الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أريد أن أقوي علاقتي بخطيبتي وأكثر من زيارتها

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أرجو التمعن في استشارتي لعلي أجد حلاً شافياً، وجزاكم الله خير الجزاء.

خطبت إنسانة مهذبة، وعلى خلق، منذ نحو 10 أشهر، وإن شاء الله أنوي الزواج بعد 4 أشهر، علاقتي بخطيبتي علاقة طيبة، أزورهم في البيت تقريباً مرة كل أسبوع، وأجلس معها أحياناً بمفردنا، وأحياناً مع أهلها ونتحدث في أمور شتى مثل البيت والأثاث، وأشياء أخرى كثيرة، ونتحادث هاتفياً مرة تقريباً كل أسبوع، وأهلها على علم بذلك.

منذ أيام أخبرتني خطيبتي بأنها لا تريد أن يكون هناك زيارات لهم إلا عند الحاجة، ولا محادثات هاتفية إلا عند الضرورة؛ لأن ذلك محرم بيننا، فأخبرتها بأن رأيها سديد، ولكن نحن لا نكون في خلوة؛ لأن أهلها تقريباً يجلسون معنا معظم الوقت، وكذلك المحادثات الهاتفية تخلو مما يغضب الله، فلم تسمع لكلامي، وصممت على رأيها، فقلت لها: إذن لماذا لا نعقد؟ فترددت كثيراً، ثم وافقت.
أنا أعرف أنها تخاف أن يحدث مشاكل بعد العقد، وينتهي الموضوع -لا قدر الله- بالطلاق، من داخلي أنا متمسك بها لأبعد الحدود، فأنا بصدق أحبها، وأعلم أنها تبادلني نفس الشعور.

بعد هذا الكلام أشعر بفتور في علاقتي بها، فأنا لا أراها ولا أكلمها، وعندي إحساس كبير بأن والدها لن يوافق على العقد إلا قبل الدخول بأيام، وأنا أريد أن أعقد كي يكون دخولي المنزل ومحادثتها شيئاً مباحاً لي ولها، وليس بغرض الاستمتاع الذي أرى تأجيله لما بعد البناء، وفقاً للعرف السائد.

هل أنتظر هذه الأربعة أشهر دون زيارات أو محادثات هاتفية؟ وأرى أن أهلي سيسألون عن سبب ذلك فلا أعرف كيف أجيبهم، وأنا أخاف من حدوث مشاكل قد تؤدي إلى فسخ الخطبة.

هل أتوكل على الله، وأحادث أباها في موضوع العقد؟ وإن رفض فما العمل؟ أرجو الإجابة ورأي ذوي الخبرة في هذه الأمور.

ولكم جزيل الشكر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ مازن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحابته ومن ولاه.

إنا نشكر ابننا -مازن- حرصه على أن تكون العلاقة مع زوجة المستقبل محكومة بضوابط هذا الشرع الذي شرفنا الله تبارك وتعالى به، ولا يخفى على ابني الكريم والأبناء الكرام أن الخطبة ما هي إلا وعد بالزواج، لا تبيح للخاطب الخلوة بمخطوبته، ولا الخروج بها، ونحن أيضًا لا نفضل كثرة التوسع في الكلام وفي العلاقات، وفي الزيارات، لأن هذا يجلب الملل، وكذلك ليس في مصلحتهما أن تكون هناك جرعات عاطفية كبيرة فترة الخطبة، لأن هذا خصم على السعادة الزوجية في المستقبل.

إذا حصلت الموافقة ووجد الميل من الطرفين، وتمت الموافقة بين الأسرتين، فهذه نعمة من الله تبارك وتعالى، بعد ذلك ينبغي أن نعجل في إتمام مراسم الزواج.

قد ذكرت أنك كنت تزور هذه المخطوبة بعلم أهلها، وفي حضورهم إذا كانوا موجودين، فهذا لا مانع، ولكن الظاهر أنك أحيانًا كنت تجلس معها على انفراد، ولا يخفى عليك أن كثيراً من الآباء والأمهات يصابون بالقلق والاضطراب عندما تحدث مثل هذه الزيارات، ومثل هذه العلاقات، ومن حقهم أن يخافوا - إذا تكلمنا عن مشاعر الأسرة – فلهم بنات يريدون أن يحافظوا عليهنَّ.

حقيقة ما ذكرته المخطوبة هو الصحيح بأن تكون الزيارات في الأوقات المناسبة، وعند الضرورة، وعند الحاجة لذلك، ومع حضور أحد من محارمها، حتى لا تقع خلوة، وكذلك مسألة المكالمات، ينبغي أن تكون عندما تحتاج إليها، وما حصل منها لا يحتاج إلى تدخل أطراف أخرى، ولكن من الحكمة أن تقلل من الزيارات، هي لم تطالب بمنعها ولكن تريد أن تكون قليلة، وحتى يطمئن الجميع عندما تزور أيضًا ينبغي أن يكون ذلك بحضور أهلها وبعلمهم، لأن هذا جانب غاية في الأهمية، ويبدو دائمًا في مثل هذه الأحوال أن الأسرة تنزعج خاصة إذا كان عندها بنات أخريات، إذا كان هذا مخالفاً لتقاليد المجتمع عندهم، وهذا قطعًا إذا كنت تجلس في مكان منفصل بعيداً عنهم مخالف للشرع أيضًا، لأنها لا تزال أجنبية، وكم من شاب خطب فتاة ثم تركها بعد ذلك، بعد أن ذهب بأسرارها، وربما ذهب بأغلى ما عندها بكل أسف.

إذن أنت لا بد أن تقدر هذه المشاعر، تقدر هذه المخاوف، وتتعامل مع الأمر بحكمة وحنكة، بحيث يكون الكلام في مأمن في الأمور المعروفة المقبولة شرعًا، وكذلك يكون هذا الكلام قليلاً أيضًا.

الأمر الثاني: إذا أردت أن تزورها ينبغي أن ترتب للزيارة وتراعي فيها أعراف الناس، والمقبول والمرفوض عندهم.

أما فكرة تقديم العقد فهذه فكرة صائبة وصحيحة، لكن ينبغي أن تدرك أيضًا أنه بعد العقد أيضًا سيظل جزء كبير من المخاوف موجوداً، لأن العبرة بعد العقد بالدخول وبتأريخ ذلك الدخول وبتحديده، لأنه أيضًا رغم أنها في النهاية زوجة لك من الناحية الشرعية لكن الإسلام يهتم بمسألة الخلوة الشرعية، ومسألة الزفاف، وإعلان الزواج، وإعلان توقيت الزواج، هذه من الأمور المهمة جدًّا التي ينبغي أن تراعى.

دائمًا الأفضل أن يكون العقد وبعده مباشرة الدخول، وقبل ذلك -الحمد لله- طالما حصل التوافق وتشعر أن الفتاة مناسبة لك وهي تشعر أنك مناسب لها، وحصل توافق بين الأسرتين، فالأشهر الأربعة المذكورة في الحقيقة هي قليلة، ويمكنك الصبر فيها، وهي قالت إذا كانت هناك أمور ضرورية فلا مانع من الزيارة، ولا مانع كذلك من المهاتفات، وأفضل أن تدخل أسرتها أو والدها في الموضوع، وإذا كان لها شقيق في سنك فيمكن أن تتفاهم معه فيما حصل، وأيضًا تعرف أسباب هذا الذي حصل إذا كان منها أو من غيرها، تعرف ما الذي يضايقها؟ ولماذا كان هذا القرار؟ لكن الذي يراجع السؤال يلاحظ أنك ذكرت أنك كنت تخلو بها – أحيانًا – بعيدًا عن أهلها، وهذا لا يجوز للخاطب أن يفعله، لأن المخطوبة لا زالت أجنبية، والخطبة ما هي إلا وعد بالزواج، كما مضى معنا، لا تبيح للخاطب الخلوة بالمخطوبة، ولا الخروج بها.

أما ما توقعت من رفض الأب لتقديم الزواج فهذا أظن أنه لا يؤثر على القضية، طالما وجد التفاهم بينكم، فالعبرة بالفتاة، العبرة بميلك إليها، فلا تظلمها لأجل أهلها، وهي أيضًا لا ينبغي أن تظلمك لأجل أهلك، لأنك في النهاية أنت تتزوج الفتاة، وهؤلاء الآباء والأمهات يُخطئون ويصيبون، ومن الحكمة كما قلنا أن لا يتدخل أهلك، وأن لا يتدخل أهل الفتاة إلا مع الضرورة لذلك، وأحسب أنك لن تضطر لذلك، لأن المسألة إذا كانت هناك ضرورة فيمكن أن تزور، إذا كانت هناك ضرورة يمكن أن تتصل ويمكن أن تناقش.

يفضل أيضًا أن تتصل على هاتف أخيها أو والدها، ثم بعد ذلك يعطيها الهاتف لتكمل معك، فإن هذا يزيل المخاوف إن وجدت، بحيث يكون الاتصال فعلاً عن طريقهم، وبعلم هذه الأسرة، وفي ذلك رفع للحرج عنك وعن الفتاة.

إذا سأل الأهل عن سبب ذلك فليس من الضروري أن تقول هي التي طلبت، ولكن تقول: (رأيت بأن هذه مخطوبة، ولا أريد أن أكثر الزيارات، وأريد أن أتفرغ لإعداد نفسي) يمكن أن تلتمس لذلك أسباباً أخرى، فليس من الضروري أن يُخبر الإنسان بكل ما يحدث، هذا أمر ينبغي أن تنتبه له أنت، وتنتبه الفتاة كذلك لمثل هذه المسائل، فعندما يسأل الأهل عن بعض الأمور ليس من الضروري أن يعرفوا مثل هذه التفاصيل، لأن تدخل الأهل غالبًا ما يكون سالبًا، فليس عندهم من العلم وليس عندهم الحكمة، وقد يحصل منهم أمور تؤثر على العلاقة وعلى مستقبلها.

نشكر لك اهتمامك بالسؤال، وسنكون سعداء بمعرفة أخبارك، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يقدر لك الخير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً