الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من الارتباك في بعض المواقف أمام الآخرين، فكيف أتخلص من ذلك؟

السؤال

السلام عليكم

أعاني في بعض المواقف من حدوث ارتباك وضيق في التنفس، ورعشة باليدين والشفاه، بالإضافة إلى عدم المقدرة على ترتيب الأفكار، على الرغم من أني لا أعاني مشاكل اجتماعية مثل تلك التي أقرأ عنها في موقعكم، فأنا أتواصل مع الآخرين بشكل جيد، لكن هذه الأعراض تظهر في مواقف معينة، مثلا عند مقابلتي أو حديثي مع أحد المدراء الكبار بعملي، أو عند إجراء مقابلة توظيف؛ مما كان له تأثير سلبي كبير على تطوري الوظيفي.

وقد تم ترشيحي مؤخرا للقيام بعرض بحث قمت به بالاشتراك مع بعض الزملاء، حيث سيكون العرض خلال واحد من المؤتمرات الكبيرة، وأمام حشد كبير من المختصين، وعلى الرغم من أني قمت بعمل عرض لهذا البحث من قبل في عملي أمام عدد من الزملاء، إلا أنني في حالة ارتباك شديدة وتردد، وأفكر أحيانا في التقدم باعتذار لإجراء هذا العرض، وأشعر أن ما سبق الإشارة إليه من أعراض سوف تنتابني خلال تقديمي للبحث.

ونظرا لضيق الوقت، حيث من المقرر إقامة العرض بعد شهر من الآن، فإنني أتمنى أن أجد لديكم حلا لهذه الأعراض، وأتمنى لو تصفون لي دواء يمكن أن يؤخذ قبل العرض بقليل، بحيث يقلل أو يمنع مثل هذه الأعراض.

وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ هيثم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بارك الله فيك وجزاك الله خيراً، ونشكرك كثيراً على تواصلك مع إسلام ويب.

هذا هو قلق المخاوف، وقلق المخاوف له عدة أنواع، ومنها ما يسمى بالرهاب الاجتماعي، والذي تعاني منه هو رهاب اجتماعي ظرفي من الدرجة البسيطة، الرهاب الاجتماعي ليس ضعفا في الشخصية، بل هو تجربة سلبية اكتسبتها قد تكون في الصغر، أو يكون الإنسان قد تعرض لموقف فيه شيء من التخويف، ولم يعره اهتماماً في لحظته.

أيها -الفاضل الكريم-: ما هو متعلم يمكن أن يتم إسقاطه ومحوه تماماً من خلال التعليم المعاكس، والتعليم المعاكس في حالة الخوف، يعني أن لا يخاف الإنسان من الأمور التي لا تستحق الخوف، وهذا يتأتى من خلال تصحيح المفاهيم، مثلاً الرهبة التي تأتيك عند مقابلة المدراء، لماذا لا تنظر إلى هذا المدير بأنه بشر مثلك؟! وكذلك ليس هنالك ما يميزه عنك أبداً غير وظيفته هذه، ولكن في نهاية الأمر هو بشر يأكل ويشرب وينام، ويذهب إلى بيت الخلاء، ويمرض، هكذا هي المفاهيم الصحيحة التي يجب أن يتحلى بها كل من يعاني من الرهبة الاجتماعية.

يجب أن لا نعظم الناس ونعطيهم هيبة كبيرة في هذه المواقف، نعم نحترم ونقدر وهذا من الأدب الجم، ولكن في نهاية الأمر يجب تصحيح مفاهيمك، وفي نفس الوقت أؤكد لك حقيقة أن معظم سمات الخوف الاجتماعية التي تتمثل في الشعور بالرهبة والخوف وربما التلعثم والرجفة وتسارع في ضربات القلب هي كلها مشاعر مبالغ فيها وليست صحيحة، ما عدا تسارع ضربات القلب، لأنه يأتي من خلال عملية فسيولوجية ناتجة من زيادة في إفراد مادة تعرف باسم الأدرينالين ووظيفة هذه المادة هي أن تحضر الجسم بأعضاء المختلفة للتحفز لمواجهة الموقف.

وهنالك مواقف تستحق أن يتحفز الجسم لمواجهتها عند الحروب مثلاً لكن قطعاً في المواجهات الاجتماعية العادية ليس الإنسان في حالة حرب، يجب أن يكون متحفزاً ومهيأ ومركزاً، ولكن ليس بالدرجة التي تجعله ينهار ويفقد مقدراته، إذن تصحيح المفاهيم مهم جداً، أيها الفاضل الكريم أنا أريد أن تتعالج من هذا الأمر حتى ينقطع.

بالنسبة للعرض الذي سوف تقدمه الحلول بسيطة جداً، هنالك دواء يعرف بـ أندرال، عليك بتناوله بجرعة (10) مليجرام صباحا ومساء يومياً لأسبوع قبل هذه المقابلة، وفي يوم المقابلة تناوله بجرعة (20) مليجرام ساعتين قبل العرض، هذا سوف يسيطر تماماً على الأعراض الفسيولوجية، وإن أردت أن تسيطر على الجانب القلقي أيضا تناول عقار آخر يعرف باسم فلوبنتكسول أو فلوناكسول، والجرعة هي نصف مليجرام صباحا ومساء، ثلاثة إلى أربعة أيام قبل العرض.

أما إذا أردت الدواء الذي يقتلع هذه المشكلة تمامًا -إن شاء الله- مع التطبيقات السلوكية فالدواء هو سيراكسات، والذي يعرف باسم باروكستين، وجرعته تبدأ من (10) مليجرام ويتم تناولها يومياً بعد الأكل وبعد عشرة أيام، ترفع الجرعة إلى حبة كاملة ثم بعد شهر ترفع إلى حبتين في اليوم، وهذه الجرعة العلاجية للمخاوف الاجتماعية أو أياً كانت درجتها تظل على هذه الجرعة العلاجية لمدة ثلاثة أشهر، وبعدها تجعلها حبة واحدة ونصف في اليوم لمدة شهرين، ثم حبة واحدة في اليوم لمدة خمسة أشهر، ثم تجعلها نصف حبة يوم بعد يوم لمدة شهر ثم تتوقف تمامًا عن تناول الدواء.

هذا فيما يخص العلاج الدوائي، وفيما يخص العلاج السلوكي تطرقنا لذلك، وأهم شيء هو تحقير فكرة الخوف والمواجهة والإصرار على المواجهة.

حالتك -إن شاء الله- بسيطة جدًا، ويا أخي الكريم هنالك نوع من المواجهات التي تطور من الناحية المهارية والاجتماعية بالنسبة للإنسان، وأن يكون أكثر قدرة على تخطي الخوف الرهابي في المواقف الاجتماعية من هذه الأنشطة، ممارسة الرياضة الجماعية، والانخراط في الأعمال الثقافية والخيرية، الصلاة دائماً في الصف الأول في الجماعة، وحضور حلقات التلاوة، زيارة الأرحام، بر الوالدين، تطبيق تمارين الاسترخاء.

هذه كلها وجدت أنها ذات قيمة علاجية كبيرة جداً للتخلص من جميع أنواع القلق والمخاوف خاصة الرهاب الاجتماعي.

بارك الله فيك وجزاك الله خيراً، ونسأل الله لك التوفيق والسداد.
------------
ولمزيد من الفائدة يمكنك الاستفادة من الاستشارات التالية حول علاج عدم القدرة على الحديث والتعبير سلوكيا: ( 267560 - 267075 - 257722 ).

ونشكرك على التواصل مع إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً