جُلها.

لا تتعب أبدًا، ليس هنالك ما يدعوك للتعب، حالتك يمكن أن تعالج، ولا بد أن نعترف أن الوساوس القهرية ربما تأخذ وقتًا، أي أنها مزمنة بعض الشيء، لكن يعرف أنها تزول بمرور الأيام وتطور العمر، والإنسان يستطيع أن يتواءم معها ويستطيع أن يعرف كيفية التخلص منها.

أنت أوصلتَ المعلومة تمامًا، ونسأل الله تعالى أن نكون نحن أيضًا معلوماتنا سهلة وتصل إليك، ونشكرك كثيرًا على تواصلك مع إسلام ويب، وعلى ثقتك في هذا الموقع.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً