الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أصبحت لا أستطيع التفكير بعد أن كنت متفوقة، فما السبب؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

جزاكم الله خيراً على هذا الموقع الجميل، وأسأل الله أن يبارك فيكم، أنا -الحمد لله- منذ الطفولة كنت متفوقة، وكنت أحرز أعلى الدرجات في الامتحانات، خاصة في مادة الرياضيات، وقد وفقني الله وتخرجت من أعلى كليات الطب في وطني، مشكلتي بدأت بعد الثانوية العامة، بصراحة بدأت أشعر بأنني غبية جداً، ولا أفهم بسهولة، مثلاً الأشياء التي كنت أقوم بشرحها قبل مدة قصيرة لصديقاتي من مسائل رياضيات وغيرها، أصبحت لا أفهمها، ولو حاولت لا أستطيع، لدرجة أن صديقاتي الأصغر مني سناً عندما يأتين لكي أشرح له يندهشن، ويعتقدن أنني لا أريد أن أشرح لهن، والله وحده يعلم بمشكلتي، حتى الألعاب لا أستطيع فهمها.

حاولت أن أعمل تحاليل لنقص هرمون الغدة الدرقية، بالرغم من أني ليس لدي أعراضها الأخرى، لكن لم يوفقني الله.

أنا -الحمد لله- أحفظ القرآن كاملاً، وأرتدي الحجاب، لدي فقر دم مزمن (ليس لدي مرض جيني دموي والحمد لله) أعتقد أنه نقص في الحديد، لكني لم آخذ الدواء لأني لا أحبه.

أرجو أن تفيدوني في مشكلتي؛ لأني محتارة في نفسي، جميع من حولي يقول أنني متفوقة وذكية، وأنا لا أرى ذلك، فهل يمكن أن تكون مشكلتي من نقص في الفيتامينات أو المعادن؟ وأحياناً أقول لنفسي يمكن أن تكون الذنوب هي السبب؟ مع أني أجتهد لكي أرضي ربي، لكن لا أدري!

عذراً على الإطالة، وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ منة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فنسأل الله تعالى أن ينير طريقك، وأن يجعل القرآن العظيم سندًا لك في حياتك وفي آخرتك، وكم سعدتُ حقيقة أن أعرف أن طبيبة تحفظ كتاب الله تعالى، وهذا ليس بالغريب، وهذا يدل أن هذه الأمة بخير، وسوف تظل على خير.

أيتها الفاضلة الكريمة: الذي استوقفني أنك تعانين من فقر الدم المزمن وأنت طبيبة! هذا الأمر حقيقة يجب أن يعالج، وأنت مدركة تمامًا للمشاكل التي قد تأتي من الأنيميا (ضعف الدم)، فالأنيميا لا تؤثر فقط على الإنسان من الناحية العضوية، لكنها حتى من الناحية النفسية، تؤدي إلى الشعور بالإحباط، وافتقاد الطاقات النفسية الإيجابية، وذلك بجانب كل المشاكل العضوية التي قد تتأتى عنها، حقيقة أنا لفت نظري هذا الأمر، وأعتقد أن البداية لعلاج حالتك يجب أن تنطلق من الجانب العضوي، فأرجو أن تقومي بإجراء الفحوصات الطبية الأساسية، وأنت مدركة لها تمامًا، لابد أن يُحدد نوع هذه الأنيميا وسببها، هل هي ناتجة من نقص الحديد أم لا؟

بالنسبة لفحص هرمون الغدة الدرقية: هذا فحص بسيط جدًّا، ولابد أن تقومي بعمل بروفايل Profile كامل، وتتأكدي من صحتك العضوية، فالعقل والجسد والنفس متداخلة جدًّا. هذا من ناحية.

من ناحية أخرى: الجوانب النفسية التي لديك بسيطة، أنت صاحبة مقدرات، وتخرجت من أعلى كليات الطب، وهذا دليل واضح على مقدراتك، بعد ذلك كل الذي حدث لك هو نوع من عدم القدرة على التواؤم، وأعتقد أيضًا أن تقديرك لذاتك فيه شيء من السلبية، لابد أن تعيدي النظر في تقييمك لنفسك، كوني منصفة وموضوعية، انظري إلى الجوانب الإيجابية، اسعي لتدعيمها وتطويرها، وفي ذات الوقت سوف تحسين أن السلبيات قد اضمحلت وزالت.

يجب أن تؤكدي ذاتك من خلال التفقد والتمعن في مقدراتك، وهذا مهم جدًّا. أنت متفوقة هذه حقيقة لا يستطيع أحدًا أن ينكرها، وأنت يجب أن تكوني أول من يعترف بها ويستدركها، لأن ذلك يمثل الدافع الإيجابي الذي من خلاله سوف تحسين بالرضى عن نفسك وعن أدائك.

أنا أعتقد أن الحساسية الموجودة في شخصيتك والطابع السلبي في التفكير ربما كون شيئًا من الوسواس البسيط هو الذي جعلك لا تقدري مقدراتك، وحتى قولك لنفسك أن الذي وقع عليك يمكن أن يكون من الذنوب، أعتقد أن هذا جانب وسواسي لدرجة كبيرة، من الجميل أن يتفكر المرء في أعماله وأن يكون حريصًا ألا يقترف الذنوب، لكن أعتقد أن منهجيتك في التفكير هي منهجية وسواسية سلبية في الأصل، لذا جعلك تفكرين على هذا النسق.

إذن خلاصة الأمر: لا أعتقد أنه لديك علة نفسية رئيسية، لابد أن تهتمي بصحتك الجسدية، وتقومي بإجراء الفحوصات اللازمة وتناول العلاج المطلوب، إن كان هناك نقص للفيتامينات لابد أن يعوض، إن كان هناك نقص في المعادن لابد أن يعوض أيضًا، وموضوع الأنيميا لابد أن يُحسم.

التفكير الإيجابي وسيلة علاجية ممتازة، تطوير الذات من خلال التدبر والتمعن والتفكر فيما قمت به من إنجاز.

أخيرًا: لابد أن تحكمي على نفسك بأفعالك وليس بمشاعرك، هذا حقيقة مهمة من أجل تطوير الذات، وأنا حقيقة أدعوك لوضع رؤية مستقبلية واضحة، أنت الآن بالطبع مُقْدمة على فترة الامتياز ومن ثم التفكير في التخصص، وهذا في حد ذاته يجعل لحياتك هدفًا يصرف انتباهك تمامًا عن التفكير السلبي القلقي الوسواسي الذي تعانين منه.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • الأردن جميل

    ما شاء الله الرد على الموضوع رااائع كنت اعاني من مشكله مشابهه جدا عسى الله ان يشفيني واياها ويكتب لنا التوفيق في الدراسه ادعو لي انا طالبة ثانوية عامه

  • الجزائر خ-ه

    شكرا

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً