الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

خطبت فتاة أحبها ولكن حدثت بيننا مشكلة وافترقنا، فهل يمكن أن أرجع لها؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا شاب أحب فتاة، وتكلمت مع أهلها بعد أن تأكدت من مسألة القبول، وفجأة حصلت مشكلة بيننا وانتهت بالرفض القاطع، وكنت أدعو الله وأتضرع له ليل نهار، حتى يجمع بيننا على خير، فهل أستمر بالدعاء بعد ما حصل؟ وهل هناك أمل أن تصلح الأمور بيننا، ونعود لبعضنا أم أنه القدر، ولا راد له؛ وأن أسلم به؟

علماً بأني متأثر نفسياً جداً جداً، وانتابني شعور أن الله لن يستجيب لي! وتأكد لي بعد ما حصل، فهل هناك أمل وأستمر بالدعاء، لعل الله يرجع الأمور ويغير ما في القلوب؟ علماً بأني مظلوم جداً بشهادة الجميع!!

أرجو الرد لأني في وضع سيء.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ هشام الحسيني حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحابته ومن والاه.
نرحب بابننا الكريم، ونسأل الله أن يقدر له الخير ثم يرضيه به، ونريد أن نقول لابننا الكريم: إن ما حصل فعلاً قدرٌ من الله، ولكن أقدار الله تعالج وترد بأقدار الله، كما قال ابن القيم: (الفقيه هو الذي يرد أقدار الله بأقدار الله).

إذا كان ما حصل بقدر الله فإن الدعاء أيضًا يرد القضاء، والدعاء والقضاء يعتلجان بين السماء والأرض، فعليك أن تستمر في الدعاء واللجوء إلى الله تبارك وتعالى، واحرص على أن تكرر هذا اللجوء، واعلم أن قلوب العباد – الزوجة- وأهل الزوجة، والمخطوبة وأهل المخطوبة – قلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها سبحانه وتعالى، فالإنسان لا ييأس لأنه يلجأ إلى الله تبارك وتعالى الذي بيده مقاليد كل شيء، يلجأ إلى من بيده ملكوت السموات والأرض سبحانه، يلجأ إلى مصرف الأمور الذي يدبر الأمور ويدبر هذا الكون، ولن يحدث في كون الله إلا ما أراده الله تبارك وتعالى.

لا شك أن التوترات بين أهل الخاطب وأهل المخطوبة من الأمور المعتادة، وفي النهاية يكون الضحية فيها هو الشاب والفتاة، فإذا كنت تشعر أنهم يعقّدون في أمر أو في جانب معين فعليك أن تبحث عن أسباب هذا التوتر، ولماذا كانت ردة الفعل عنيفة؟ ومن هم العناصر الذين يشوشون على الاستمرار أو العودة إلى الطريق الذي كنت عليه؟

معرفتك لهذه التفاصيل ولهذه الأشياء، ومعرفتك لأسباب ما حصل على الأقل حسبما فهم أهل المخطوبة، فإن هذا مما يساعد على الوصول إلى الحلول الصحيحة، فإنه إذا عرف السبب بطل العجب، وسهل علينا بحول الله وقوته إصلاح الخلل والعطب.

طبعًا لستَ أول خاطب يختلف مع خطيبته وليست أول أسرة خاطب ومخطوبة يختلفون فيما بينهم، ولكن هذه الأمور المهم فيها الإصرار والاستمرار، فإذا كنت تميل إلى الفتاة وأيضًا الفتاة لا تزال تميل إليك، وإذا كانت ليست طرفًا في هذا النزاع الذي حصل فإنا ندعوك إلى أن تواصل في الدعاء، ثم ندعوك إلى أن تبحث عن الوساطات أصحاب الوجاهات، ثم عليك أن تكرر المحاولات، ثم عليك أن توصل مشاعرك النبيلة للعقلاء من أهل الفتاة من أصحاب القرار، لأن هؤلاء لهم تأثير على الفتاة وعلى أهلها.

كثير من الأسر بعد أن يحصل هذا الشجار يعودون إلى أنفسهم ويندمون لأنهم يدركون أن الضحية هي البنت؛ وأنهم ألحقوا الضرر بفتاتهم، فعند ذلك ستكون الفرصة مواتية من أجل أن تعاود الكرة، ومن أجل أن تبين لهم أنك لا زلت تحرص على ودهم رغم المشاكل، ومصرًّا على الارتباط بتلك الفتاة، ونتمنى أن تجد في أهلك من العقلاء وفي أهل الفتاة من الفضلاء العقلاء كذلك من يستطع أو يعاونكم على رد الأمور إلى صوابها ونصابها.

هذا ما نرجوه ونتمناه، ولكن إذا لم يحصل هذا وتعقدت المسائل - لا قدر الله - وثبت عندك أن الفتاة مع أهلها وأنها أصبحت لا تفكر فيك؛ فعند ذلك نحن ندعوك ونقول النساء غيرها كثير، بل ربما كان في الذي حصل خير لك، لأنك اكتشفت الكثير من الأخطاء والكثير من الصعوبة، والفجور في الخصومة التي عند أهل الفتاة.

وهذا قد يشوش عليك وعليها في المستقبل، والإنسان لا يدري أين يكون الخير، الخير أحيانًا يأتي في صورة الشر، لكن الإنسان إذا استخار وتوكل على الله وبذل الأسباب فإن عليه بعد ذلك أن يرضى بقضاء الله تبارك وتعالى وقدره، واعلم أن النساء غيرها كثير، والإنسان سيجد في النساء من تروق له ومن يميل إليها كذلك إذا تعثر الاستمرار أو تعثرت العودة للمخطوبة الأولى لأي سبب من الأسباب.

مع ذلك فإنا نكرر مرة ثانية: هناك فرق كبير بين مخطوبة تقف مع أهلها وتؤيدهم وتصدق كلامهم فتبدأ في النفور من خطيبها ومن زوجها، هذه ينبغي أن يتركها الخطيب جملة وتفصيلاً، وأما التي تميل إلى خطيبها وتشعر أنها مظلومة وأن الذي خطبها أيضًا مظلوم، وأنهم ضحية لهذا التوتر الذي حصل بين أهله وأهلها، فإن مثل هذه الفتاة تستحق الوفاء وتستحق الصبر، وتستحق أن يحتمل الإنسان في سبيلها، لأنها أيضًا ضعيفة تحتاج إلى من ينصرها وتحتاج إلى من يؤيدها، وأهل الفتاة سيتراجعون إذا علموا إصرار الشاب وإصرار الفتاة على العودة لبعضهم، لأنهم في النهاية سوف ينصاعون لما هو حق وصواب.

لا ينبغي للإنسان أن يدخل بين فتاة اختارت خطيبها أو شاب اختار خطيبته، واختارها لدينها وأخلاقها واختارته لدينه وخلقه، لأن الشريعة جعلت هذا الحق بيد الفتى والفتاة، لا قول فيه لوالد ولا لوالدة، ولا كبير ولا صغير، المرأة ينبغي أن تُنكح برضاها وبإذنها وميلها، وليس للأسرة أن تتدخل، الأولياء ليس لهم أن يتدخلوا إلا إذا كان هناك خلل في الدين، إلا إذا كان هناك خلل في الدين، أكرر (في الدين).

أما أن يرفضوا إتمام الزواج لأنه حصل خلاف عادي أو لأنهم غضبوا من خال الفتى أو عم الفتى أو والد الفتى أو أم الشاب أيضًا، فإنهم ليس لهم علاقة، الشاب هو الذي سيتزوج الفتاة، وكذلك العكس، ليس له أن يتركها لأنه لم يرتح لأخيها أو لم يرتح لعمها أو لخالها، فإننا قد لا نجد فتاة تكون هي فاضلة وأهلها كأنهم صحابة أبرار جميعًا ليس فيهم خلل ولا نقص، فالإنسان لا ينبغي أن يطلب المحال، والعبرة كما قلنا في رأي الفتاة وفي العلاقة التي بينك وبين المخطوبة.

المهم هو أن تكون على دين وخير، عند ذلك ينبغي أن تحاول وتحاول، واعلم أنه لا بد لمكثر الطرق للأبواب أن يلج، سيأتي اليوم واللحظة التي يجمع الله تبارك وتعالى بينكما.

نسأل الله أن يقدر لك كل خير، وأن يوفقك لكل خير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • الجزائر tarek

    اكيد انها تحب احد اخر لا نقاش في هذا انا انصحك ان تستمر في حياتك و شوف فتاة غيرها

  • رومانيا فيضل

    دورغيرها

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً